رئيس التحرير
عصام كامل

الدرس الذي لم يتعلمه أحد


لم يتعلم أحد الدرس الكبير لثورة 25 يناير وهو أن أساليب خداع الشعب لن تفلح بعد ثورته العظيمة على الكذبة الكبرى التي تعرض لها على مدى 30 عامًا في إقامة دولة قانون وحرية ورخاء.


يوم 25 يناير 2011 الشعب قام بثورته بعد أن انكشفت الحقيقة المرة، والفضل يرجع للشباب الذي سبق النخبة وأزاح الستار عن وجه الكبت والقمع والفساد والتزوير الذي ضرب بجذوره في الدولة ولا سبيل لاقتلاعه إلا بثورة شعبية تحقق المعجزة وتفتح طريق الأمل للمصريين.

والآن وبعد 5 سنوات لم يتعلم أحد أن النفاق والتطبيل أقصر طريق لإفشال أي نظام وأكبر خطر على كيان الدولة.. فالشعوب لا تجني من وراء هذا النفاق سوى الخراب واليأس.. ولا تحصد الدول من التخوين والمكارثية إلا الدمار.

ولم يتعلم أحد أن بناء الدولة يبدأ بالعدالة الاجتماعية وإرساء دولة القانون حتى لا يشعر أحد أنه غريب في وطنه خاصة عندما يرى التمييز يتعاظم بين فئات وظيفية من المفترض أن تكون خادمة للشعب.

ولم يتعلم أحد أن الحرية هي طريق النجاة الأوحد من تردي أوضاع الدول وهزيمة الشعوب وانكسارها وهي السبيل للنهوض بالمجتمع ورفعة الإنسان وتحقيق التقدم الحقيقي بعيدًا عن الشعارات الجوفاء.

لم يتعلم أحد أن الشباب أكثر وعيًا من حكامه خاصة هذا الجيل الذي يفهم كل شيء بسرعة مذهلة ويعبر عنه بوسائله المذهلة أيضًا، بعد أن كان جيلنا يحتاج إلى سنوات وأحيانًا عقود ليعي أبعاد وكواليس ما يدور حوله، ويعبر عنه بروح انهزامية واستسلام.. لكن درس ثورة 25 يناير أكد أن الشباب يقفز بأفكاره أكثر مما نتخيل نحن.. وإقصاؤهم أكبر خطر على الأمن القومي.

والدرس الذي لم يتعلمه أحد أن استمرار الدولة العميقة التي تحمي "سيستم" الفساد هو الخطر الحقيقي على أي مشروع جاد لبناء دولة حديثة.. وعودة الدولة الظالمة برموزها ووسائلها الآن مؤشر على الكارثة التي تهددنا نحن ملايين المصريين الذين شاركوا في الثورة بهدف إسقاط النظام ومن خلفه.. ونحلم بوطن لكل أبنائه وليس لفئة معينة.. وبحرية حقيقية تحفظ كرامة المصري في بلده وتكفل له العيش الكريم.. وبعدالة تضمن حماية ثروات البلاد من النهب ليتمتع بها الجميع.

سنظل متمسكين بحلمنا الكبير.. الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية حتى وإن لم يتعلم أحد الدرس!
الجريدة الرسمية