رئيس التحرير
عصام كامل

قانون التعليم


يعد القانون رقم 139 لسنة 1981 والخاص بتنظيم العملية التعليمية واحدًا من أسوأ القوانين التى وضعت فى العهد السابق، فبعيدًا عن كونه موضوعًا بلا لائحة تنفيذية لمواده القانوينة، فهو يستحق وبامتياز لقب " صانع ديكتاتورية وزراء التعليم".


فلم يحدد القانون المعمول به منذ 1981 وحتى الآن مسئولية كل من إدارة المدرسة، والمعلمين، ولم يتطرق إلى شيء يخص الإدارة التعليمية، وكيفية اختيار قادتها، وترك ذلك كله ينظمه وزير التربية والتعليم، ولعل من أخطر جزئيات القانون ما نصت عليه المادة الثانية منه، ووفقًا لها، " يتولى وزير التعليم إصدار القرارات اللازمة لتنفيذ هذا القانون، وله بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم أن يصدر من الأحكام المؤقتة ما يقتضيه نظام الدارسة أو الخطط الدراسية أو مناهج الدراسة أو نظم الامتحان أو غير ذلك من الأحكام اللازمة خلال فترة الانتقال التى يحددها بقرار منه" .

ومعنى هذا أن الدولة تقر لكل وزير تعليم يأتى أن يتحمل مسئولية وضع المناهج، وخطط الدراسة وفقًا لما يراه مناسبًا، وكل بحسب هواه، فمن يرى أن تكون الثانوية العامة بنظام العامين فله ذلك، ومن يرى أن تكون أفضل لو كانت بنظام العام الواحد فله ذلك أيضًا، ومن يرى أن التعليم سيكون أفضل لو أعطيت للطلاب فى المرحلة الثانوية فرصة تحسين المجموع كما حدث مع الوزير الأسبق حسين كامل بهاء الدين، والذى قرر عام 1994 تمكين الطالب من إعادة الامتحان فى نفس المواد التى نجح فيها لخمس مرات حتى يستطيع الحصول على المجموع الذى يؤهله لدخول الكلية التى يريدها، وكان ذلك النظام واحدًا من فضائح الثانوية العامة المصرية التى لاتنتهى، وإذا جاء وزير آخر ورأى تغيير نظام متبع، أو حذف وإضافات مواد دراسية فله أن يفعل دون أن يجرؤ أحد على محاسبته، لأنه لم يفعل شيئًا سوى أنه نفذ نصوص القانون.

ولا يحدد القانون مدة ثابتة للسنة الدراسية فى المدارس بل يتركها تخضع لحرية وزير التعليم الذى يحدد بقرار منه بعد موافقة المجلس الأعلى للتعليم مدة السنة الدراسية وعدد الدروس الأسبوعية فى كل مرحلة وصف، والمواد الدراسية، وتوزيع الدروس على الصفوف، وإقرار المناهج، وعدد التلاميذ المقرر لكل فصل ونظم التقويم والامتحانات والنهايات الكبرى والصغرى لدرجات مواد الامتحان، ومواعيد امتحانات الشهادات العامة، ويجوز له بعد أخذ رأى المحافظين وموافقة المجلس الأعلى للتعليم إضافة بعض المواد الدراسية بحسب مقتضيات تطوير التعليم، أو وفقًا لاحتياجات البيئات المحلية .

والمجلس الأعلى للتعليم المذكور فى عدد كبير من مواد القانون، وتشترط موافقته على عدد من الإجراءات التى يتخذها وزير التعليم، هو وفقًا لنصوص القانون مجلس يترأسه وزير التعليم نفسه؟!

وفيما يتعلق بالمدرسين ونظام الأجور فى المدارس فكلها أمور لم يتعرض لها القانون، وكأنها خارج إطار العملية التعليمية، مما أدى إلى حدوث ازدواجية فى ذلك الجانب فى مدرسى التعليم الخاص والحكومى، حيث يخضع جزء من المعلمين فى المدارس الحكومية إلى القانون رقم 155 لسنة 2007 وتعديلاته بالقرار الجمهورى رقم 93 لسنة 2012، وجزء آخر مازال يخضع لأحكام القانون 147 الخاص بالعاملين المدنيين بالدولة، خاصة فيما يتعلق بالإداريين فى المدارس، أما معلمى التعاقد والأجر والحصة وغير ذلك من مسميات المعلمين المتواجدين حاليًا فى المدارس فالقانون الحالى لا يذكرها فى شيء.

كما أن القانون لم يذكر معلمى المدارس الخاصة فى شيء، ونصت المادة 56 منه على أنه " تخضع المدارس الخاصة لإشراف وزارة التربية والتعليم والمديريات التعليمية بالمحافظات - كما تخضع لقوانين العمل والتأمينات وذلك فيما لم يرد بشأنه نص خاص فيهذا القانون ".

بناءً عليه يخضع المعلمون العاملون فى تلك المدارس إلى قوانين تنظيم العمالة الخاصة فى الدولة، وهو ما يجعل مستوى عدد كبير من تلك المدارس أقل بكثير من المطلوب نظرًا لتعاقده مع معلمين غير متخصصين وغير أكفاء للتدريس للطلاب، كما أن تلك المدارس تجبر معلميها على التوقيع على استقالة مسبقة، لتخرج من أحكام قوانين العمل، دون أن يكون لوزارة التربية والتعليم وقوانينها أى دور فى حماية هؤلاء، الأمر الذى يدفعهم إلى أن يتعاملوا مع الطلاب باعتبارهم غنيمة يجب استغلالها لأقصى مدى فى الدروس الخصوصية، دون النظر لما يقدمونه من شرح فى أثناء الحصص الدراسية.

ولذلك فمن العار أن يستمر قانونا بهذا السوء فى العمل به، وهو غير صالح للتعديل بل يجب تغييره ووضع قانون جديد للتعليم يضم كل ما يتعلق بالعملية التعليمية، وتكون له لوائحه التنفيذية، ويوضع فيه وزير التربية والتعليم فى موضعه الصحيح كرجل جاء لتنفيذ سياسة موضوعة، لا يحيد عنها.

الجريدة الرسمية