رئيس التحرير
عصام كامل

«البلو هول».. سحر الطبيعة على شواطئ دهب «تقرير مصور»

فيتو

يد الطبيعة شكلت من رمالها ذات الحبات البيضاء، المخلوطة بقليل من الصفرة، لوحة فنية فائقة الجمال أشبهت عقد نظم من أثمن أحجار اللؤلؤ المطعم بالذهب الخالص، والموضوع حول عنق حسناء تتشوق لرؤيتها العيون، كما أن مياهها المصبوغة باللون الأزرق أضفت إلى جمالها مزيدًا من الفتنة والسحر، جعلا من منطقة «البلو هول» بمدينة دهب في محافظة جنوب سيناء مقصدًا لعاشقي المتعة والجمال.



«البلو هول»، جزيرة تقع في أعماق البحر الأحمر على شواطئ مدينة دهب، ويتجاوز قطرها الـ50 مترًا، وعمقها الـ100 متر، ورغم أنها تقع بأكملها داخل البحر الأحمر، إلا أنها تعد جزيرة مستقلة بذاتها، حيث يفصلها عنه 4 سواتر رملية تكونت بفعل عوامل الطبيعة منذ أزمنة مضت، ولا يصل بينهما سوى فتحة صغيرة عرضها 6 أمتار تعرف بـ«السرج»، ومنها يتجدد شباب مياهها الزرقاء كل لحظة.


ويؤكد مشايخ البدو في جنوب سيناء أن تلك المنطقة تكونت منذ حقب زمنية متباعدة، عقب اصطدام مذنب ضخم بالأرض، وهو ما خلف حفرة عميقة في وسط البحر الأحمر عرفت بـ«الثقب الأزرق»، أو «البلو هول».



ويتميز «البلو هول» بكونه واحدًا من أفضل المراكز العالمية لممارسة رياضة الغوص - طبقًا للتصنيف العالمي في هذا المجال - وهو ما أهله لأن يصبح وجهة معتمدة دوليًا لراغبي «الفري دايفنج» أو القدرة على الوصول لأعماق معينة دون استخدام أدوات الغطس، بالإضافة إلى تصنيفه كمحمية طبيعية، نظرًا لما تحويه في أعماقها من أجمل وأندر أنواع الشعاب المرجانية، وهو ما جعله مقصدًا يجذب إليه ملايين السائحين من شتى أنحاء العالم.


ويعتبر أبناء القبائل البدوية بسيناء أن «البلو هول» هبة السماء إليهم، لذلك عملوا خلال السنوات الماضية على منع وصول أي سيارات أو وسائل تنقل حديثة إليها، وكان الترجل أو ركوب الجمال هما سبيلا الوصول الوحيدان إليها، والهدف من ذلك هو الحفاظ عليها من أي تلوث صناعي، خاصة بعدما شاهدوه من نمو الشعاب المرجانية النادرة في أعماقها والتي تحتاج لبيئة صحية وخالية من أي ملوثات للبقاء على قيد الحياة.


كما أن لـ«البلو هول» قدسية من نوع خاص عند البدو منذ قديم الأزل، فهم يخلون فيها إلى أنفسهم أثناء الليل للحصول على الراحة والصفاء الذهني والتغلب على مكدرات الحياة، ولهم في ذلك طقوس خاصة اعتادوا على ممارستها، حيث يتجمع العشرات منهم بعد مغيب الشمس ويفترشون الرمال موجهين أنظارهم إلى السماء ويظلون على هذا الوضع حتى طلوع الشمس ثم يغادرون المكان.


وتمثل «البلو هول» للمصريين والأجانب سحر الطبيعة وفتنة جمالها بكل ما تحمله من معانٍ، حيث تأسرهم رحلات الغوص التي يعيشون خلالها ساعات من المتعة الممزوجة بالتحدي، مستمتعين بمشاهدة الشعاب المرجانية التي لا يوجد لأنواعها مثيل في العالم.


وسحر «البلو هول» مهدد بالاندثار، عقب تعرضها لإهمال ممنهج، سُمح من خلاله في الآونة الأخيرة بدخول السيارات إلى هذه المنطقة، وهو ما يشكل خطرًا جسيمًا يهدد بموت الشعاب المرجانية النادرة النابتة في أعماق «البلو هول» جراء السموم المنبعثة من عوادم تلك المركبات.


وذلك بالرغم من وجود منطقة انتظار للسيارات تبعد نحو 500 متر عن «البلو هول»، وهي مخصصة منذ سنوات بقرار من رئيس الوحدة المحلية السابق لمدينة دهب، إلا أن الكثيرين باتوا في الأشهر الأخيرة يرفضون الالتزام بالتعليمات وترك سياراتهم بداخلها، والأكثر خطورة من الأمر السابق، هو قيام مالكي تلك السيارات بالتخلص من عوادم الزيت في مياهها، في ظل غياب تام من مسئولي وزارتي البيئة والداخلية ومحافظة جنوب سيناء، وهو الأمر الذي يمنع وصول الأكسجين إلى الشعاب المرجانية ويؤدي حتمًا إلى موتها، وفي حال استمراره سيقضي نهائيًا على كل مقومات الطبيعة في هذا المكان وسيجعل منها منطقة طاردة للسياح بعد أن كان جمالها يجذب الملايين ويدر دخلًا قوميًا يصب في حصيلة الاقتصاد القومي.

الجريدة الرسمية