رئيس التحرير
عصام كامل

قلبي على وطني انفطر


هل استمعت لتكبيرات العيد التي تملأ الآفاق في هذه الأيام المباركة، بعد انقضاء ليالي رمضان الجميلة، وتبادل التهاني والمباركات مع الأقارب والجيران والأصحاب والأحباب؟!.. هل نظرت للفرحة في عيون الأطفال بملابس العيد الجديدة واستلام العيدية من الأجداد والآباء؟!.. ستجد في نفسك شعورا بدفء غريب يسري في عروقك..اسأل عنه كل من اغترب وعاش بعيدا عن مصر في مثل هذه المناسبات.


حب الوطن لا يفوقه حب لأي بقعة أخرى على وجه الأرض، ولو خُيّرت في أي لحظة من حياتي بين وطني ومكان آخر لاخترت وطني بلا تردد أو برهة تفكير. فلقد عشت فترة من حياتي في إحدى بلاد الغربة وذقت مرارة البعد عن أرض الوطن واستشعرت صعوبة مرور الأيام مغتربًاً عنها لسنوات طوال... بحسابات العشق الفطري الذي خلقه الله داخل قلب كل إنسان مخلص لتراب وطنه... فقد كان حالي في الغربة أشبه بنبت من نبات الأرض استُزرع في بيئة غير بيئته الأصلية.. فتراه مصفرا تارة.. ويابسًا لا روح فيه تارة أخرى.

استشعرت وأنا أكتب هذه الكلمات روحا غائبة لدى كثير من شبابنا ممن يعيشون على هذه الأرض الطيبة غير مدركين لمعنى كلمة (وطن).. غير مستشعرين لمرارة البعد عنها إلى بلاد غريبة، أملا في تحقيق الأحلام بأقل مجهود أو تعب.. متقبلًا لأي عمل قد لا يقبله في وطنه ولا يرضى به، ظنا منه أنه لا يناسب شخصيته ولا يتفق مع مؤهلاته.

كثير من شبابنا يظن خاطئًا أن الوطن قاس عليهم ولا يقدرهم ولا يعطيهم حقوقهم التي يستحقونها.. ويظن أن الحل السحري الوحيد يكمن في هجر الأوطان إلى بلاد أخرى خضراء سيكون العيش فيها سهلًا كالعيش في الجنة.. أو هكذا شُبّه له في خياله الحالم.. متوقعًا تحقيق الأحلام بقليل من الآلام.. معتقدًا بأن الحياة في أي مكان آخر ستكون أفضل وتحقيق الحلم سيكون أسهل، ملقيًا باللوم والعتاب دائما على وطنه الذي يظن (خاطئًا) أنه أهانه ولم يكرمه ولم ينل فيه حقه.

لكن للأسف.. فالواقع يختلف كثيرا عن جنة الأحلام التي يعتقدها ويتمناها كل شاب لم ينل فرصة للسفر ولم يذق معها مرارة الغربة وكآبة البعد عن هذا الوطن الغالي، واسأل بنفسك عن القول الشائع بين عموم المغتربين في شتى بلدان الأرض سيجيبونك بكل أسى وحزن بأن: (الغربة كربة).. عبارة فيها تلخيص فلسفي عجيب لكل ما قيل وما يمكن أن يقال في وصف شعور البعد والاغتراب عن الوطن.

رفقا بأنفسكم يا شباب وطني، وانبذوا هذا الشعور الزائف من قلوبكم وأذهانكم، وتيقنوا صدقًا بأن لا مكان في هذا الكون أفضل من هذا الوطن الذي يسري حبه في كل شريان من شرايين جسدك، واملأ قلبك بشرا وتفاؤلًا بمستقبل لن يكون الأفضل إلا من خلالك، وانظر إلى يديك وطالبها بالعمل والاجتهاد، لتكون عونا في بناء مستقبل أفضل لك ولوطنك، ولك في قصص نجاح أهلنا من سوريا على أرض مصر دليل وعظة وآية. 

حفظ الله مصر بشبابها الكادحين المخلصين وأهلها الطيبين...
وكل عام أنتم بخير،،، 
الجريدة الرسمية