رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس تحرير صحيفة «زمان» التركية : أردوغان يشوه مصر بميليشيات إلكترونية.. ويطعن فى السعودية

فيتو

  • النظام التركى يستعين بـ”أبو حنظلة” لتنفيذ المهام السرية
  •  الجيش التركى لن يسكت على إهانة أردوغان وسيوجه له ردا موجعا
  • قطر تنفذ خطة انسحاب تدريجى من التحالف مع تركيا
  •  «أردوغان» يسهم مع إيران في مخطط تقسيم المملكة
مشهد مرتبك تعيشه الدولة التركية منذ منتصف الشهر الماضى.. انقلاب الجمعة العسكري الذي باء بالفشل، مغلف بالأسرار ويبدو أن الأيام المقبلة سوف تكون حبلى بمفاجأة في الدولة العثمانية وللعالم أيضا.. فمن جهة يتهم الرئيس رجب طيب أردوغان، الصديق القديم “فتح الله كولن” أو الأستاذ كما يفضل أن يطلق عليه أتباعه بالتورط في التدبير للانقلاب.. في المقابل تقول “حركة الخدمة” التي يتزعمها “كولن” إن الانقلاب مسرحية افتعلها الرئيس بمعاونة جهاز مخابراته لبسط نفوذه على الدولة.

القارئ المصرى بشكل خاص والعربى بشكل عام يجلس في الصف الأول من قاعة عرض المسرحية مرتبكا لا يعلم مدى صدق هذا الطرف أو ذاك، فيما تنحاز شريحة لا يستهان بها إلى موقف الشعب التركى الموالى لزعيمه والذي انتفض للدفاع عنه أمام محاولة انقلاب عسكري فاشلة.

للوقوف على حقيقة المشهد وتشريحه على طاولة النقاش استضافت “فيتو” رئيس تحرير جريدة “الزمان” التركية “إسحاق أنجى”.. لاستجلاء الأمر والكشف عما يمكن أن تحمله الأيام المقبلة في مستقبل الدولة التركية من مفاجآت.


* في البداية طرحنا السؤال الملح.. الانقلاب العسكري في تركيا هو حقيقة أم تمثيلية؟
هناك شبهات حول الانقلاب لكن الطريقة التي تم بها ليست طبيعية، فالجيش التركى نفذ عددًا من الانقلابات خلال العقود السابقة بطرق متشابهة وسيناريوهات مكررة، لكن المحاولة الأخيرة كانت مختلفة فلم يحدث حالة قبض أو اعتقال لأى سياسي لا رئيس البلاد ولا رئيس الوزراء ولم يقع في قبضتهم أي محافظ أو مسئول، ليس هذا فحسب لكنهم حتى لم يحاولوا فعل ذلك، على عكس الطريقة السابقة في الانقلابات التي سبق أن شهدتها البلاد.

وهناك روايات كثيرة ومتعددة عن حقيقة الأمر، بينها أن “أردوغان” دبر المحاولة الانقلابية بطريقة مسرحية كى تفشل وتمهد له الطريق للسيطرة على الجيش، والإطاحة بقياداته، كما يريد دون خوف أو محاسبة تحت مسمى “الهيكلة” الذي أطلقه على رغبته الانتقامية، فهو منذ فترة كانت لديه رغبة التدخل في التشكيل العسكري، لكنه لم يكن يتمكن من ذلك بسبب القوانين التي تحجم دور الرئيس مهما كان اسمه طبقًا للدستور وتضع له سلطات محدودة.

* لكن هناك معلومات أخرى تتحدث عن دور خفى لطرف ثالث في التحريض على الانقلاب.. ما مدى حقيقة ذلك؟
الانقلاب كان محاولة من الجيش علمت بها المخابرات وباءت بالفشل فاستغلها “أردوغان” جيدا، كما أن هبوط طائرة الرئيس في قاعدة “أنجيرليك” الأمريكية وقت ساعات الانقلاب تضمن اتفاقات على بعض الأشياء أدت في النهاية لإنقاذ أمريكا لـ”أردوغان” لكن الأمر برمته محاط بالكثير من الشبهات فيما يخص وعى وترتيب من قاموا بالانقلاب قبل تنفيذ مخططهم الذي بدأ معدومًا خلال تلك الساعات.

* المناوشات بين أنقرة وأوروبا التي أعقبت الانقلاب هل يمكن القول إنها أنهت حلم الأتراك في عضوية الاتحاد الأوروبي؟
“أردوغان” حاليًا ليست له أي قيمة لدى الاتحاد الأوروبي، الذي يتمسك بتحقيق الديمقراطية في الدول الأعضاء والتزام الرئيس بحدوده دون تخطيها، الأمر برمته لم يكن حلما ولا هدفا له بل إنه استغل رغبة المواطنين في ذلك لحشدهم للتصويت له في الانتخابات السابقة ولكنه تخلى عن كل ذلك فور الوصول لما أراد تحقيقه.

* ما حقيقة ما يقال بشأن طلب “كولن” اللجوء السياسي لمصر؟
نحن كمواطنين نحب “كولن” وفرحنا بحديث الإعلام المصرى عنه، ويشرفنا أن تقبله مصر ضيفًا لديها، ولكن الأمر يرتبط بقراره الشخصى في ذلك الأمر، كما أنه ليس واضحًا حتى الآن هل سيتم إخراجه من الولايات المتحدة الأمريكية بناءً على تهم النظام التركى أم لا.

