رئيس التحرير
عصام كامل

«مجاهدي خلق» تكشف الحرب الباردة بين إيران ومصر.. 7 نواب يشاركون في مؤتمر المعارضة بفرنسا.. الخارجية الإيرانية تحتج بشدة ونظيرتها المصرية ترد دبلوماسيا.. وخبير: صراع إقليمي ومخاوف من الزعيم ا

الرئيس الإيرانى حسن
الرئيس الإيرانى حسن روحانى والرئيس عبد الفتاح السيسى

«العلاقات المصرية الإيرانية لن تخرج من الثلاجة».. هذ العبارة ذكرها دبلوماسي مصري سابق في سياق تعليقه على مستقبل العلاقات بين القاهرة وطهران عقب ثورة يناير خلال جلسة خاصة جمعت بعض الأسماء المعروفة في الوسط السياسي، رغم صعوبة التصريح على بعض الشخصيات التي تمنت ترسيخ العلاقات وإذابة جبل الجليد بعد رحيل مبارك عن الحكم، أثبتت الأيام صحته ومع كل اشتباك بين الطرفين في القضايا الإقليمية تظهر حقيقة الحرب الباردة بين بلد الأزهر السنية وجمهورية الملالى الشيعية.


«مجاهدي خلق» 
صحيح أن إيران منذ وصل الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى حكم البلاد، حاولت قدر المستطاع استفزاز القاهرة والدخول معها في مناوشات تجنبا لإثارة غضب شعبى ضدها وسط أضخم كتلة سكانية في المنطقة العربية، خاصة بعد شحن المصريين بمشاعر سلبية ضدها نتيجة تدخلها في اليمن والبحرين والكويت والعراق.

جاء مؤتمر المعارضة الإيرانية "مجاهدي خلق" بحضور زعيمته المزعجة لنظام الملالى مريم رجوي، ليكشف الخصومة السياسة والمذهبية مع الدول العربية، وخاصة مصر والسعودية.

ومثَّل حضور الأمير ترك الفيصل رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق للمؤتمر ضربة موجعة لطهران، ردت عليها بسيل من التصريحات الإعلامية المهاجمة للرجل والرياض، وصلت لحد تهديد العائلة المالكة بالقتل.

مشاركة مصرية
لم تهدأ عاصفة الهجوم الإيراني على السعودية ورئيس استخباراتها الأسبق، حتى خرجت علينا طهران اليوم بخبر استدعاء رئيس مكتب رعاية المصالح المصرية في طهران، السفير خالد عمارة، على خلفية مشاركة مسئولين مصريين في مؤتمر المعارضة الإيرانية الذي عُقد في العاصمة الفرنسية باريس وبدأ السبت الماضي، معتبرة أنه "تدخل في شئون إيران الداخلية".

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" أن "رئيس الدائرة الأولى لشئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في وزارة الخارجية الإيرانية، حميد رضا دهقاني، أعرب عن احتجاج إيران بلهجة شديدة على مشاركة عدد من نواب البرلمان المصري في مؤتمر المعارضة،" التي يصفها المسئولون الإيرانيون الرسميون بـ"زمرة المنافقين".

وذكر التقرير على لسان دهقاني وصفه المشاركة المصرية بـ"إجراء مصري تدخلي في شئون إيران الداخلية،" وقوله: "المتوقع من المسئولين المصريين أن يتخذوا سياسات مبدئية ومسئولة للحفاظ على الهدوء والاستقرار في المنطقة،" على حد تعبيره.

الدولة بريئة
من جانبه أكد المستشار أحمد أبو زيد، المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، أن استدعاء الخارجية الإيرانية للقائم بالأعمال المصري في طهران كان للإعراب عن استنكار الحكومة الإيرانية لمشاركة عدد من البرلمانيين المصريين في مؤتمر للمعارضة الإيرانية في باريس مؤخرًا.

