رئيس التحرير
عصام كامل

الصرف الصحي والصرف البنكي


تعرضت الإسكندرية التي كانت "عروس البحر" إلى أمطار شديدة أغرقت المدينة، وأهلكت الأخضر واليابس وتوقفت الحياة، وأصبحت الإسكندرية "عنوس البحر"، تم عزل المحافظ الغلبان الذي أصبح كبش الفداء ولم تهدأ الأحوال، وما زال الفساد قائما وإهمال موظفي الحكومة ساريا والشعب السكندري حائرا..


المشكلة الحقيقية هي أن شبكة الصرف الصحي لم تستوعب كمية المياه الهائلة التي سقطت على المدينة في وقت قصير؛ نتيجة للعاصفة المطرية الرعدية التي ضربت الإسكندرية وسقط خلالها ٣٧ مليمترا من المياه خلال ثلاث ساعات، وهذه ظاهرة غير مسبوقة، وسقط كذلك ١٥ مليمترا من الأمطار على البحيرة ووادي النطرون، و١١ مليمترا على المنوفية..

لقد خططت مدن مصر تخطيطا هندسيا عصريا على غرار مدن أوربا، ولكن لم يؤخذ في الاعتبار الصرف السطحي، على أساس أن جو المحروسة قليل المطر ولا لزوم لصرف المياه السطحية بمفردها، بل تصرف مع الصرف الصحي، وعلى هذا الأساس لا يوجد صرف سطحي في مدن أرض الكنانة، ولا ننسى أننا درسنا في صغرنا أن الطقس في بلدنا "حار جاف صيفا دافئ ممطر شتاء"، وممطر هنا لا يزيد عن عدة مليمترات.. لكن الأمور تغيرت، وتغير الجو، ولأن الأرض كوكب نشط شباب كثير التغير، وحركته تتباطأ، فحدث تغير في المناخ أدى إلى أن تكون مصر أكثر مطرا عن المائة سنة الماضية وأكثر بردا.

يعني أن الأصل في المشكلة هي البنية التحتية لصرف المياه السطحية أي مياه الأمطار، فعلينا أن ننظر ونفكر في هذا الأمر لكل مدن مصر، وهذه المياه ليست ملوثة وتصلح لري الحدائق والحشائش والأشجار، بمعنى أن تصرف وتجمع وتستعمل مرة أخرى، ونوفر استعمال المياه العذبة للاستعمال الآدمي والحيواني..

وأما الإعصار الذي ضرب دمياط فهو غير مسبوق أيضا، والأعاصير من أكثر الكوارث الطبيعية خطورة، فهي تجلب معها الدمار وتبعث الرعب في النفوس، وهي تتمثل في حركة الرياح الشديدة التي تتوافق مع اضطراب قوي في الحالة الجوية؛ لاختلاف في الضغط الجوي يؤدي إلى حدوث مناطق ذات ضغط جوي منخفض يؤدي إلى جبهات هوائية باردة تثير رياحا عاصفة.

لذا لا بد من عمل دراسات وأبحاث للعواصف والظواهر الطبيعية الأخرى مثل الأعاصير والزلازل في منطقة البحر الأبيض المتوسط والبحر الأحمر، التي لها تأثير مباشر علينا؛ لأن علم الجيولوجيا الحديث يقول لنا إن البحر المتوسط يضيق والبحر الأحمر يتوسع، والعلم عند الملك جل وعلا.. أما الصرف البنكي فهو أسهل لكن أخطر، والعلم عند من يهدر العملة خصوصا الصعبة!!
الجريدة الرسمية