رئيس التحرير
عصام كامل

«بطولات لا تنسى» صفحات من سجلات بدو سيناء ودورهم في حرب أكتوبر

أصغر مجاهدى سيناء
أصغر مجاهدى سيناء الأن

في الذكرى الـ43 لانتصارات حرب أكتوبر 1973 التي انتصر فيها أبطال القوات المسلحة ودفع العديد من المصريين دمائهم ثمنا لاسترداد أرضنا الحبيبة "سيناء" من الاحتلال الإسرائيلي الذي احتل أرض الفيروز لمدة 6 سنوات منذ نكسة يونيو 1967 تكشف "فيتو" في السطور التالية قصصا جديدة عن أبطال حرب أكتوبر التي سطرها البدو المصريين بجنوب سيناء.


أصغر المجاهدين
"الشيخ سلام بن جازى التربانى" ويبلغ من العمر الـ60 عاما الآن يقيم بمدينة رأس سدر شيخ بدو قبيلة التربانى المصرى الأصيل يقول عن حرب 1973: كنت أبلغ الـ17 عاما وتركت التعليم وتطوعت في صفوف الجيش لأحارب العدو، وذلك فور احتلال سيناء عام 1967.

وتابع: أردنا أن نثبت للعالم أجمع وطنية أبناء سيناء في الكفاح ضد الاحتلال وإثبات حق المصريين في أرضهم فكان رفضنا للاحتلال هو الدافع الرئيسي وراء انضمامنا لرجال القوات المسلحة "فالمال والأرض والعرض" هي الحياة فمن فقد أرضه فقد عرضه فالأرض هي التي تكن الزوجة والأبناء والأهل وسترهم، وتلقينا تدريبا على يد المخابرات الحربية والاستطلاع على أحدث الوسائل العلمية لرصد ومراقبة تحركات العدو الإسرائيلي وأماكن تواجده ومخازن المعدات بكل أنواعها والمؤن والأسلحة والذخيرة.

دور البدو
وروى الشيخ جازى، أنه كان ضمن قوات الاستطلاع للقوات المسلحة، والتي التحمت مع البدو عام 1968 وأطلقوا منظمة "سيناء" تحت قيادة قوات الاستطلاع وكانت تتعامل مع العدو فترة الاستنزاف حتى جاءت حرب 1973 التي خطط لها الزعيم محمد أنور السادات الرجل الذي قال عنه الأجانب "لم تلده امرأة عربية" لاعتقادهم كيف يكون عربيا ويخطط مثل هذا التخطيط، فكان يعمل في سرية تامة، ولا يأخذ سوى رأى المخابرات المصرية "العين التي ترى وتخطط" و"بدو سيناء الذين كانوا يرسلون المعلومات، حيث تم تعريفنا بأنواع المعدات العسكرية من خلال مشاهدة صورها بالإضافة إلى تدريبنا على الاحتفاظ بالمعلومات العسكرية في أذهاننا دون كتابتها وخصوصًا أن من بيننا من يجهل القراءة والكتابة.

وكانت المهمة الملقاة على عاتق مجاهدي سيناء وهى الدخول في عمق الصحراء خلف خطوط العدو في مناطق وسط سيناء والكونتيلا وحتى العريش مستقلين الجمال متخذين امتداد القبائل البدوية وأماكن تواجدها في مختلف أرجاء سيناء حجة للتحرك، وفور حصولنا على المعلومات نقوم باستقلال اللانش من مدينة أبورديس في مياه ساحل خليج السويس إلى منطقة الأتكه بالسويس لإرسال المعلومات التي حصلنا عليها إلى مكتب مخابرات السويس أو القاهرة أيهما أسهل في سرية التحرك وأهمية المعلومات.

دور أصغر مجاهدى سيناء بالحرب
وعن دور جازي قال: كنت مكلفًا بالاستطلاع خلف خطوط العدو خصوصًا في ممر متلا والجدى، ورصد تحركاتهم ومراقبتهم والإبلاغ عن المعلومات التي أحصل عليها فورًا.

وتابع: من الطريف أنه أثناء مراقبتي لتحركات العدو وجدت أن قوات الاحتلال يجهزون مواقع وهمية وكتائب هيكلية توضع في أماكن مختلفة من سيناء في النهار للتمويه في حين أن أماكن تواجد قوات الاحتلال في مناطق أخرى لكن يقظة رجال القوات المسلحة وأبناء سيناء هي ما جعلتنا نستهين بفكرهم العسكري الذي كنا نعلم محدوديته.

وكانت توجيهات المخابرات الحربية برصد المواقع العسكرية الصحيحة والإبلاغ عنها، وكان هناك مندوبون من رجال القوات المسلحة الأبطال "ضباط الخدمة الخاصة" يتم توجيههم إلى سيناء لرصد تحركات العدو ومناطق تواجدهم وأعدادهم فكانت مهمتنا مرافقتهم مرتدين الزى البدوى والتحدث باللهجة البدوية دون الافصاح عن شخصيتهم.

رجال لا يهابون الموت
وذكر جازى، أن المشير أحمد إسماعيل وزير الدفاع، قال إن من مسببات نصر أكتوبر خمسة وهي: "القيادة، القوات المسلحة، المخابرات الحربية، البدو أبناء سيناء الداعمين لنصر أكتوبر فهم المنظار الحقيقى للقوات المسلحة داخل وخلف خطوط العدو، وان رجال "القوات المسلحة" لا يهابون الموت فعند الاقتحام لم يذكر الموت فهم رجال لا يهابون ولذلك تحققق النصر بفضل الله".

تكريم مجاهدى سيناء
قال إنه تم تكريمنا من الرئيس الراحل محمد أنور السادات بهدف توثيق أمجاد وبطولات أبناء سيناء كما تم تكريمنا من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أشاد بوطنية أبناء سيناء ودورهم الوطنى في نصر أكتوبر حتى عادت سيناء إلى أحضان الوطن وما زال تكريمهم مستمرا بجميع الاحتفالات الوطنية فهم "أبطال لا ينسون".

حقيقة الحرب
وقدم جازى كل التحية إلى رجال القوات المسلحة والفريق صدقى صبحى وقائد الجيش الثالث الميدانى محمد عبدالله واللواء مدحت مدير المخابرات الحربية ولم ينسى في هذا اليوم العهد الذي أخذ أهالي سيناء على أنفسهم بأن يكونوا العين الصادقة الوفية لقواتنا المسلحة.

وأصر على أن يرسل كلمات طيبة من أعماق قلبه وأسدى النصيحة للشباب ولأبناء مصر بأن يضعوا حب وطنهم والقوات المسلحة داخل قلوبهم فهم من يحمونا ويحموا وطننا وعرضنا وأبنائنا.

وتابع بأنه لا الأفلام ولا البانوراما استطاعت وصف وذكر الحقيقة عن حرب أكتوبر على الطبيعة التي شاهدناها فقد ارتوت أرض سيناء بدماء شهدائنا، ويكفى أنها أكبر حرب ثانية بالعالم بعد الحرب العالمية، وأن مصر هي الدولة الوحيدة في الوطن العربى التي انتصرت ورفعت قواتنا المسلحة رأسنا عاليا.

وطالب كل المصريين بأن يقدروا قيمة الجندى المصرى الذي يعلم قيمة هذه الأرض وأن نقف خلف الجيش ونسانده وندعو له وأن نكون السد المانع من خلفه واختتم كلماته: "فلك الله يا مصر وتحيا مصر وتحيا القوات المسلحة".

ولم تقتصر قبيلة التربانى على أصغر مجاهدى سيناء، وإنما هناك العديد من الأبطال من البدو المصريين بسيناء ومنهم:
المجاهد السيناوي "هويشل حمدان" الذي توفى (22|1|2014) عن عمر يناهز الـ77عاما ومن أبناء قبيلة الترابين برأس سدر بجنوب سيناء وبطل من أبطال حرب الاستنزاف ضد الكيان الإسرائيلي على سيناء دمر العديد من مدرعات ودبابات الجيش الإسرائيلى في فترة الاحتلال.

حقنة للجنون
وقص أحد أقاربه، كيف كان البطل "هويشل حمدان" أحد ضحايا العدوان الإسرائيلي حيث تم أسره في 6 سجون وظل تحت قبضة الاحتلال الإسرائيلي بسجن "أبو سجل" و"العريش" و”غزة” و”اللد” و”القدس” و”تل أبيب” ثم تم حقنه بمادة كيميائية تسببت في فقدان ذاكرته وتسببت في جنونه لمدة 25 عاما وعاد إلى أرض الوطن بعد عناء.

سليمان العرادي

ولا ننسى دور أحد المجاهدين العظماء حيث ذكر نجله يوسف سليمان العرادى، أن والده الشيخ سليمان حامد مسلم أو سليمان العرادي من مجاهدي سيناء الأوفياء للوطن وتوفى في (2|2|1992) وشارك في حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973 وكان من الابطال القلائل الذين عملوا في خدمة مصر في فترة حرب أكتوبر لدحر العدو الإسرائيلي من سيناء الحبيبة وحضر تحرير أرض الفيروز "سيناء" وكانت إسرائيل قد عذبته في السجون أشد تعذيب لأنه تمسك بمصر وكان يحب هذا الوطن وترابه الغالى.

الأسرى المعتقلون بإسرائيل
وقال الأهالي بسيناء، إن هناك العديد من الأسرى القدامى الذين اعتقلوا وأسرهم بواسطة قوات خاصة في العام 1973 وانقطعت الأخبار عنهم منذ ذلك التاريخ حتى اللحظة ولم نعرف مصيرهم ولا تريد إسرائيل تحديد مصير هؤلاء الأسرى، وأنكرت وجودهم تمامًا وطالبت مصر إسرائيل قبل سنوات بتحديد مصير هؤلاء الأسرى.

كما أن الصليب الأحمر طالب في أوقات سابقة إسرائيل بالكشف عن معتقلي حرب 1969 و1973 من مصر ولكن دون جدوى حتى اللحظة، مطالبين بمساعدة المسئولين لعودة من ظل على قيد الحياة من الأسرى أو معرفة من انتقل إلى رحمة الله.
الجريدة الرسمية