رئيس التحرير
عصام كامل

ليس «شيكا» على بياض!


أعتقد أن المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، أول من يعلم أن الثقة التي منحها له مجلس النواب بأغلبية كاسحة، لا تعني الموافقة على برنامج الحكومة الذي ناقشه أعضاء المجلس.. وكان لهم اعتراضات جوهرية على ما تضمنه من خطط لا ترقى إلى طموح الجماهير.


والحقيقة أن اعتراضات النواب بدأت قبل أن يقدم إسماعيل بيان حكومته إلى مجلسهم، بسبب ممارسات وزراء الخدمات الذين واجهوا بعواصف من نقد النواب، سواء تحت قبة البرلمان أو عبر وسائل الإعلام، بفشلهم في تطوير التعليم أو إصلاح المستشفيات التي تدهورت أحوالها.. ولم تعد تقدم خدماتها الصحية للمواطنين، خاصة من محدودي الدخل، بل إن الانتقادات طالت رئيس الوزراء شخصيا، والمقارنة بينه وبين رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، الذي لم يقبع داخل مكتبه المكيف والتحم بالمواطنين في الشوارع والمدن والقرى وأصدر قرارات فورية لحل مشكلات عديدة كانت تواجه المواطنين في المحافظات ما كان له آثار إيجايبة على ضبط الأسعار والرقابة على الأسواق، بينما اختلفت الأوضاع بمجيء إسماعيل..

حيث اشتعلت الأسعار بصورة غير مسبوقة، وتدهور مستوى الخدمات، وتضاعفت فواتير المياه والغاز والكهرباء بما يفوق قدرات المواطنين من أصحاب الدخول المحدودة على مواجهة تلك الأعباء، لكل ذلك لم يستقبل الموطنون حكومة إسماعيل بترحاب، وانعكس هذا الموقف على النواب الذين انتقدوا بشدة بيان الحكومة، رغم التأييد الذي حصلت عليه، وأعرب أخلص المؤيدين على أنهم اتخذوا مواقفهم خشية أن تتعرض البلاد لأزمات قد تدفع بحل البرلمان، وأشار البعض إلى أن الموافقة جاءت على أرضية احترام اختيار الرئيس الذي اختار حكومة إسماعيل، وفريق ثالث أشار إلى أن عدم وجود بدائل لوزراء إسماعيل دفعه للتأييد، رغم اعتراضه على بيان الحكومة.

وكان هناك وجهة نظر أخرى، تبناها ٣٨ نائبا، رفضوا إعطاء الثقة لحكومة إسماعيل.. باعتبار أنها لم تثبت كفاءة تذكر منذ تولت المسئولية، وأنها وفق تقديرهم غير قادرة على مواجهة التحديات.. ولم تخف انحيازها للأغنياء على حساب الفقراء، الذين يمثلون أغلبية سكان مصر، وأسقطت قضية العدالة الاجتماعية من برنامجها الذي تناولها في عدة سطور قليلة، دون الإفصاح عن برامج محددة لتطبيقها.. وعن مواعيد التنفيذ.

ولم يكتف المعارضون بإعلان معارضتهم.. إنما قدموا بدائل لما تضمنه برنامج الحكومة من أفكار بما يحقق آمال المصريين جميعا.

يبقي ما أثاره غياب ١١٨ نائبا عن أهم جلسة يعقدها المجلس، وفيها يوافق على منح الثقة للحكومة أو حجبها عنها وتشكيل حكومة جديدة، وهو الإنجاز الذي لم يتحقق للمجالس السابقة، ورغم ذلك تغيب هذا العدد الكبير من النواب.. دون أسباب معلومة.

والسؤال.. إذا كانت رسائل النواب التي تتضمن الأسباب التي دفعتهم لمنح حكومة إسماعيل الثقة.. قد وصلت إلى رئيس الوزراء فكيف استقبلها!

أعرب إسماعيل على أن حكومته ستضم ملاحظات النواب إلى البرنامج الحكومي باعتبارها جزءا منه، وتعتبرها تكليفات تنفذ، كما تعهد بتقديم تقرير دوري عن الإنجازات كل ست شهور، وأن حكومته ملتزمة بالقضاء على الفساد.. وحماية أملاك الدولة والأراضي الزراعية، ووعد بإطلاع المجلس على إجراءات تحقيق العدالة الاجتماعية والإصلاح الاقتصادي، وهي الملاحظات التي أثارها النواب في تعقيبهم على برنامج الحكومة.

ونقول «أفلح إن صدق» وبقدر حريته في تنفيذ الوعود التي قطعها على نفسه.. والتزم بها أمام مجلس النواب، سيلقي تأييدا ليس من النواب وحدهم.. إنما من المواطنين جميعا الذين طال شوقهم لتخفيف المعاناة الطويلة ولم يعد في مقدرتهم احتمالها أكثر من ذلك.

الأيام القادمة ستحكم على أداء الحكومة.. ومدى التزامها بتوجيهات النواب، ولا يجب أن تركن إلى الثقة التي حظيت بها من المجلس الذي سيؤدي دوره الرقابي المنصوص عليه في اللائحة، وما يتضمنه من بيانات عاجلة أو طلبات إحاطة وأسئلة للوزراء.
دعم الحكومة في تنفيذ برامجها واجب على النواب، ومحاسبتها على الإخفاقات مسئولية المجلس.
الجريدة الرسمية