وأضاف أن القائم بالأعمال المصري أوضح أن مشاركة البرلمانيين المصريين في مثل تلك الفعاليات لا تعتبر تمثيلًا للحكومة المصرية ولا تتم بالتنسيق معها، وأشار إلى أن مجلس النواب يتمتع بالاستقلالية التامة باعتباره يمثل السلطة التشريعية المستقلة عن السلطة التنفيذية.

الزعيم العربي
رأى المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي العراقي سمير عبيد، أن حضور نواب مصريين مؤتمر "مجاهدي خلق" في باريس هي قضية غير خاضعة للسلطة المصرية، بل خاضعة لمجلس النواب المصري، ويفترض أن يُخاطب من قبل البرلمان الإيراني "مجلس الشورى".

وأضاف الخبير العراقي، لـ"فيتو"، "أن التحرك الإيراني باتجاه النواب المصريين دون غيرهم من النواب العرب والأوروبيين يعني الكثير، أي يعني أن مصر لا زالت مؤثرة بالنسبة لإيران والإقليم".

وتابع عبيد أن الاستدعاء يشير إلى أن "إيران لا زالت تعتبر مصر هي الزعيم العربي الكبير، وبالتالي تريد إيران أن تعرف هل لمصر دور في دعم المعارضة الإيرانية؟ إن كان الجواب "نعم" فهذا يقلق إيران جدا، أما إذا كان الجواب "لا" فإيران لن تخاف من دعم السعودية والأوروبيين؛ لأنه ليس الدعم الأول ولا الأخير، ولدى إيران أوراق إستراتيجية وتكتيكية للعب مع السعوديين والخليجيين والأوربيين.

إجراء دبلوماسي
قال السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن استدعاء وزارة الخارجية الإيرانية رئيس مكتب رعاية المصالح المصرية في طهران، إجراء دبلوماسي تتبعه الدولة للتعبير عن مواقفها السياسية.

وتوقع هريدي، في تصريحات لـ"فيتو"، عدم تدهور العلاقات المصرية الإيرانية على خلفية مؤتمر باريس، لافتا إلى أن طهران أرادت بعث رسالة للحكومة المصرية وليس تصعيدا ضدها.

وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق: كنا نحبذ عدم مشاركة مصرية في مؤتمر المعارضة الإيرانية، مضيفا أن مشاركة أعضاء البرلمان المصري لا يمثلون إلا أنفسهم، ولا يمثلون الموقف الرسمي للدولة المصرية.

صراع نفوذ
الأزمة العابرة بين البلدين دفعت إيران للتعبير عن رفضها التدخل في شئونها متناسية ممارساتها في القاهرة عقب ثورة 25 يناير، وسعيها الدءوب لوضع جماعة الإخوان داخل بيت الطاعة، لدرجة دفعت مرشدها آيه الله على خامنئ للتحدث بالغة العربية للإشادة بإسقاط مبارك وإعلان وصول الثورة الإسلامية إلى القاهرة.

القضية الشائكة التي تفجر الحرب الباردة بين القاهرة وطهران، ليست متعلقة بالدين أو المذهبية على غرار ما تفعله مع السعودية بقدر ما هي أزمة نفوذ على زعامة المنطقة وحرب مشاريع إقليمية، لن تنتهى بحضور مؤتمر للمعارضة أو دعم خفى لخلايا تابعة لطهران وسوف تظل قائمة على رهان فشل القاهرة في العودة إلى ثقلها الإقليمي.

وفد البرلمان
يشار إلى أنه 7 أعضاء من مجلس النواب يشاركون في مؤتمر مجاهدي خلق الإيرانية، وهم النائب سلمان وهدان وكيل مجلس النواب، واللواء يحيى عسيوي وإبراهيم عبد الوهاب والنائبة فائقة فهيم والبرلمانية سولاف درويش والنائبة عبير تقبية وإيمان خضر.
الجريدة الرسمية