رئيس التحرير
عصام كامل

رئيس تحرير «المصري اليوم»: 500 ألف نسخة إجمالي توزيع الجرائد الورقية

 محمد السيد صالح
محمد السيد صالح

قال رئيس تحرير جريدة المصرى اليوم، محمد السيد صالح، إن الصحافة الورقية مستمرة وقائمة، حتى وإن تراجع توزيعها، مشيرًا إلى انخفاض حجم التوزيع لعام 2015 بفارق 80 ألف نسخة مقارنةً بالعام الذي سبقه.

وأكد «صالح»، في حوار لـ«فيتو»، أن الصحافة الورقية تمتلك بين طياتها عوامل بقائها من حيث الإعلانات، وإقبال القارئ التقليدى الذي اعتاد على مطالعة صحيفة ورقية.. وإلى نص الحوار.


مع إعلان صحيفة الإندبندت وقف إصدارها الورقي يوم 20 مارس الجاري وغيرها من الصحف التي قررت التوقف عن الصدور، كيف ترى مستقبل الصحافة الورقية على الصعيد العالمي والمحلي؟
الصحافة المحلية الآن تشهد فترة تراجع كبيرة، فإجمالي توزيع الصحف "القومية والمستقلة والحزبية" لا يزيد على 500 ألف نسخة، ولا حديث الآن أيضا عن الأرقام الفلكية التي كانت تحققها الصحف القومية في القرن الماضى وحتى العقد الأول من الألفية الثالثة، ففي عام 2015 قل توزيع الصحف الورقية 80 ألف نسخة مقارنةُ بما وُزع العام الذي سبقه، ولكن ومع كل هذا لا يمكن الحديث عن اختفاء الصحافة الورقية نهائيًا ولكن سيظل لها جمهورها الذي ارتبط بها واعتاد على مطالعتها، فهناك عدد كبير من القراء لا يزالون حريصين على شراء إصدارات الصحف القومية وتحديدًا عدد نهاية الأسبوع، بالإضافة إلى محافظة الصحف المستقلة أو الخاصة على مستواها ربما ينحدر قليلًا نوعًا ما في بعد الفترات، ولكن سرعان ما يصل مجددًا إلى طور الاستقرار فهى لها قراؤها أيضا.

أما عالميًا، فهناك دراسة أوروبية رصدت نسبة الإنفاق العام للإعلانات على الويب، فوجدتها لا تتعدى الـ10%، وبالتالي أنا أعتقد أن الصحافة الورقية العالمية ستظل قائمة وإن تقلصت شيئًا ما، ونجد أيضا أن هناك إصدارات ورقية أمريكية في الآونة الأخيرة حققت مكاسب طائلة، ولذلك أنا لا أتوقع أن يتحول وقف إصدارات بعض الصحف الأوروبية إلى ظاهرة على الأقل خلال السنوات العشرة القادمة، فالإعلانات والقارئ التقليدى يعدان بمثابة صمام أمان لبقاء الصحافة الورقية بشكل عام.

حدثنا عن خريطة توزيع الصحافة الورقية في مصر، ولمن الكلمة العليا هل للقومية أم المستقلة، أم الحزبية؟
الصحافة الورقية مرت بثلاث مراحل، الأولى مرحلة ما قبل ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ فكانت الصحف المستقلة وتحديدًا صحيفة المصرى اليوم تنافس الصحافة القومية وبقوة، واستطاعت أن تأخذ من حصتها، وذلك منذ عام 2005م ومع الانتخابات البرلمانية استطاع المصرى اليوم أن يتفوق على الصحف القومية ويقتنص من حصتها واستمر على هذا النحو حتى قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير لعام 2011م، وعقب قيام الثورة استطاعت الصحافة المستقلة أن تتفوق بفارق كبير على الصحافة القومية التي انهارت بشكل غير مسبوق أمام الصحافة المستقلة، إذ وصل عدد توزيع الإصدارات المستقلة إلى 600 ألف نسخة.

ومع تولي المجلس العسكري مقاليد الحكم ومن بعده حكم الإخوان، بدأت الصحافة بشكل عام تدخل في طور التراجع، نظرًا لأن المحتوى الخبري أو المادة الخبرية المقدمة كانت متشابهة تقريبًا، مما خلق عند القارئ نوعًا من التخبط والحيرة عند تفضيله بين جريدة عن الأخرى.

وخلال الأعوام الثلاثة الماضية بدأت الصحافة القومية في تطوير وإعادة هيكلة نفسها، ولنا نموذج في تجربة الكاتب الصحفى ياسر رزق، رئيس تحرير جريدة أخبار اليوم، فهو يمتلك جرأة غير موجودة في باقى المؤسسات القومية، اختار كوكبة من الكتاب المستقلين فكريًا فبدأ يثبت نفسه وسط هذا الوضع غير المتوازن إلى حد ما.

وفى الفترة الآنية، هناك نوع من التوازن بين الصحافة القومية والمستقلة وربما تتفوق الأخيرة قليلًا، خاصة أن الصحف المستقلة بدأت تعود إلى مصطلح هامش الحرية الذي تصدر المشهد إبان حكم الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك، فالآن لا توجد حرية كاملة، وهذا يعود بالصالح على الصحافة المستقلة، وليست صحافة الدولة ذات السقف الذاتى المقيد، وبالتالى هذا سيزيد من فرص توزيع إصدارات الصحف المستقلة ما في ذلك ريب.

هل عدوى وقف إصدارات الصحف العالمية ربما تصل إلى مصر، وتتجه بعض الصحف المستقلة الشهيرة ذات التمويل الكبير إلى الاكتفاء بالصحافة الإلكترونية؟
بالفعل بعض الصحف المصرية لجأت إلى وقف طباعة إصدارها الورقى واكتفت بالموقع الإلكتروني، كجريدة التحرير، وكذلك الشروق تتجه لذلك، ولكن الوضع يختلف فأسباب وقف الإصدار الورقى هنا كان نتيجة مشكلات اقتصادية طاحنة ضربت بها، وعرقلت استمرار طبع إصدارات هذه الصحف، وكذلك المصرى اليوم لم تكن بمنأى عن هذه المشكلات، ولكن استطاعت ترتيب أوراقها، وأعادت هيكلة المؤسسة من جديد وطورتها إلى جانب الإصدار الورقي، واليوم نتحدث عن غرفة الأخبار المدمجة التي تشمل الموقع الإلكتروني والبرامج التليفزيونية، وعلينا أن نلحق بالركب العالمي قدر استطاعتنا، سواء في الإصدار الورقي أو الموقع الإلكتروني.

يتوقع الباحثون بعد 50 عاما من الآن وربما أقل اختفاء الصحف الورقية والإلكترونية، وستظل فقط السوشيال ميديا مصدر الخبر؟
ألمس بوادر هذه التوقعات من الآن، فالخبر على السوشيال ميديا يشاهده الملايين من البشر وتتسع نسب انتشاره، ويعد ساحة رئيسية وهامة للصحافة التفاعلية.

هل تعاني الصحافة الخاصة من أزمة تمويل، وهل تراجع الإعلانات ضاعف أزمتها؟
دعيني أتحدث في هذا السياق عن صحيفة المصري اليوم، فنحن تعاملنا مع أزمة التمويل بمنتهى الوضوح والشفافية دون الالتفاف حولها، كانت المشكلة الأكبر تتعلق بالوكيل الإعلاني، لجأنا إلى تقليص الإنفاق، وكذلك خفضنا من أعداد العاملين بالمؤسسة بشكل أرضى الجميع بعد الحصول على كامل مستحقاتهم، وبالفعل نجحت الإدارة الاقتصادية للمؤسسة في تجاوز الأزمة، في حين لم تستطع مؤسسات أخرى تجاوزها.

كيف تخرج الصحف الورقية من نفق المتابعات والمعالجات النمطية وتتجه نحو آفاق أرحب وأشكال أوسع اختلافًا؟
الأمر متوقف على الجمهور، فالقارئ المصري شعبوي إلى حد كبير، وحتى الآن لا توجد دراسة عميقة حول ما يطلبه القارئ، ولا بد أن أقدم له شو جيدا، بالإضافة إلى عوامل الجذب التي تعود بشكل إيجابى على توزيع الإصدار الورقي، ونحن نسعى حاليًا إلى خلق هذا التنوع بالإضافة إلى نشر موضوعات لها ثقل وعمق تتجاوز الاشكال النمطية القديمة.

برأيك هل الصحفي عليه دور رئيسي لإحياء الصحف الورقية المصرية من جديد؟
الصحفي حاليًا لا يملك سوى أن يواكب الحداثة التي تطرأ على المهنة، ويطور من أدواته، فالصحافة الورقية لها ثقلها، ولكن الوقوف عندها غير منطقي، في ظل اتجاه عالمى يسعى إلى إبراز الصحافة الإلكترونية كبديل للورقية، وبالتالى على الصحفى أن يبذل جهدا لتطوير ذاته يستطيع من خلاله التعامل مع هذا النمط الجديد للصحافة، وأرى أن مستقبل الصحافة يتجه نحو غرفة الأخبار المدمجة، بحيث يكون الصحفى قادرا على إتقان جميع الألوان الصحفية والإعلامية.

ما هي روشتتك للحفاظ على المطبوع الورقي في ظل منافسة إلكترونية شرسة؟
توفير مناخ تنافسي حر، والبحث عن آليات متطورة ومبتكرة لتوزيع الصحف، خاصة أن الصحف المصرية بلا استثناء ارتكبت خطأ كبيرا في حق نفسها، حينما ظلت حتى الآن تحت رحمة المؤسسات القومية في طباعة وتوزيع الصحف، واستطاعت هذه المؤسسات أن تمارس نوعًا من الرقابة غير المباشرة على الصحف الخاصة، إما بحجة المديونيات، أو تأخير بعض الإصدارات لأن المحتوى يتعارض مع سياسة الدولة بشكل كبير.

وللأسف فشلت الصحف الخاصة، فيما نجحت فيه الدولة في ستينيات القرن الماضي في إنشاء مؤسسات عملاقة للطباعة والتوزيع خاصة بالصحافة القومية، فلم تتعاون الأولى في تأسيس شركة توزيع تكون بداية لطريق استقلالية هذه الصحف، وخاصة أن الفكرة كانت مطروحة وبقوة مع بداية الألفية الثالثة، ولكنها فشلت لأسباب متعلقة بإرادة حقيقية عند هذه الصحف ولأسباب تمويلية ومالية، ولعل المصري اليوم حاولت أن تغرد خارج السرب لتصبح الجريدة المستقلة الوحيدة في مصر التي تمتلك مطبعة خاصة بها.

الجريدة الرسمية