رئيس التحرير
عصام كامل

حزب «التطبيل» و«التزمير»!!


لا يحتاج نظام الحكم إلى المؤيدين الذين يباركون خطواته «عمال على بطال» سواء كانت على الطريق الصحيح، أو جانبها الصواب، وسواء كان التأييد نابعًا من عاطفة جياشة نحو الرئيس المنقذ، أو جاء من جانب الذين احترفوا نفاق كل حاكم سعيًا للتقرب من دائرة اتخاذ القرار والاستقواء على المواطنين الشرفاء.. وتحقيق المكاسب الخاصة ومعظمها غير مشروع.


هؤلاء يشكلون حزب «التطبيل» و«التزمير» الذي يعتبر من أقوى الأحزاب العاملة في مصر، الذي احترف تأييد كل حاكم.. ثم الانقلاب عليه عندما يقترب من الرحيل، وهنا يتغير ولاء أعضاء الحزب إلى القادم الجديد.. ويتحولون من الولاء المطلق ومباركة كل قرارات يتخذها النظام، إلى خانة المعارضة الشرسة في الرهان الجماهير «آفتها النسيان» على حد تعبير أستاذ الأساتذة نجيب محفوظ.

يغير هؤلاء مبادئهم، كما يغيرون ملابسهم الداخلية دون خجل.. ويوضح تاريخهم أنهم سرعان ما يحولون بصلتهم إلى القادم الجديد الذي خلص البلاد من نظام قمعى طالما تغنوا بإنجازاته.. ونافقوا كبار وصغار المسئولية وتغاضوا عن الأخطاء والخطايا التي ارتكبت في حق الوطن.. وكانت وراء إزاحتهم عن سدة الحكم.. وانتقالهم إلى ساحات المحاكم وغياهب السجون.. عقابا لهم على ما أشاعوه من فساد على رقعة الوطن، بينما خرج المنافقون من الأزمة «كالشعرة من العجين» كما يقال، وكان ينبغي أن يحاكمهم الشعب على الجرائم التي ارتكبوها وبدلا من ذلك يستميتون في محاولات التقرب من السلطة الجديدة، ليمارسوا معها نفس ألاعيبهم القديمة التي يبدو أنها تخيل على الحكام الذين يقبلون التعامل معهم، وربما يحددون لهم أدوارا لا يستطيع غيرهم تأديتها.

وما زال حزب التطبيل والتزمير يواصل دوره في الإدانة والتشهير بكل أطياف المعارضة.. التي تعتبر جزءا من النظام وإن كانوا لا يرون خطواته بعين واحدة لا ترى سوى الإنجازات، إنما بعيون مفتوحة تكشف الأخطاء وتبارك الإنجازات وتنقل للحكام المعاناة الحقيقية للشعب.. والأسباب التي تؤدي إلى مشاعر الغضب في الشارع حتى يعالجها.. قبل أن تستفحل ويحدث ما لا يحمد عقباه.

ولا شك أن هؤلاء الذين يحسبون على المعارضة، أحرص على الحكم من أعضاء الحزب المشبوه، الذين لا يهمهم بقاء النظام أو رحيله بقدر اهتمامهم بتحقيق مصالحهم الشخصية، ولو على حساب الوطن، الذي يتغنون ليل نهار بأمجاده.

وكان من المفترض أن يتسع صدر النظام لهم، ويناقش آراءهم بموضوعية وتجرد، ويستفيد منها إذا كانت تحقق الصالح العام وتُستبعد إذا لم تحقق هذا الهدف على أن توضح الأسباب التي أدت إلى استبعادها أمام الشعب.. ما يساعد على توفير المعلومات المؤكدة التي لا تقبل الشك.

وقد يعتقد بعض المحيطين بالنظام أن النقد يؤدي إلى إحباط المواطنين، ودفعهم إلى عدم المشاركة في تنفيذ خطط الدولة، بل اتخاذ مواقف سلبية من المشروعات التي تنفذ على أرض الواقع، والاكتفاء بالفرجة وكأن تلك المشروعات لا تقام لصالحهم.. وصالح الأجيال القادمة.

بينما تثبت التجربة خطأ هذا التصور، وأن أساليب التعبئة والحشد وتجاهل السلبيات التي تواجه الناس كل يوم في تعاملهم مع أجهزة الدولة وحجم الفساد الذي استشرى في البلاد، دون أن يواجه بحسم، تلك هي العوامل التي قادت إلى سلبية المواطن، التي يشكو من آثارها المدمرة كل مسئول في مصر، بدءا من رؤساء القرى والأطباء حتى رئاسة الوزراء الذي أوضح في بيان وزارته إلى مجلس الشعب، أنه غير قادر على الإنجاز دون مشاركة شعبية واسعة، وحماس جماهيري قادر على إقالة البلاد من عثرتها.

وحتى يتحقق هذا الهدف لابد من الاعتراف بأن المعارضة الموضوعية، لا تعني العداء للنظام والمناداة بإسقاطه، وإنما تبصره بما يرتكب من أخطاء ليصحح مسيرته ويحافظ على شعبيته التي اكتسبها من خلال مواقف مشرفة ورائعة.

ومن الأسف أن ممارسات حزب التطبيل والتزمير والنماذج التي تقود هذا الحزب، تخصم من شعبية النظام.. وتبعد أنصاره عن مساندته بسبب دعاوى الإقصاء والاستبعاد التي يسعى إليها حزب النفاق.
الجريدة الرسمية