رئيس التحرير
عصام كامل

فوبيا الإقالة تطارد الحكومة.. رئيسها يديرها بـ«التي هي أسوأ».. ووزراؤها يحلمون بـ«الخروج الآمن».. زكي بدر يعيش أياما صعبة بعد إدراج اسمه ضمن قائمة المطاريد.. وفتنة «الإرجوت

المهندس شريف إسماعيل
المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء

 بعد ثورة 25 يناير 2011، بدأ منصب رئيس الحكومة يتخذ طابعًا أكثر قوة، غير أن تلك السنوات لم تدم طويلًا، حتى جاءت حكومة المهندس شريف إسماعيل، التي يعيش عدد من وزرائها، وتحديدًا بعد الإطاحة بوزير التموين السابق الدكتور خالد حنفي، ظروفًا نفسية صعبة، خوفًا من أن يلقوا مصير زميلهم السابق، وأبرز هؤلاء وزراء "الصحة، التعليم، التعليم العالي، التنمية المحلية، التموين، الزراعة واستصلاح الأراضي، السياحة"، إضافة إلى القلق الذي يعيشه أيضًا المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء بعدما ترددت أنباء قوية عن تجهيز الرئيس عبد الفتاح السيسي لشخصية تتمتع بالثقة لتولي المهام خلال الفترة المقبلة.


 الخوف من الإطاحة دفع هؤلاء الوزراء إلى التفكير ألف مرة قبل توقيع القرارات واتخاذها خوفًا من الثغرات التي كانت سببًا في رحيل وزراء آخرين، كما حاولوا تحسين علاقتهم بوسائل الإعلام والظهور في عدد من القنوات الفضائية بهدف تخفيف الضغط عليهم، كما سعى بعضهم أيضًا إلى الظهور بكثرة في وسائل الإعلام. 

  "شريف" الأكثر قلقًا
 المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، الأكثر قلقًا بين جميع الوزراء، لا سيما أن المعلومات التي تتردد تؤكد أن شمسه التي تعلو سماء "مجلس الوزراء" كادت أن تغيب لتشرق شمس جديدة، قادرة على مواصلة التحديات المستقبلية، لا سيما بعدما تسبب عدد من رجال رئيس الوزراء الحالي في إحراج مؤسسة الرئاسة ببعض القرارات غير المدروسة، وآخرهم وزير الزراعة عصام فايد الذي أحرج الحكومة مع روسيا فيما يتعلق بأزمة فطر الإرجوت في القمح الروسي المستورد، تلك الأزمة التي انتهت بالتراجع عن القرار حفاظًا على العلاقات والمصالح الممتدة بين القاهرة وموسكو.

 من جانبه نبه رئيس الوزراء أكثر من مرة بعد استقالة خالد حنفي، مراعاة ضبط النفس وعدم إثارة القلاقل والانتباه جيدًا للتصريحات التي يرددونها في وسائل الإعلام، كما أكد عليهم أهمية النزول للشارع والتعرف عن قرب على مشكلات المواطنين للعمل على حلها، للتعامل مع ما يتردد في الشارع بأن هذه الحكومة تدير الأمور "من مكاتبها"، وهو ما يؤثر في شعبيتها في الشارع، ويجعلها محل مقارنة مع حكومة إبراهيم محلب السابقة التي راهنت على النزول للشارع في كسب ثقة المواطن المصري.

وأوضحت المصادر أن رئيس الوزراء يعكف على تحسين العلاقة بين الحكومة ومجلس النواب من خلال مناقشة الأفكار التي تقدم بها النواب للحكومة، والبدء في تنفيذها لكسب ثقة البرلمان والرئيس، وهو ما يمثل، من وجهة نظره، حصن أمان لهذه الحكومة في مواجهة دعوات الإقالة والإطاحة التي بدأت تتردد في وسائل الإعلام والشارع.

