رئيس التحرير
عصام كامل

المشروع الإلهى للتنظيم السرى للإخوان


هذه هى الطامة الكبرى فى المشروع الإخوانى، فهو ليس مشروعًا سياسيًا بشريًا قابلًا للتغيير والتعديل، فالمشروع الإلهى، لأنه إلهى، فهو غير قابل لأى نقاش من أى نوع، وإذا حدث وتم النقاش والجدال، فليس الهدف هو الوصول إلى مشتركات بين المختلفين، ولكن الهدف هو كسب الوقت أو الرهان على أن الطرف الثانى حتمًا سوف يتغير ويقتنع عاجلًا أو آجلًا بـ( المشروع الإلهى ) .. فهل منطقى ألا يقتنع بشر بما أرسله لهم الله جل علاه، وهل منطقى أن نغير فى المشروع الإلهى من أجل بشر؟!

هذا هو السبب الأول فى المكابرة والعناد واستحالة الاعتذار، واستمراء القتل والتعذيب وفعل كل ما هو غير إنسانى وغير أخلاقى.

فكيف لمن هو أعلى ( ممثل المشروع الإلهى) أن يعتذر لمن هو أدنى، وكيف لمن هو مقدس ( لأنه ينفذ إرادة الله) أن يتراجع ويقدم تنازلات حقيقية لمن هم أقل منه درجة فى التراتب الإلهى، وإذا حدث هذا التراجع ولو قليلًا فهو مجرد تكتيك، سيتم التراجع عنه عندما تسنح الفرصة مجددًا، وهذا يفسر لك لماذا يفعل مرسى وقادة التنظيم السرى للإخوان الشىء وعكسه، يقولون اليوم ما هو ضد ما كانوا ينادون به بالأمس، ويدافعون عن الشىء وعكسه بذات الكفاءة والحماس.
فلا تراجع ولا استسلام عن "المشروع الإلهى"مهما حدث ومهما كان الثمن، حتى لو كان هذا الثمن هو الدماء ..القتل .. السحل .. حتى إجبار الشعب ذاته عليه، فليس منطقيًا أن تكون سلطة الشعب فوق سلطة الله. ففى هذه الحالة ليذهب الشعب "الكافر" إلى الجحيم ليتم تنفيذ ( المشروع الإلهى).

فما هو المشروع الإلهى؟
مشروعهم الفكرى الذى بنوه على امتداد أكثر من 80 عامًا.. فكيف تم ذلك؟
المشروع الإلهى لم يتم بناؤه فى العلن ولكن فى تنظيم سرى يعرفون أن مشروعهم لا يمكن أن ينمو إلا من خلاله. فحتى عندما كان مسموحًا لهم العمل العلنى لم يتنازلوا عن السرى ولا عن التنظيم الخاص المسلح، وعمق كونهم تنظيمًا سريًا ودفعهم أكثر فى اتجاهه المطاردات الأمنية العنيفة، لذلك لم يكن قابلًا للتطوير وللتعايش مع المجتمع على المستوى الفكرى، ولكن تم تطوير أدوات التفاعل مع المجتمع لتحقيق ( المشروع الإلهى).

هذا التنظيم السرى من المستحيل أن يحدث فيه تطوير للأفكار، فهذه هى طبيعته مثل أى نوع من التنظيمات السرية، فماذا يفعل أعضاء التنظيم السرى للإخوان طوال أكثر من 80 عامًا ؟

يعيدون إنتاج ذات المعانى بدون إضافات، وكل ما يفعلونه هو فقط تجهيز الردود الفكرية وغير الفكرية على (أعداء المشروع الإلهى ) و ( الذين لا يفهمون المشروع الإلهى)، هذه البنية غير مسموح فيها حتى تستمر بأى تفكير مختلف، فهى مبنية على السمع والطاعة، فالمشروع الإلهى الذى ينفذه قادة مقدسون لا يحتاج إلى تفكير ولكن يحتاج إلى منفذين مخلصين استشهاديين فى سبيل الله جل علاه.

لذلك يبنون مجتمعًا موازيًا للمجتمع الذى يعيشون فيه، مجتمعًا له عادات وتقاليد وثقافة وأغان وموسيقى و.. ..و.. إلخ، مجتمع مواز للمجتمع، لا ينطلق مما هو موجود بين الناس، ولكنه ينطلق من ( المشروع الإلهى) الذى لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.

مُلاك هذا المشروع الإلهى لا يرون ما نراه، ولا يرون حتى الذى يمكن أن يكون مشتركًا بيننا وبينهم. إنهم يرون فقط ما تعلموا أن يروه حتى لو لم يكن حقيقيًا، لذلك لست مع المتفائلين بتطوير ( المشروع الإلهى)، ولا أن يكون جزءًا من دولة ديمقراطية حديثة.. فالحقيقة المرة هى إما هذا المشروع الفاشى وإما مصر.


الجريدة الرسمية