رئيس التحرير
عصام كامل

مدير أكاديمية ناصر الأسبق: بعض الضباط والجنود المسيحيين استشهدوا صائمين في حرب أكتوبر

فيتو

  • القوات المسلحة لم تكن طرفا في 67 لأنها لم تحارب 
  • إسرائيل ضربت القواعد الجوية والطائرات لشل حركة الجيش
  • لن أنسي أبدا فرحة الجنود أثناء اللحظات الأولى للعبور 
  • الجندي كان المفاجأة الكبرى في حرب أكتوبر


حرب أكتوبر في عيون الضباط والجنود ستظل نقطة تحول يذكرها التاريخ خصوصا الضباط المبتدئين وقتها الذين تخرجوا من الكلية الحربية إلى الميدان وكانوا يتمنون المشاركة في الحرب مثلهم مثل القادة وزملائهم الذين شاركوا في حرب الاستنزاف وحرب اليمن، ومن هؤلاء الضباط الذين حرصت "فيتو" على لقائه بمناسبة ذكري تحرير سيناء اللواء طه محمد السيد قائد المنطقة الجنوبية ومدير اكاديمية ناصر العسكرية سابقا في سياق الحوار التالى: 

* كيف كانت رؤيتك لحرب يونيو 67 وأنت لم تكن وقتها عسكريا؟

حرب يونيو 67 لم تكن القوات المسلحة طرفا فيها لأنها لم تحارب وإنما ضربت قواعدها الجوية ودفع ثمنها الجندي المصري، حتى أثبت للعالم إنه قاهر المستحيل في اقتحام أكبر مانع تاريخي في العالم "خط بارليف".

*ماذا عن الجنود والضباط قبل الحرب.. كيف تم تهيئتهم قبل حرب أكتوبر 1973؟

«كان هناك بعض الجنود استمرت خدمتهم لأكثر من 7 سنوات رفضو النزول إجازات بعض حرب يونيو 67، لرؤية أهلهم حتى لا يرون نظرات الشعب وظلوا على الجبهة من أجل الاستعداد لنصر أكتوبر 73».

وكانت القيادة العسكرية تقوم بإرسال رجال الدين وكبار العلماء بنطاق الجيوش الميدانية والمناطق العسكرية لإلقاء دروس دينية وللإجابة على كافة الاستفسارات التي كانت تدور بعقولنا وكيفية غرس في نفوسنا حب الوطن وجزاء الشهادة 

*كيف كان شعور الأبطال في اللحظات التي كانت قبل عبور الضفة الشرقية للقناة؟

لم نكن نعلم موعد ساعة الصفر بالضبط، وكنت في شهر سبتمبر1973 بالقاهرة لحضور دورة تدريبية وعدت إلى كتيبتي على أساس أن هناك إجراء المناورة الحربية السنوية التي كانت تشارك فيها كل الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة وأعتقدت أنني سوف أعود مرة أخرى للدورة، وفى يوم 4 أكتوبر قمت بإستكمال مهامي من التدريبات بالكتيبة دون أن أعرف شيئا حتى فوجئت يوم 5 أكتوبر وعن طريق التسلسل المنطقي بأن ساعة الصفر اقتربت لتحرير الأرض وعبور القوات من خلال المظاريف المغلقة التي جاءت من القيادة العامة إلى كبار القادة وتم تعميمها علينا».

*ما هو موقعك في حرب أكتوبر؟

كنت ملازما أول قائد فصيلة مشاة بنطاق الجيش الثالث الميداني، وكانت سعادتي كبيرة عندما عبرت القوات المصرية الضفة الشرقية للقناة ورفع علم مصر مرددين هتافات وصيحات الله أكبر».

