رئيس التحرير
عصام كامل

محافظ الشرقية مالوش حق!


تأخَّرت عمدًا في البداية عن الكتابة في هذا الموضوع، وفيما بعد قلت لنفسي مفيش فايدة، فبلاش نتكلم في المسائل الحساسة دي؛ اتقاءً لحرق دم الكاتب والمكتوب إليه، وإن كان دم الكاتب مُمكن يتحرق ففي ستين داهية؛ لأنه أُس البلاوي في اختيار فحوى المقال، لكن ما ذنب المكتوب إليه إللي هو حضرة القارئ؟

رجعت قُلت يمكن يكون حضرته عَمَل حاجة وحشة في حياته، وأهو الدُنيا ماتخلاش من الذنوب أو الهفوات، يعني عاكس واحدة في المترو، دخل بيت ناس بالجزمة والسجاجيد نضيفة، شاف فيلم من أفلام (السبكي).. كفَّر عن سيئاتك يا أخي كفَّر!

والموضوع ببساطة هو يا سيدي ذلك الخاص بتراجُع الحكومة عن تطبيق قرار وزارة التربية والتعليم بتحديد 10 درجات في الثانوية العامة، لتكون مُرتبطة بحضور الطالب للمدرسة، وكمان خاصة باللامؤاخذة سلوك حضرة الطالب!

وأصبح من حق حضرة الطالب بعد الإلغاء الحكومي للقرار الوليد يا عيني إللي كان لسَّه بيفرح بالدُنيا - والنبي ماكانش لسَّه اتفطم - أن يستمر في الغياب عن المدرسة ويسيبها مهجورة، تعشش فيها الفيران والصراصير والتعابين، والفرَّاش والبواب يأجّروا الفصول للبقالين الكبار كمخازن سمنة وزيت وجبنة براميلي، والطالب إللي يحضر كمان أيه، يلهف المُدرِّس قلم على قفاه، أو يقعد يكسَّر في التختة (الديسك لا مؤاخذة لبتوع مدارس اللغات أو البينش) من غير ما حَد يقدر يلومه، ما هو مفيش درجات على السلوك!

يعني حضرتك مفيش حاجة تجبر الطالب الموقَّر في سن حرجة تحتاج للشدة جنب اللين، والحسم والحزم في ريح الحنيّة؛ لأن دة لوحده هيقهر الطالب، وده لوحده هيفسد الطالب والمجتمع كمان، أقول مفيش حاجة تجبر الطالب أنه يروح المدرسة، وكمان ده لو راح ماهوش مجبور أنه يحترم مُدرّسه أو حتى يكون مُهذَّب في مواجهة أي نفر في المنظومة التعليمية، من أول بياع الكراريس والأقلام في المكتبة إللي قُدام المدرسة، لحد سيادة الوزير ذات نفسه، طيب ليه؟

علشان طبعًا اليوتيوب وفيس بوك وتويتر، يشتغلوا بفيديوهات الأبطال إللي بتضرب المُدرسين على قفاها، والأشاوس الشجعان إللي بيكسَّروا التُخَت (جمع ديسك أو بينش علشان إخواننا بتوع اللُغات برضو)، والبنات إللي بترقُص (ترقصن علشان المجمع مايزعلش مننا) في الفصل على مفيش صاحب بيتصاحب، أومال هي المدارس عملوها ليه؟.. علشان يتخزِّن فيها الزيت والسمنة والجبنة بس؟.. لا مالكش حق يا راجل!

وما دفعني للكتابة أخيرًا - وتكفير سيئات سيادتك - هو مُشاهدتي لفيديو للسيد مُحافظ الشرقية، وهو بيتعب نفسه وإللي معاه ويقوم بمُداهمة أوكار الدروس الخصوصية، التي تحوَّلت لمدارس حقيقية، المُدرسين سايبين مخزن الجبنة والسمنة وقاعدين في وكر الدرس الخصوصي  (رغم أنهم مستمرين في قبض رواتبهم وعلاواتهم وحوافزهم ومُكافآتهم من خزينة البلد الحزينة يا حبة عيني)، والطلبة طبعًا سايبين القهوة وقاعدين في نفس الوكر، وهاتك يا عملية يا تعليمية، من غير لا نسبة غياب، ولا نسبة سلوك، ولا بنج كُلي، ولا بنج نصفي، والحقيقة أحزنني تصُرف سيادة المُحافظ، لاسيما وهو يسبح ضد تيار رغبة الحكومة ذات نفسها!

يعني الحكومة سمحت بالتسيُب ده لما ألغت القرار إللي كان صح، وقررت منح الضوء الأحمر ولا مؤاخذة للطلبة وأولياء الأمور والمُدرسين أنهم يقضوها سوا بينهم وبين بعض عُرفي بعيد عن المدرسة، هيقضوها فين يعني؟.. أهو في أي حتة بعيد عن الشارع ورزالة البشر، يقوم ييجي سيادة المُحافظ يشيل الهَم ويقول مش عاوزين الكلام ده؟.. طيب يعملوا أيه يا أفندم؟، ما هُما لازم يفكّوا نفسهم بأي طريقة!

وحَد يسألني أنت زعلان ليه؟، يا سيدي والله كُل الحكاية أنى مُشفق على أولياء الأمور إللي ماشاركوش في مُظاهرات الاعتراض على القرار مع عيالهم، جايز مش معاهم فلوس كفاية يدفعوا إيجار للدروس الخصوصية إللي قال أيه الدولة بتحاربها، بس شكلها بتحاربها بمُسدسات محشية بدل الرصاص بونبوني على طريقة الفنان (عزت أبو عوف)، وكمان مُشفق على المدارس المهجورة دي، طيب لزومها أيه؟.. لما هي خالية مدرسين، وخالية طلبة، وخالية علام، طيب ما نستغلها في حاجة مُفيدة وبشكل رسمي يفيد الدولة والشعب والخزينة العامة المقهورة، مش يصُب في جيب عم (فؤاد) الفرَّاش، أو محفظة أستاذ (عبد الرحمن) وكيل المدرسة، وهُما قاعدين يحرسوا الزيت والسمنة ويهشّوا النمل من ع السُكر، يعني نعملها معرض للسلع المُعمِّرة، تلاجات وغسالات ومكاوي، أو نقلبها مصنع ساندوتشات حلاوة بالقشطة، أو مستودع كُولَّة، أو حتى نعمل لها ترخيص ونشغَّلها مركز للدروس الخصوصية!
الجريدة الرسمية