رئيس التحرير
عصام كامل

حقيقة ميلاد المسيح!


في الآونة الأخيرة ارتفعت أصوات مشككة في تاريخ ميلاد السيد المسيح - عليه السلام - متى وأين وُلد؟.. واتخذها هؤلاء ذريعة للتشكيك في الكتاب المقدس لأشقاء الوطن المسيحيين، باعتبار أن في الأناجيل المختلفة عدة تواريخ لميلاد «يسوع» - حسب قولهم -.


أين وُلد المسيح؟، ومتى وُلد؟، صيفًا أم شتاءً؟، في عهد «هيرودس» أم «كيرينيوس»؟.. هكذا انشغلت تلك الأصوات بهذه الأسئلة؛ ظنًا منها أنها ستأتي بنصر مظفر، أو تسقط على حقيقة قد تُغير وجه البشرية.

السؤال الذي ينبغي علينا طرحه بالفعل.. لماذا نشغل أنفسنا بهذه التساؤلات؟، وهل معرفة تاريخ ميلاد المسيح تزيد من عمق تديننا، وجهلنا به ينتقص من إيماننا؟.. لا أعتقد ذلك.. فليس معرفة ميلاده - عليه السلام - شرطًا لدخول الجنة، وجهلنا به يهوي بنا في الدرك الأسفل من النار.

مَنْ منا يعلم - يقينًا - ساعة ويوم ميلاده؟.. لا أحد.. فنحن نعتمد - اليوم - على ميلادنا المكتوب في السجلات الرسمية، رغم أن تدوين أسمائنا في الجهات الحكومية قد يستغرق عدة أيام، أو أسابيع، وربما بضع سنوات.. وهناك نماذج شاهدة على ذلك.

ما نعلمه حقيقة أن عيسى بن مريم، وكذلك جميع الأنبياء - عليهم السلام - وُلدوا في عصر لم تكن فيه مستشفيات، وأطباء نساء وتوليد، ولا مكاتب صحة لتسجيل المواليد، واستخراج شهادات الميلاد؛ لنعرف - على وجه الدقة - متى وأين وُلدوا.

لكن لماذا تتجدد هذه التساؤلات الآن؟
باختصار نحن نبحث عن «التوافه» حينما تكون عقولنا فارغة من أي أشياء ذات قيمة.. ونجتهد في البحث عما نعتقده أخطاء عند الآخرين؛ لنداري به جهلنا و«خيبتنا الثقيلة»!

لقد انشغل بعض الذين يصنفون أنفسهم «باحثين» بالبحث عن التاريخ الحقيقي لـ«ميلاد المسيح»، هل هو في «صيف أغسطس»؛ حيث موسم «الرُّطب»، أم في «شتاء يناير»؟.. ونسى هؤلاء، أو تناسوا عن قصدٍ وتعمدٍ أن ولادته - عليه السلام - كانت «معجزة» بكل المقاييس.. وما يعجز الإله القادر، الذي يقول للشيء «كن فيكون» أن يُسخِّر «النخلة» لـ«مريم» - عليها السلام - وأن تهزها فيتساقط عليها «رُطَبًا جَنِيًّا» في غير أوانه!!

إن «النجاشي» قال للمسلمين المهاجرين إلى الحبشة، بعد أن قرأ عليه جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - آيات من سورة مريم: «إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة».. فالأولى أن يحترم كل منا عقائد الآخر، ولا يُنصِّبَ نفسه إلهًا عليهم.. فلهم دينهم ولكم دينكم «وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آَتَاكُمْ».
الجريدة الرسمية