ورجحت المصادر أن يُعلن عن تعديلات وزارية في أسرع وقت للتخلص من الوزراء الذين كانوا سببًا في تشويه صورة الحكومة، حتى يستمر المركب، ويكتب له النجاة من فيضان الإطاحة، وأكدت المصادر أن هؤلاء الوزراء هم وزراء "الأوقاف، والصحة، والتعليم، والتعليم العالي، والاستثمار، والسياحة، والزراعة واستصلاح الأراضي".

 "فايد" والأيام الصعبة
كل الشواهد والمعطيات داخل الديوان العام لوزارة الزراعة، أن الدكتور عصام فايد وزير الزراعة واستصلاح الأراضى يعيش أيامًا ربما تكون هي الأصعب في حياته، فالعزلة وعدم الرغبة في الاحتكاك بالآخرين تجنبًا للأخطاء، هي الفكرة المسيطرة على رأس الوزير الذي تولى مهمة إصلاح أكثر الوزارات فسادًا في الجهاز الإداري للدولة، وفقًا للاعتقاد السائد في الشارع المصري، وهي المسئولية التي جعلت تصرفاته بعد أزمة الصوامع، والقمح المستورد المصاب بفطر "الإرجوت" نابعة من إحساسه باقتراب خروجه من الوزارة بلا رجعة.

 سياسة "الباب المقفول"
"إغلاق الوزير باب مكتبه في وجه أي شخص عدا طاقم سكرتارية مكتبه الخاص ومدير قطاع شئون مكتبة الدكتور خالد الحسني".. واحدة من التصرفات التي التزم بها "فايد" حتى رؤساء القطاعات ومستشاره الإعلامي، لقاءاتهم معه تُعد على أصابع اليد الواحدة، وهو ما فسرته مصادر قريبة من الوزير بخوفه من الأخطاء لاقتناعه أن كثرة الكلام والاجتماعات توقع المسئول في أخطاء ربما لا يستطيع حلها فيما بعد.

في ذات السياق، أوضحت مصادر، داخل الديوان العام لـ"الزراعة" أن حالة الخوف من الاحتكاك بالرأي العام لدى الوزير جعلته يلغي سبع جولات ميدانية وست مؤتمرات صحفية كان ينوي إجراءها

 وزير الأشغال الشاقة
 من جانبه يحرص الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف على اصطحاب كاميرا التليفزيون المصري في كل تحرك، لتسليط الضوء على نشاطه، وتوجيه رسائل للرأي العام مفادها أنه وزير أشغال شاقة، وليس من هواة الجلوس في المكاتب المكيفة، كما حرص الوزير على الظهور بقوة في الساحة الإعلامية بعد هجمات شرسة تعرض لها منذ الإعلان عن الخطبة المكتوبة التي نجح شيخ الأزهر في إجهاضها.

مختار جمعة يحاول اكتساب ثقة الرئيس بالادعاء بالسيطرة على المساجد، وتجديد الخطاب الديني والحفاظ على أموال الوقف، إلا أن تحركات وزير الأوقاف وصفها البعض بالمتأخرة، وأنها كان يجب أن تتخذ منذ فترة طويلة، وأرجعوها إلى تخوف مختار جمعة من الإطاحة به في التعديلات الوزارية المرتقبة.

كما حاول سد ثغرة المجاملات التي تتم في إيفاد الأئمة للخارج بتشكيل لجنة عليا للإيفاد الدائم، لا سيما بعد تقارير رقابية كشفت عن المجاملات والفساد في هذا الملف، إضافة إلى قراره بتنظيم امتحانات للأئمة والموفودين للخارج كشرط للترقية.

 شعار "عماد الدين"
أما متابعة طريقة إدارة الدكتور أحمد عماد الدين، وزير الصحة والسكان، لوزارته فتؤكد أنه يعمل في موقعه الوزاري وفقا لشعار "امشي عِدل يحتار عدوك فيك"، بعد التضحية بالدكتور خالد حنفي وزير التموين السابق إثر أزمة توريد القمح، حتى إن الوزير يفضل عدم الظهور في وسائل الإعلام خوفًا من زلة اللسان، وحتى لا يدخل في أزمات جديدة تضاف إلى سجل الأزمات السابقة، والتي تعد قضية رشوة أحد مستشاريه أبرزها.

وزير الصحة لم يعد يدعو الصحفيين لمؤتمرات صحفية أو حضور جولاته بالمستشفيات، ويفضل عدم اتخاذ القرار إلا بعد العرض على رئيس الوزراء المهندس شريف إسماعيل، لتحصين نفسه وقراراته، كما لجأ الوزير إلى الاستعانة بالنقابات المعارضة للتغلب على الخلاف مع نقيب الصيادلة.

ملفات الصحة المملوءة بالمشكلات، جعلت "عماد الدين" لديه خوف من مصير أي وزير يتم إقالته، نظرًا لأن الخدمة الصحية لن يرضى عنها المواطن والمريض المصري، فضلًا عن مستوى الخدمة الطبية المقدمة بأغلب المستشفيات الحكومية العامة لا يرقى للمستوى الآدمي.

 "حركة" زكي بدر
ووفقًا لتأكيدات مقربين من وزير التنمية المحلية الدكتور أحمد زكي بدر فإن الأخير يعيش أيامًا صعبة، خوفًا من الإطاحة به، ويحاول كسب ثقة القيادة السياسية بالتحضير لأكبر حركة محليات موسعة لضخ دماء جديدة، وتعيين 249 قيادة ما بين رئيس حي ومركز ومدينة وسكرتير عام.

كما يكثف وزير التنمية المحلية هذه الأيام جهوده مع المحافظين للاستعداد لموسم الشتاء لعدم تكرار ما حدث في بعض المحافظات، لا سيما الإسكندرية والبحيرة العام الماضي، فضلًا عن استعداداته للانتخابات المحلية وإطلاق الضوء الأخضر للمحافظين للاستعداد لها لإجرائها نهاية العام الجاري.

كما بدأ وزير التنمية المحلية في تحسين علاقاته مع موظفي الديوان الذين ثاروا ضده الفترة الأخيرة بسبب قراراته التعسفية، حيث أصدر تعليماته لمستشاريه بالجلوس معهم ودراسة مطالبهم.

 الوزير المفلس  
 أما زير السياحة يحيى راشد فاضطر إلى تغيير سياسته بعد الإطاحة بوزير التموين، لا سيما أن سياسته كانت تعتمد على الصمت خوفًا من الخطأ، خاصة أنه تعرض لانتقادات لاذعة منذ أن أعلن عن خطة «6 x6»، التي فشل في تحقيق أهدافها، وهو ما وضع اسمه ضمن قائمة الاستبعادات في التعديلات الوزارية المرتقبة.

 "راشد" حاول في الآونة الأخيرة التقرب لوسائل الإعلام والظهور ببعض القنوات الفضائية وبرامج التوك شو للدفاع عن سياسته، بعد اتهام العاملين بالقطاع السياحي للوزير بأنه لم يتدخل بالإعلان عن أي مبادرات لتنشيط السياحة، كما أخذوا عليه عدم الاستجابة للمستثمرين بالقيام بحملات تسويقية للمقاصد السياحية المصرية في الأسواق الأوروبية التي تشهد انخفاضًا شديدًا في السياحة، حتى أطلق عليه "الوزير المفلس".

 من جانبه يحاول وزير السياحة تغيير سياسته من العصبية والنرفزة في التعامل مع العاملين في الوزارة، مما أثار دهشتهم، إضافة إلى أنه لجأ إلى حيلة وضع علامة "صح" و"غلط" على القرارات بدلًا من الموافقة وإسناد الموافقة لرؤساء القطاعات للهروب من المسئولية.

"نقلًا عن العدد الورقي بتصرف.."
الجريدة الرسمية