رئيس التحرير
عصام كامل

صلاح جاهين يكتب: «مفيش أحسن من بلدي»

فيتو
18 حجم الخط

في مجلة «صباح الخير» عام 1966 كتب صلاح جاهين مقالًا قال فيه: هل من الأفضل أن نجعل أوروبا مثالًا يُحتذى به ونحاول الوصول إلى مستواه، مع ما في ذلك من خطر فقدان الذات والشعور بالنقص والتعرض للوقوع في براثن الاستغلال والاستعلاء من الآخر، أم أن الأفضل هو أن نقول بلا أمريكا، بلا أوروبا مفيش أحسن من بلدي؟


 وعلى رأي أغنية سيد درويش القديمة «سالمة يا سلامة»، وأن تهوِّن من شأن ما يحدث في أوروبا، وتتهمها بأنها تنهار وإن إحنا أجدع ناس، بقصد رفع روحنا المعنوية، وبعث الثقة بالنفس مرة أخرى فينا، مع ما في ذلك من انغلاق وانطواء وحرمان من التعرف على التجربة الإنسانية في أقصى مراحل تطورها.

 كنا نسير مرة في شوارع بلجراد أنا والشاعر صلاح عبد الصبور ولا نتعب أبدًا من المناقشة في هذا الموضوع، ولم يكن أحدنا ليتبنى طرفًا متناقضًا للآخر، وإلا لهان الأمر.

 لكنا كنا معًا نقف حائرين أمام هذين الاعتبارين، نظل نوازن بينهما بلا ملل، مثلنا مثل أولئك الفلاسفة المفلسين القدامى الذين كانوا ينفقون القرون لا الأعوام في مناقشة قضية الجبر والاختيار.

 صحيح أننا قضينا وقتًا طويلًا في يوغوسلافيا، وبذلنا مجهودًا كبيرًا لنحرر عقولنا من كل ما هو أوروبي، ولكن هل نستطيع الآن محتفظين بكرامتنا واستقلالنا وروحنا أن نرفع هذا الشعار وهو اللحاق بأوروبا؟

 ربما لو أننا رفعنا هذا الشعار لتحقق لي حلمي في أن يكون في فاقوس بالشرقية أو شبين مثلًا اتحادا للأدباء، وأدباء تُترجم أعمالهم إلى لغات العالم.

 كما أودعت معاني الشعر في ثوب من الزجل، وقد نظمت كثيرًا من القصائد في البحر فقلت:

 إليك يا بحر أسرار وإعلاني .. فاسمع شكاة حزين القلب أسوانٍ
 ففي مداك اتساع لست أعرفه .. في صدر أي حليم بين إخواني
الجريدة الرسمية