رئيس التحرير
عصام كامل

مافيا تسويق «الأرز والقمح» تفرم الفلاحين تحت بصر الحكومة.. 2000 جنيه مكسب التجار لطن الأرز من عرق الغلابة.. مأزق مزارعي القمح في التوريد فتح الباب للسماسرة.. والمسئولون يعيشون في جلباب مبارك

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

قطرات عرق الفلاح في زراعة المحاصيل الإستراتيجية مثل القطن والأرز والقمح تتحول إلى حبات في محصولي الأرز الذي حصل عليه التجار بتراب الفلوس، وتربحت مافيا التسويق من التجار في الطن الواحد من محصول الأرز أكثر من 2000 جنيه لغياب سياسة تسويقية واضحة بعد تراجع دور الجميعات الزراعية في التسويق، وترك الفلاح لأسعار العرض والطلب واَليات السوق الحر التي تتسم بالتشوهات السعرية بجانب المعاناة التي يتكبدها الفلاحون في موسم توريد القمح المحلي، وظهور سماسرة القمح الذين يحصلون على الإردب من الفلاح لتوريده بمكاسب تصل إلى 30 جنيها، لقدرتهم على التعامل مع جهات الفرز والاستلام بالشون والصوامع والمطاحن.


مفرمة الفلاح
بداية يؤكد رشدي عرنوت، النقيب العام للفلاحين، ونائب رئيس جمعية منتجى قصب السكر، أن الفلاح أصبح مفرمة في عملية تسويق المحاصيل الإستراتيجية، مقل القطن الذي تم تقديمه كنوع من العلف للحيوانات في العام قبل الماضى لأنه لم يجد من يسوقه في ظل وجود مافيا قادرة على امتصاص عرق الفلاح من خلال الحصول على إنتاجه من الأرز بسعر 2000 جنيه للطن هذا العام، وتحقيق مكاسب تصل إلى أكثر من 2000 جنيه في الطن نتيجة تخزينه أو تصديره والتربح على حساب الفلاح الذي تحول إلى مفرمة للحيتان الكبار دون حماية من الدولة.

زراعة الأرز
ويضيف «عرنوط» أن ما يعانيه الفلاح في زراعة الأرز وارتفاع سعر الكيلو إلى 6 جنيهات لبعض الأصناف وأكثر من ذلك للأرز البلدي يتكرر في سيناريو توريد القمح المحلي الذي يلاقي فيه المزارعين الكثير من المتاعب وطول الانتظار أمام مراكز التوريد من الشون والصوامع والمطاحن والتعنت في اتخاذ الإجراءات للفرز، والاستلام ما بين شرط الحيازة أو انتظار تنفيذ قرار الحصر الذي أقره وزير الزراعة لتلتزم به وزارة التموين والتجارة الداخلية عند الاستلام في وقت يحصل فيه التجار على القمح من الفلاحين بسعر 390 جنيها للإردب، ليتم توريده للجهات المسوقة للهيئة العامة للسلع التموينية بسعر 420 جنيها للإردب درجة نظافة 23.5 قيراطا.

التسويق المحصولي
ولايخفي فريد واصل، نقيب الفلاحين والمنتجين الزراعيين، أن عدم وجود سياسة واضحة من قبل الدولة ممثلة في وزارتي التموين والزراعة حول التسويق المحصولي للقمح أو الأرز بسعر يحفز على زراعتهما في الأعوام المقبلة سوف يهدد بزراعة هذه المحاصيل الإستراتيجية، وكأن الحكومة تريد معاقبة الفلاح في حين يظل الطريق مفتوحا أمام المستوردين لتحقيق مكاسب على حساب الزراعة المصرية التي يتحمل المزارع فيها أعباء ارتفاع مستلزمات الإنتاج من الأسمدة والتقاوي والمبيدات والعمالة والحصاد، دون أن يجد سعرا حافزًا يشجعه على الاستمرار، وخاصة القمح المحصول الغذائي الأول للمصريين الذي مازالت المافيا تطارد االانتاج المحلي للدخول بقوة سوق التوريد، وتحقيق مكاسب على حساب فارق السعر بين الإنتاج المحلي والمستورد.

الزراعة التعاقدية
ويطالب هشام كامل، المستشار بقطاع الرقابة والتوزيع بوزارة التموين والتجارة الداخلية، بالزراعة التعاقدية بين التموين والفلاحين في مجال الأرز والقمح بتحديد سعر الضمان لتحفيز الفلاحين على الإنتاجية بعد الارتباك السعري هذا العام للحفاظ على هذه المحاصيل لكونها تمثل الغذاء الرئيسي للشعب المصري، لافتا إلى أن التموين تورطت في ارتفاع أسعار الأرز بالأسواق نتيجة عدم دوخولها السوق كمشتر أو التعاقد على المساحات المنزرعة لتوريد الأرز إلى مضاربها وللحد من سيطرة التجار على إنتاج الفلاح بأبخس الأثمان دون أن يجد من يحميه، كما أن شواهد رحلة العذاب في توريد القمح بوجود مافيا تجار القمح المستورد، وما لديهم من ألاعيب قادرة على اختراق ضوابط التوريد ترتب عليها انتظار الفلاحين والتكدس بإنتاجهم أمام المنافذ التسويقية للفرز والاستلام، وتحملهم مبالغ كبيرة نتيجة النقل والمبيت أمام الشون والصوامع حتى يتم الفرز والاستلام بمعايير تفتقد الشفافية في بعض الأحيان، أصبح الفلاح الخاسر الوحيد في مولد توريد القمح المحلي.

تسويق المحاصيل
ويكشف الدكتور محمد سيد أحمد، أستاذ علم الاجتماع السياسي، أن تخلى الدولة عن مسئوليتها تجاه الفلاحين في تسويق محاصيلها الإستراتيجية بعد أن تركته لطاحونة اَليات السوق فريسة تنهشه قوى الاحتكارات والرأسمالية والتجار دون أن يجد من يذود عنه، خاصة أن الدولة أعلنت سياستها مع الانحياز للاقتصاد الحر ليصطدم الفلاح بالانتهازيين غير المنتجين الذين يتكسبون على حساب انتاجه، كما أن المستوردين من مصلحتهم تراجع زراعة المحاصيل الإستراتيجية ليحصدوا المبالغ الضخمة من عملية الاستيراد في وقت كانت ترفع فيه شعارات أن مصر سلة الحبوب في العالم.

وأضاف: "ولكن أصبحنا نستورد كل شيء خاصة معظم استهلاكنا من القمح والزيت واللحوم، وغيرها ولابد للقيادة السياسية أن ينقذ الفلاحين وهم القطاع المنتج الذي لم يتوقف لحظة عن مهام دوره وانتشاله من جلباب مبارك الذي أفقره نتيجة تخلي الدولة في الحقبة السابقة عنه بعد عملية الإصلاح الاقتصادي الذي يعد القطاع الزراعي أول من تحمل أعباء فاتورتها".
الجريدة الرسمية