رئيس التحرير
عصام كامل

نحن غارقون في التفاهة!


إلى متى سوف نظل غارقيــن في التفاهة؟ العالم يتقدم من حولنا ونحن نكتفي بالمشاهدة، حدث انقلاب في تركيا أو لم يحدث؟ حقيقة أم مسرحية ! تمت الإطاحة بأردوغان أم لم تتم! عزل قيادات الجيش والقضاة أو لم يعزلهم، مستبد أم ديكتاتور، هل ذلك يستحق اهتمام كل القنوات الفضائية المصرية والـــ 90 مليون مواطن بهذا الشكل؟ أيام ومازلنا نرهق مدينة الإنتاج الإعلامي والقمر الصناعي وعيوننا لمتابعة أحداث الانقلاب العسكري الفاشل في تركيا.


لماذا لا نشغل بالنا بأنفسنا وبمشاكلنا ونعمل وننتج غذاءنا الذي نتسوله؟ الشعب المصري كله يكره الرئيس التركي وأنا شخصيًا لا أطيق رؤيته بسبب موقفه من ثورة 30 يونيو، هو بالفعل رجل ابن ستين × سبعين بسبب دعمه التنظيمات الإرهابية في مصر وسوريا والعراق، أردوغان يستحق الضرب بـــ... لإيوائه بعض العناصر الإخوانية، ويستحق كراهية كل المصريين بسبب دعمه القنوات التي تهاجم مصر ليلا ونهارًا..

ولكن كل هذا لا يجعل شعبه يخلعه أو يثور عليه؛ لأن ما فعله لبلده يستحق من شعبه تقبيل قدميه لا الانقلاب عليه! خلال عشر سنوات انتشل تركيا من العدم، استقدم عشرة آلاف خبير من علمائها في الخارج فحقق نهضتها وجعل جيشها الثاني في حلف النات، وتضاعف في عهــده دخل الفرد ثلاث مرات، صنع دبابة وقمرًا صناعيًا عسكريًا وطائرة دون طيار..

مطار إسطنبول وشركة الطيران التركية في عهده "رقم واحد" في أوروبا، وبلاده من أفضل دول العالم في التعليم وجامعاتها تضاعفت واحتلت مكانة دولية محترمة، تركيا في عهد أردوغان تحولت من دولة فقيرة مديونة وعلى وشك الإفلاس إلى دولة متقدمة دائنة، ولديها احتياطي نقدي تخطى المائة مليار دولار، التضخم تراجع بعد أن كان في تزايد كل ساعة، وإيراداتها انخفضت وصادراتها ارتفعت من 50 إلى 150 مليار دولار، ومنتجاتها تغزو كل الأسواق العالمية ومنها المصرية، تركيا أصبحت مقصدًا لمعظم سياح العالم ومنهم أيضًا مصريون..

إنني كاره لأردوغان ولكن أحترم تجربته وانتشاله بلده من المركز 111 اقتصاديًا إلى 16 ويطمح خلال 7 سنوات أن تصبح تركيا القوة الاقتصادية الأولى في العالم، تلك هي الحقيقة المريرة والتي قد تغضب مني الكثيرين، ولكن مصلحة بلدي أهم، نقول في أردوغان ما قاله مالك في الخمر فهو أسوأ شخصية لمصريين، ولكنه الأفضل لشعبه لأنه خلال عشر سنوات فقط جعل تركيا ملء السمع والبصر، وهي ثوان في عمر الدول والشعوب..

أنت لا تستطيع استخراج رخصة هدم وبناء عقار في عشر سنوات من المحليات في مصر إذا حاولت أن تكون شريفًا ولا تدفع رشاوى، الشعب التركي لن يثور على أردوغان لأنه يهاجم مصر فمعظم الأتراك لا يعلمون أصلا أن هناك دولة اسمها مصر هم مشغولون بحياتهم وبلدهم لا بغيرهم، الشعب التركي يطيح برئيسه إذا تفوقت مصر عليهم اقتصاديا وتحولنا من الكلام والاستهلاك إلى العمل والإنتاج واستغنينا عن منتجاتهم فأغلقت مصانعهم وتشرد عمالهم، تركيا دولة إسلامية مثلنا ونفس عدد سكاننا ومقوماتها الاقتصادية أقل من مقوماتنا ولديها مشكلات داخلية مع جماعات عرقية وتنظيمات إرهابية أكبر من مشاكلنا..

ولكن أردوغان خلال عشر سنوات تغلب على كل ذلك ووضعها في مكانة عالمية متميزة، فهل نلومه أم نلوم أنفسنا على أننا غارقون في التفاهة، أما التغطية الإعلامية لبعض القنوات الفضائية المصرية الخاصة كانت ومازالت غاية في الخزي والعار، وللأسف إنها منسوبة للإعلام المصري وليس إلى رجال الأعمال ملاكها رغم أن الإعلام الرسمي ( إذاعة وتليفزيون) كان متوازنًا في متابعة الأحداث ويستحق التحية وكذلك الموقف الرسمي للدولة المصرية ولكن أخطاء الغوغاء تتحملها مصر شعبًا وقيادة وتاريخًا وحضارة..

العالم يحترمنا حينما نعمل وننتج ولا نكون عالة على كل الدول بما فيها تركيا نستورد منهم كل شيء، يجب أن نثبت كراهيتنا لأردوغان بالعمل لبلدنا ومساندة جيشنا ورئيسنا في التنمية ومكافحة الفساد حتى نصبح شعبًا منتجًا وهنا أيضًا مسئولية على الحكومة، إذا كنا بالفعل كارهيــن الرئيس التركي يجب أن ننساه هو وبلده وإعلامه وأن نستهلك وقتنا وإعلامنا فيما يفيد بلدنا ويحقق تقدمنا.
الجريدة الرسمية