*ماهي أسباب نصر أكتوبر من وجهة نظرك العسكرية؟

أهم أسباب النصر تكاتف الدول العربية واستخدام البترول كسلاح إستراتيجي فضلا عن تلاحم ومساندة كل طبقات الشعب ووقوفه خلف القوات المسلحة لأن تماسك الجبهة الداخلية عنصر قوي للنصر بالإضافة إلى الاعداد الجيد للقوات والتدريب على احدث الأسلحة والمعدات 

*أهم ملامح النصر التي لا تنساها في حرب أكتوبر؟

الترابط بين نسيج الأمة فكان قائد الكتيبة التي كنت بها "مسيحيا"، كما أن رئيس عمليات الكتيبة وبعض الجنود كذلك، وكانوا يصومون مثلنا في رمضان ولا يتناولون حتى شربة ماء حفاظا على مشاعرنا واستشهدوا صائمين جنبا إلى جنب، حتى تحقق النصر على أسطورة الجيش الإسرائيلي، وضربوا أروع معاني التضحية والوحدة الوطنية، كما أنه في 13 أكتوبر تحديدا الرابعة صباحا كان مطلوب اختيار وحدة فرعية صغرى تؤدى مهام خارج الوحدة لاحظت تسابق كل القادة والجنود للقيام بالمهمة لتحرير الأرض على الرغم من معرفتهم بان الشهادة قريبة لكل منا».

وكانت المهمة هي تطوير الهجوم شرق القناة يومي 13 و14 أكتوبر بعد الوقفة التعبوية لتخفيف الأعباء على الجانب الآخر وهو الجانب السوري، وذلك ضمن مهام الجيش الثالث، ونفذ المطلوب منا والحمد الله بالقدر المستطاع».

*هل هناك خلاف بين الجندي في حرب 73 والجندي الذي يحارب الإرهاب في سيناء الآن؟

الجندي المصري سطر اسمه بأحرف من نور في تاريخ السجلات العسكرية بالعالم وأصبحت حرب أكتوبر تدرس بكبرى المعاهد العسكرية لأن مستوى التعليم والتدريب بالقوات المسلحة إرتقى بشكل كبير قبل الحرب وأقر العدو الإسرائيلي بذلك وشهد العالم كله أن الجندي المصري قادر على القتال وتحقيق النصر وكان عنصر المفاجأة الأول للعدو الإسرائيلي..

ولا يختلف الجندي قديما أو حديثا لأن القوات المسلحة لديها عقيده ثابتة يتم غرسها في جنودنا منذ اليوم الأول لالتحاقهم بصفوف الابطال وهي الدفاع عن أرض مصر وشعبها ضد أي اعتداء ولكن رغم كل ما مرت به القوات المسلحة في الحرب على إسرائيل إلا أن الهدف كان واضحا، اما الآن فالوضع يختلف والجنود يواجهون عدوا يتخفي مثل "الحرباء" وسط المدنيين وهو ما يثقل من كاهلهم لأنهم لا يتعدون على المدنيين أبدا في المواجهات وهو ما يضاعف فرصة الإرهابي في النيل من عناصر الأمن.

*كيف يتم الاستفادة من سيناء وموقعها الإستراتيجي؟

سيناء بمقوماتها الطبيعية ومواردها الزراعية والصناعية والتعدينية والسياحية، هي ركن من أركان إستراتيجية مصر الطموحة للخروج من الوادي الضيق حول وادي النيل، وتقع شبه جزيرة سيناء في الجزء الشمالي الشرقي من أرض مصر، على شكل مثلث رأسه إلى الجنوب وقاعدته إلى الشمال يحده من الشرق خليج العقبة ومن الغرب خليج السويس، وإلي الشمال من هذا المثلث يكون الجزء الباقي على هيئة متوازي أضلاع حده الشمالي ساحل البحر الأبيض المتوسط وحده الجنوبي هو الخط الفاصل الذي يصل بين رأس خليج العقبة ورأس خليج السويس، وحده الشرقي خط الحدود السياسية لمصر، وحده الغربي قناة السويس، وتبلغ مساحة شبه جزيرة سيناء نحو 61 ألف كيلو متر.

بهذا المعنى، فإن سيناء بذاتها تمثل محورا أساسيًا من محاور هذه الإستراتيجية التنموية طويلة الأمد، بالإضافة إلى كونها جزءًا من مشروع تنمية قناة السويس الذي يحتضن أكبر عدد من مشروعات مصر العملاقة في غرب خليج السويس والعين السحنة وفي شرق بورسعيد وفي القناة نفسها التي ستظل شريانًا حيويًا من شرايين الاقتصاد والتجارة الدوليين.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية