رئيس التحرير
عصام كامل

أعطوا الأجير حقه.. ليلقى الفساد حتفه


تلك هي روشتة العلاج.. وخلاصة الكتاب.. لكل مشكلات مصر العِجاب، التي نعانيها.. وسنظل نجاريها.. طالما استمر الفسادُ يغذيها، وطالما استمر نجوم الألمعية.. في الالتفاف على الحق بتصريحات لولبية، تحت أضواء الكاميرات.. وفي المحافل والمؤتمرات، مدّعين عقب كل تنـديــد.. أنهم يعملون بفكـر جـديـد.. وعزيمة من حديـد، لحل مشكلات البلاد.. والقضـاء على الفســاد، واحترفوا الظهور بـأبهـة موسمية.. على شاشات القنوات الفضائية.. في برامج التوك شو الليلية.. لمزاولة مناقشات هلامية.. تستمر لساعات صباحية.. لاستعراض الأفكار الذكية.. في القضاء على كل المشكلات العصرية.


لقد زاغ العقل وثمل الفكـر وطفح الكيل بمحتوى تلك البرامج الكلامية.. ذات الطبيعة البهلوانية، لضحالة مضمونها.. وسخافة منطقها.. وسماجة تخاريفها، فقد سئمها المشاهدون.. واحترفتها فئة من أدعياء الثقافة والفنون.. يظهرون في كل العصور.. على كل شكل وكل لون، يتقاضون أجورًا بالملايين.. لأنهم فقط في الكلام محترفون.. وبمشاكل الناس متاجرون، ودون حمرة خجل.. يولولون ساعات كثيرة بالهبل.. يبثون فيها طاقات اليأس والملل.. ثم يطالبوننا بألا نفقد الأمل.. والاستيقاظ مبكرًا للعمل.

مشاكلنا عنيدة.. في ظل ترسانة قوانين عتيدة.. مليئة بثغرات عديدة.. واستثناءات مديدة، يستغلها عفاريت القانون -ممن باعوا ضمائرهم لنفس السبب والمضمون- لإنقاذ مموليهم من السجون، ولربما طالبوا للفاسدين.. بتعويض مالي كبير.. على ما لحق بهم من إيذاء نفسي ومعنوي خطير.

الفساد سيظل موجودًا.. طالما ظل الفاسد مسنودًا.. وبالحماية موعودًا، لينفذ بفساده.. باستغلال ثغرات قانون بلاده، فقد استطاع شراء الذمم.. ولبّس الناس العمم، بمباركة موظف مغلول.. تحت ظل القانون مذلـول، فبـاع شـرفـه بسلام.. لتحصيل كسبٍ حرام، لن ينال تحصيله.. لو استمسك بضميره، فكيف لهذا الحد.. أن يرفع شعار نظافة اليد.. وهو لا يملك قوت الغد؟!

(حل مشاكلنا يا سادة.. يكمن في إعطاء كل أجير حقه وزيادة.. وليست في سن قوانين كالعادة، فزماننا الضمير فيه معدوم.. والبث الثقافي مسموم.. انتشرت فيه مهارة فتح الدرج للزبون.. لقبض المعلوم.. وتأمين قوت اليوم.. وأصبح فيه المرتشي مظلوم.. والملتزم مغموم.. لأن دخله قليل ومعدوم.. فالحال سيظل أليم.. طالما استطاع الفاسد اللئيم.. أن يجد أكثر من مخرج قانوني سليم.. لينجو بفعله الذميم.. برشوة موظف سقيم.. استُنفدت طاقته.. لأنه لا ينال مكانته.. فتبعثرت كرامته، ولا ينـال حقوقه المـادية.. التي تكفيه وتسد احتياجاته اليومية.. وتؤمن حياته العائلية.. فهل سنجد استجابة فعلية وقرارات فورية؟!)... حفظ الله مصر وقاداتها وشعبها المخلصين وأهلك بقوته الفساد والمفسدين..
الجريدة الرسمية