* على الصعيد المصري.. لماذا يصر أردوغان على التطاول على نظام الرئيس عبدالفتاح السيسي؟
“أردوغان” وصل للقمة، وباع جميع من كانوا حوله ومن بينهم جميع مؤسسى حزب العدالة والتنمية، ولكن أعداؤه خلال الثلاث سنوات الأخيرة أصبحوا أصدقاءه والعكس، دون أن يعرف أحد سبب ذلك.

“أردوغان” ينفذ أي شيء يعليه في المناصب، قمع الإعلام، التطاول على رؤساء الدول الأخرى، كما أنه يحرض الإعلام التركى لنقل صورة خاطئة عن الواقع في مصر ويصورونه على أنه دائمًا في حالة حرب داخلية.

الرئيس عبد الفتاح السيسي لم يرد حتى الآن على سباب أردوغان بكلمة واحدة لأن رؤساء الدول يجب أن يتسموا بالاحترام في أحاديثهم للعامة، والأزمة في تخبط تصريحات أعضاء الحكومة التركية حول العلاقات مع مصر هي أنهم يصورون ثورة 30 يونيو على أنها انقلاب، متعمدين طريقة “غسيل مخ” المواطنين الأتراك، والحل لتلك الصورة المغلوطة التي ينقلها النظام التركى عن مصر هو إنشاء وسيلة إعلامية مصرية تصدر باللغة التركية، تنقل للأتراك الأنباء بشكل صحيح دون زيف لإعلامهم بحقيقة الأوضاع في مصر والتي تخالف ما ينقل عنها داخل تركيا.

* أذيعت أنباء عن نصيحة وجهها “كولن” لأتباعه باتباع نهج سيد قطب.. ما مدى حقيقة ذلك؟
هناك 6 آلاف شخص في تركيا –ميليشيات إلكترونية- تجندها السلطات لتضليل الرأى العام، ومنهم متخصصون بالدول العربية يتكفلون بنشر الأخبار الكاذبة التي تتضمن تهما لمن يعارض أردوغان كاعتبار “كولن” جاسوسًا للولايات المتحدة الأمريكية.

* هل تعد تلك التهم التي توجهها للنظام مؤشرًا على نية “أردوغان” في التخلى عن الإخوان مستقبلا؟
نعم، فـ”أردوغان” يتحدث حسب الظروف ويؤيد أطرافًا بعينها مرة ثم يعود مرة أخرى لمعاداتها حسبما تتحقق من خلاله مصلحته الشخصية.

* اتهم البعض النظام التركى بحشد “داعش” وعناصر جهادية أخرى للتصدى للجيش؟
“أردوغان” تربطه علاقة قوية مع تنظيم داعش الإرهابي، وهو أحد أبرز أسباب عدم الاستقرار بالدولة، فهو يمدهم بالسلاح والمعلومات، وهى تهم لها أدلة مادية ملموسة جميعها أمام الأمم المتحدة للتحقيق فيها بعد أن قدمتها روسيا للمنظمة الأممية موثقة بالصور.

وما يقطع الشك باليقين في هذا الملف، إفراج قوات الأمن في وقت سابق عن “أبو حنظلة”، رئيس تنظيم “داعش” في تركيا، وإطلاق سراحه، وتحول “أبو حنظلة” لزعيم مافيا في الدولة تحت عين السلطات، هو صديق مقرب لأردوغان في الوقت الحالى ويعد ذراعًا خفية لتنفيذ المهام العسكرية بعيدًا عن الجهات الأمنية.

* هناك من يقول إن أردوغان يتجه لتكوين جيش موازٍ من العناصر الإسلامية.. ما مدى صحة الأمر؟
بالطبع هناك الآن ما يشبه “الجيش الموازي” يعمل لصالح الرئيس ونظامه، في شكل ميليشيات خارج سلطات الجيش والشرطة، وهم أفراد مسلحون لديهم كل الحقوق في اقتحام المنازل وإلقاء القبض على من يريدون دون إظهار هوية أو تصاريح قانونية لأفعالهم، ويسبقون قوات الأمن إلى الهدف المحدد للترويع وتتحرك الشرطة عقب انتهاء مهتهم لإضفاء الشرعية على وجودهم في الأماكن المعنية.

* هل قرار حل الحرس الرئاسى مقدمة لإدخال تلك الميليشيات كبديل؟
نعم أظنها كذلك.

* ما حقيقة العلاقات التي تربط قطر بتركيا وتدفع الأمير تميم للدفاع طوال الوقت عن نظام “أردوغان”؟
هناك سيناريوهات كثيرة بينها اشتراكهما في دعم وتمويل تنظيم “داعش” الإرهابى كما يقول البعض، لكن الأوضاع الآن بدأت تتغير، حيث بدأت الدوحة في سحب نفسها تدريجيًا من أنقرة، خوفًا على استثماراتها المالية وعلاقاتها بالمملكة العربية السعودية التي ترغب في الحفاظ عليها.

* وهل يمثل “أردوغان” خطرًا على السعودية؟
ملوك السعودية السابقــون كانوا لا يحبون “أردوغان” بسبب طموحه في تولى خلافة المسلمين، وبما أن السعودية لديها الكعبة وقبر الرسول فهم يعتبرون ذلك الحلم ندًا لهم، وإذا لم تنفصل السعودية عن “أردوغان” حاليًا فستتعرض هي ذاتها لخطر التقسيم الداخلي، فهو يطعنهم في الظهر بعلاقات إستراتيجية مع إيران ولا يتورع عن التحرك ضدها لأجل مصالحه الشخصية.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لــ "فيتو".
الجريدة الرسمية