رئيس التحرير
عصام كامل

ماذا لو لم يوجه الرئيس ؟!


استوقفتني عبارة قديمة - جديدة، ما زلت أسمعها حتى اليوم في نشرات الأخبار؛ حال وجود أزمة أو مشكلة ما تفاقمت وبدا أثرها مؤلما لقطاع كبير من الناس، تجد تلك العبارة: (وقد وجه الرئيس بضرورة حل المشكلة)..


تلك العبارة التي تثير مشاعر الإحباط والفرح في نفس الوقت، تثير إحباطا لدى الجماهير بسبب أن المسئول عن المشكلة لم يحرك ساكنا تجاه حل المشكلة واتخاذ إجراءات فورية من صميم مسئوليته للحد من آثارها إلا بعد أن تأتي توجيهات الرئيس لحل المشكلة، وفي هذه الحالة ينشرح صدر المواطن المسكين فرحا بالانفراجة عندما يجد استجابة من الرئيس، من خلال إصدار توجيهاته بحل المشكلة فورا.

بأي منطق وبأي وجه يستمر المسئول عن المشكلة في منصبه؟ طالما أنه لم يقم بدوره المكلف به من خلال توليه منصب المسئولية، وبالتالي لم يقم بتدارك أسبابها والعمل فورا على حلها بطريقة أو بأخرى. هل يجب أن يتدخل الرئيس بتوجيهاته ليقوم المسئول فورا بحل المشكلة واتخاذ القرار السحري الذي فجأة وبقدرة قادر يجعل المشكلة كأن لم تكن.. هل سيظل المسئولون في مصر في انتظار تدخل الرئيس وإصدار توجيها بسرعة حل المشكلة؟!

يؤكد الرئيس على دولة المؤسسات في كل أحاديثه، وعلى الحفاظ على مبدأ فصل السلطات، ولكن الرئيس في واد والمسئولين في واد آخر. الرئيس يتحرك بسرعة تفوق عقلية المسئولين الحكوميين في استيعاب ما هم مكلفون به، وما هو مطلوب منهم أداؤه بشكل سريع لتفادي حدوث المشكلات قبل وقوعها أو تفاقمها بعد وقوعها، ولكن الواقع للأسف وبعد ثورتين وأحداث مرت على مصر، ما زال يؤكد على هذا القصور في الأداء الحكومي تجاه التعامل مع المشكلات التي تؤرق حياة المواطن البسيط. تلك المشكلات التي يمكن حلها بإصدار قرار أو تدخل سريع من المسئول دون الحاجة لتوجيهات الرئيس.

ناديت وما زلت أنادي بضرورة تمكين الشباب في مناصب الدولة القيادية، فمشكلات العصر المعقدة التي نعيش فيها لا يمكن مواجهتها بعقليات عفّى عليها الزمن ولم تعد تستوعب أساليب اللف والدوران التي أصبحت سمة عصرنا اليوم، وأصبح لزاما علينا أن نستفيد من مقولة: لا يفل الحديد إلا الحديد. فنحن في أمس الحاجة لعقول الشباب الواعي والمثقف والوطني لمواجهة ألاعيب ومكائد أشرار العصر في كل المجالات السياسية والاقتصادية والتعليمية..إلخ .

ما زلنا نرى الكهول في مناصب القيادة يفكرون بمنطق سنوات قديمة مضت ولم تعد صالحة في هذا العصر، في الوقت الذي نرى فيه شبابنا أبهر العالم في قطاعات عديدة وحتى الآن لم تقم الدولة باحتوائهم والاستفادة من أفكارهم. هل يجب على الشباب أن ينتظر مرور السنين حتى يصبح كهلا، وقتها تحين له الفرصة لتولي المنصب والمسئولية وبالتالي تكون أفكاره قد فقدت صلاحياتها ولم تعد مناسبة للعصر الذي يعيشه؟

دعوة بكل صدق ووطنية خالصة لكل الجهات المسئولة بمصر، بالتفتيش داخل مؤسساتها عن الشباب الواعي والمثقف والقادر على العمل والتطوير والإنجاز، ومنحهم فرصة تولي زمام الأمور ومشاركة صنع واتخاذ القرارات وهم في سن الشباب للاستفادة من حماستهم وتوهج عقولهم، وليس معنى الكلام التخلي عن شيوخنا فهم خبرة عظيمة، لا يمكن التخلي عنها، فدورهم هو المشاركة بالمشورة وإبداء الرأي والنصح في عملية صنع القرار، وقتها سنجد الخطوات الإصلاحية أكثر سرعة وأشد تأثيرا في صالح تقدم الدولة ونهضتها في شتى المجالات والقطاعات. وستجد مصر ضالتها في حل كل المشكلات من خلال الشباب فلم يعد الوقت في صالح استمرار تلك المشكلات التي يعاني منها المواطن البسيط.

فهل ستجد الدعوة استجابة ونرى اليوم الذي يتصدر المشهد فيه شباب الأمة ؟
حفظ الله مصر بشبابها وشيوخها وكل أبنائها.
الجريدة الرسمية