رئيس التحرير
عصام كامل

جولة تعليمية تجيب الغَم!


للأسف كان حال مدارسنا هذا الأسبوع لا يسُر عدوًا ولا حبيبًا، وهو أمر عادي يعني؛ إذ صارت العملية التعليمية في بلدنا تصعب على الكافر، ولم يتبق من عناصر هذه العملية عنصر واحد إلا وسقط فريسة فساد أو رشوة أو غريزة أو بلوة منيّلة بنيلة، والسبب كما لا يخفى على فطنة حضرتك، لا يخرُج عن عيب في حاجتين اتنين، يا إما السادة المسئولين عن العملية نفسها، من مُعلمين وإداريين وعُمال.. إلخ، أو الأفندية إللي العملية التعليمية نفسها مسئولة عنهم، إللي هُما الطلبة ومعاهم أولياء أمورهم!


الجانب الثاني تظاهر أبناء وآباء ضد قانون كان المُفترض أن يجبر الطالب على التواجُد في مدرسته في المواعيد إللي المفروض يكون موجود فيها في المدرسة، لسبب بسيط هو أن صنعة حضرته طالب، بالإضافة لبند صغنن كمان وهو أنه يكون طالب مُحترم بسلوك جيد، ولما تظاهروا - أبناء وآباء - الحكومة تراجعت في القرار، وسمحت لهم يهجروا المدرسة، ويتواجدوا في مراكز الدروس الخصوصية، أو البلاي استيشن، أو السرير، مش فارقة!

أما الجانب الأول برضو فهو ماهمدش مُظاهرات واعتصامات، إللي عايز يتثبّت، وإللي عايز يترقى، وإللي عايز كادر، وإللي عايز بدل، وكُل ده ليه؟.. علشان نصف السادة المذكورين من دول يقعد في المدرسة المهجورة يشرب شاي ويدخّن سجاير، والنصف الآخر يسيب المدرسة المهجورة ويروح يكد ويكدح في الدروس الخصوصية، وإن اتفق الجانبان على ضرورة التمسُّك بكُل امتيازات الكادر والعلاوات والمُكافآت والأرباح، واحد يقول لي هي المدارس فيها أرباح علشان يقبضوها؟.. يا عم يعني هي المصانع واللا المزارع واللا شركات القطاع العام وقطاع الأعمال هي إللي فيها أرباح؟.. ما هي طالع ميتينها في الخساير، ومع ذلك عُمالها وموظفيها بيقبضوا أرباح برضو!

المُهم أن الأيد البطالة نجسة زي ما حضرتَك عارف، وبالتالي فقد تفادى بعض إخواننا في معمل كمبيوتر في مدرسة ثانوية بالمنيا، هذه النجاسة الناتجة عن بطالة الأيد، وقاموا شغّلوا المعمل في حاجة مُفيدة، أيه هي الحاجة المُفيدة دي؟.. أبدًا، حضراتهم نزّلوا أفلام إباحية على أجهزة الكمبيوتر في المعمل، وهاتَك يا فُرجة مُباشرة أو تبادل الثقافات فيما بينهم، مش أحسن من التدخين، أو القعاد في الشمس؟!

طبعًا أنت كقطاع عام وحكومة ماتقدرش تعمل فصل نهائي للناس دي وترميها في الشارع، طيب تعمل أيه؟.. لفت نظر وتحوّلهم على مدرسة تانية، بس يا ريت ماينسوش ياخدوا معاهم الأسطوانات إياها، أومال يشربوا سجاير في المدرسة يعني؟!

حالة تانية في الشمال ضمن جولة تعليمية تجيب الغَم، إسكندرية الماريا إللي تُرابها زعفران، أحد حُراس المدارس قال لَك المدرسة مهجورة، طيب مانستغلهاش ليه؟.. بس راح فاتح لك مشروع دعارة صغنن كدة الساعة بـ300 جنيه في إحدى حُجرات المدرسة، طبعًا الحكومة قبضت على حضرته قبل ما يعمل توسُّع طموح، ويزحف بمشروعه على باقي الحُجرات والفصول المهجورة، ومش بعيد كان عمل مهرجان استربتيز في حوش المدرسة على دخلة الربيع الجاي، فَشَر مهرجانات لاس فيجاس بجلالة قدرها!

طبعًا سيادة الحارس المُوقَّر موظف الحكومة المُحترم ماحدش هيقدر يمسّه، حَاكِم.. هو متثبت وبياخُد مرتب ومكافآت وبدلات وحوافز وله صوت في انتخابات مجلس النواب كمان، يعني آخره يتعمل له لفت نظر ويروح نفس المدرسة إللي هيروح يشتغل فيها الإخوة بتوع مدرسة المنيا، يا محاسن الصدف، دول يعملوا أطعم شغل، أو مُمكن (هيكتور كوبر) ياخد حضرته حارس أول في المنتخب بدل ما هو حارس مدرسة!

أما مدرسة المنصورة يا مؤمن، فقد كان الرجالة هناك في قمة الرجولة، لا عن طريق الجنس وقلة الأدب، لكنهم ضربوا بعضيهم بالخرطوش، جايز يكون السبب فيلما جنسيا لكن مالناش فيه، المُهم أن الرجالة طخوا بعض بالخرطوش في المدرسة، ووقع مُصابون، جايز يكون من ضمنهم قتلى بعد كدة، أصلي ماتابعتش كويس، وقد يقول قائل إن ترك المدارس مهجورة أحسن من تحويلها لساحات قتال، نرُد نقول له لأ طبعًا، يعني نسيبها علشان تتأجَّر مفروش، واللا نعمل فيها نشاط يفيد الشباب ويعلمهم حاجة تنفعهم وتنعش الاقتصاد؟.. آه طبعًا تنعش الاقتصاد، هو مش إللي اتعوروا في المعركة دول راحوا مستشفيات واتصرف لهم قطن وشاش وميكروكروم وسلك خياطة، واشتغل أطباء وممرضون وتمرجية وسواقو إسعاف؟.. يعني حالة رائعة من الرواج الاقتصادي، تخليك تقترح على وزارة التربية والتعليم بدل ما هي بتفكَّر توزَّع تابلتس على الطلبة بدل الكُتب، تبقى توزَّع على كُل طالب فرد خرطوش أو مخروطة!

وأخيرًا وفي شبين الكوم، جاءتني شكوى مُرَّة من القائمين على مدرستي خالد بن الوليد والسيدة عائشة الابتدائيتين، المدرستان يفصل بينهما عدة أمتار، وتقع كُل منهما في شارع مُلاصق لشارع الأخرى، وقد تحوَّل المرور في هذه المنطقة إلى معجنة بكُل معنى الكلمة؛ إذ يمُر في مُفترق أربعة شوارع كُل أنواع المركبات من سيارات ملاكي وأجرة ونقل وتريللات، ده غير التوك توك والتروسيكل والموتوسيكلات إللي بتمشي على الرصيف، آي والله بتمشي على الرصيف، وماعادش فاضل من وسائل النقل الأرضية غير أن يطلع قطر يعدي في المنطقة دي كمان من غير مزلقان أو بمزلقان مش فارقة علشان تبقى كملت!

المُهم أطفال المدرستين الابتدائيتين في خطر جسيم، والأمر خارج نطاق نظر المُحافظة ومُديرية الأمن بدون سبب واضح، لاسيما أن إدارتي المدرستين تقدمتا بأكثر من شكوى، بعد وقوع أكثر من حادثة للتلاميذ وأهاليهم جراء المعجنة المرورية، والطلب بسيط جدًا، رجُل مرور مُحترم يقف ينظّم العملية دي شوية ساعة الصبح وساعة بعد الظهر، فهل مُمكن يتم الاستجابة لهذا الطلب قبل ما التكاتك والتروسيكلات تقضي على ثروتنا البشرية وفلذات أكبادنا في المدرستين المذكورتين، فيتم تحويلهما لقائمة المُنشآت التعليمية المهجورة إللى بيحصل فيها أمور عيب كالمذكورة أعلاه؟!

رجاء حارّ يا ريت نحلَّها برجال المرور دلوقتي، أحسن ما نحلّها برجال بوليس الآداب بعدين!
الجريدة الرسمية