رئيس التحرير
عصام كامل

نينورتا باهنو.. لاجئة سورية تفوز بلقب «ملكة النبيذ»

فيتو

بعد ثلاث سنوات ونصف من لجوئها إلى ألمانيا تُوجت اللاجئة السورية نينورتا باهنو بلقب "ملكة النبيذ" في مدينة ترير. من تكون هذا الملكة؟ وكيف أصبحت إلى ما صارت عليه اليوم؟ وإلى أين ترنو؟

الزمان: مساء أمس الأربعاء، الثالث من أغسطس. المكان: منصة في الهواء الطلق في مدينة ترير في جنوب غرب ألمانيا. المكان يعج بالكثير من الناس: ساسة محليون، صحفيون، طلاب، "ملكات نبيذ" سابقات، رجال ونساء، مواطنون ألمان ولاجئون، وغيرهم. الصحفيون يجهزون كاميراتهم ويتأكدون من أنها على ما يرام. العيون مشدودة إلى المنصة تنتظر خروج نجمة الحفل.


أعصاب المنظمين مشدودة ويبدو على وجوهم التوتر، فقد تأخرت الملكة العتيدة. هل فعلتها عمدًا لتشعر المنتظرين بقيمتها؟ يشرح أحد المنظمين سبب التأخر: نجمة الحفل لم تفرغ من عملها بعد.

وأخيرا تطل اللاجئة السورية، نينورتا باهنو، بقدها المياس وشعرها الأسود المسافر باستمتاع وسرور على كتفيها وعلى القسم العلوي من فستانها البرتقالي الطويل. تسلم ملكة النبيذ للعام السابق، ساندرا روت، نينورتا باهنو تاج "ملكة النبيذ".

ومن ثم تلقى نينورتا كلمة مقتضبة. وترفع في ختام الكلمة كأس نبيذ وتطلب من الجمهور شرب نخب العيد الـ68 لمهرجان النبيذ.

من القامشلي في شمال شرق سوريا إلى ترير في جنوب غرب ألمانيا

فرت نينورتا، ذات الـ26 ربيعًا، وشقيقتها فاديا من مسقط رأسيهما، مدينة القامشلي في شمال شرق سوريا، قبل ثلاث سنوات ونصف. قبل أن تبدأ الحرب بأكل الأخضر واليابس والبشر والحجر في سوريا، كان يقطن المدينة خليط فسيفسائي من الكرد والعرب والآشوريين والسريان، ومن المسلمين والمسيحيين وأقليات أخرى.

درست نينورتا، المسيحية الآرامية، الحقوق في سوريا. غير أنه لم يتم الاعتراف بهذه الدراسة هنا وتوجب عليها أن تبدأ من الصفر. "فقدت كل شيء ويتعين على البدء من جديد"، تقول نينورتا لـ DW. لكن الحظ لم يتخل عنها كليًا، فقد بدأت منذ فترة قريبة بتدريب مهني في "مركز العمل" في مدينة ترير، التي يزيد عدد سكانها عن 100 ألف بقليل.

تشعر نينورتا بالسعادة في المدينة، إذ قالت في كلمتها في حفل تتويجها: "في ترير وجدت وطنًا جديدًا وأناسا لطيفين مستعدين للمساعدة".



"ملكة نبيذ" ترير... وربما قريبًا "ملكة نبيذ ألمانيا"

بعد وصولها إلى ألمانيا شرعت نينورتا في تعلم اللغة الألمانية. ونجحت في ذلك بشكل ممتاز، ما مكنها من إلقاء كلمتها في حفل التتويج بلغة ألمانيّة جيدة ومفهومة. بعد إجادتها الألمانية أخذت بمساعدة اللاجئين الواصلين بعدها إلى المدينة بالترجمة وبتدبير شئونهم. وبينما كانت العام الماضي تُترجم لبعض اللاجئين في مهرجان النبيذ، لفتت نظر أحد المنظمين، بيتر تيرقس.

تجرأ بيتر وفاتحها بالسؤال: "ألا تريدين أن تصبحي ملكة للنبيذ؟". ابتسم لها الحظ من جديد وفازت بلقب "ملكة النبيذ". وبات تمثيل المدينة ونبيذها عبئا على كأهل نينورتا. وعن ثقل المسئولية قالت الملكة السابقة، ساندرا روت في حديث لـDW: "أصبحت ملكة النبيذ عنوانًا لمدينة ترير".

ستمثل نينورتا مدينة ترير في "مهرجان النبيذ الألماني" هذا العام، الذي سيقام في نهاية الأسبوع الثاني من شهر أكتوبر/ المقبل. ينظم "معهد النبيذ الألماني" DWI ومقره مدينة ماينس، الحفل السنوي لاختيار "ملكة نبيذ ألمانيا". وقد نُظم المهرجان للمرة الأولى عام 1931. ويتنافس على لقب هذه السنة 13 ملكة يمثلن مناطق زراعة الكرمة وصناعة النبيذ في عموم ألمانيا.

سفيرة للاندماج...بنوايا حسنة
ملف اللاجئين ومسألة إدماجهم في المجتمع الألماني على كل لسان في ألمانيا. الطالب السوري، المنحدر من نفس مدينة نينورتا، القامشلي، فخور بابنة بلده.

وعلق الشاب، ذو الـ27 ربيعًا الذي حضر حفل التتويج، على تصرفات بعض اللاجئين السوريين قائلًا في تصريح لـDW: "لا يتصرف السوريون في ألمانيا بشكل جيد دائمًا".


ترى الألمانية كاترين التي تحرص على حضور المهرجان منذ سنوات أن وقوع اختيار المنظمين على نينورتا كـ "ملكة للنبيذ" "أمر خارج عن المألوف؛ إذ إنه من المعروف أن المنظمين محافظون جدًا. جاء هذا الاختيار مفأجاة سارة للجميع".

تعي نينورتا جيدًا معنى أن يكون المرء لاجئًا إذ تقول: "كلاجئة، أعرف صعوبة الاندماج في بلد جديد. يتعين على المرء فهم القوانين والعادات والتقاليد قبل كل شيء". وفي كلمة التتويج عبرت نينورتا عن فرحتها وسعادتها بأن تكون "سفيرة للاندماج".

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية