رئيس التحرير
عصام كامل

من يختار المحافظين؟!


قبل أيام من وقوع الكارثة التي أغرقت الإسكندرية وتسببت في وفاة خمسة من مواطنيها، التقى محافظ الإسكندرية السابق المسيري، مع وزير التنمية السابق عادل لبيب، على مائدة عشاء أقامها محافظ مطروح لوزير التنمية الحالي أحمد زكي بدر وعدد من المحافظين، الذين شاركوا في المؤتمر الاقتصادي الذي أقيم في محافظة مطروح.


وكشف المسيري للحاضرين، عن أنه عندما وقع عليه الاختيار من رئاسة الوزراء، لتولي منصب محافظ الإسكندرية، تولى رئيس الوزراء السابق تقديمه إلى عادل لبيب، الذي اعترض على اختياره لمحافظة الإسكندرية، واقترح أمام رئيس الوزراء أن يتولى المسيري محافظة أخرى غير الإسكندرية، التي يصعب أن يديرها محافظ ليس لديه خبرات في الإدارة المحلية.

وفوجئ لبيب برد المرشح لتولي منصب المحافظ، الذي أصر على الإسكندرية، وأنه سيعتذر عن قبول الترشيح لو كانت محافظة غيرها، وكانت المفاجأة أكبر عندما تدخل المهندس محلب، رئيس الوزراء السابق، ليحسم النقاش، ويطالب بمنحه فرصة لإدارة المحافظة العريقة؛ لما له من خبرات عالمية.

لم يكن اعتراض الوزير لبيب على شخص المسيري، وإنما على توليه محافظة كبيرة ولديها مشاكل لا حصر لها.. لا يستطيع إدارتها محافظ ليس لديه خبرات في الإدارة المحلية.

اكتشف المدعوون إلى مائدة محافظ مطروح.. أن وزير التنمية المحلية السابق لم يشارك في اختيار المحافظين، واقتصر دوره على لقاء التعارف، قبل أن يتوجهوا إلى المحافظات التي سيعملون بها.. بل إن ملاحظات الوزير لم تكن موضع ترحيب.

طاردت الشائعات لبيب، مرة لاختياره محافظين من أصدقاء ابنه، منهم محافظا الإسكندرية والفيوم، وكلاهما حقق فشلا ذريعا في إدارة المحافظتين.. ومرت لأن حركة المحافظين الأخيرة كانت فاشلة تماما.

لم يرد لبيب على تلك الاتهامات الظالمة، واتجه بعد تشكيل الحكومة الجديدة إلى عرينه.. بعيدا عن مجتمعات النميمة.. والقيل والقال، كما لم يستجب للعديد من الدعوات التي تلقاها للمشاركة في مؤتمرات، وكان آخرها المؤتمر الاقتصادي الذي أقامته أخبار اليوم، ولولا أنه كان وراء إقامة مؤتمر مطروح لاعتذر عن المشاركة.

وجاء هذا اللقاء الذي اعترف خلاله المسيري أمام الحاضرين بأنه لو استجاب لرأي لبيب، لكان ذلك أفضل؛ لأنه كان سيكتسب خبرات تساعده على العوم في بحار الإدارة المحلية العميقة.

جاء اعتراف الرجل قبل أيام من كارثة غرق الإسكندرية، التي عُلقت مسئوليتها في رقبته وحده، ولم يكن أمام رئيس الوزراء سوى قبول استقالته؛ إرضاء لأبناء الإسكندرية الذين لم يتجاوبوا مع المسيري منذ تولي منصبه.. وجاء بيان رئاسة الوزراء، محاولة لإنصاف المحافظ، بالإشارة إلى أن الأمطار كانت غير متوقعة بهذا الحجم.. وهي المسئولة عن الخسائر الكبيرة التي حدثت.. وأن مواجهتها كانت أكبر من قدرات المحافظة.

وقد فرضت كارثة الإسكندرية على الرأي العام أكثر من تساؤل، حول الأسس التي يتم على أساسها اختيار المحافظين.

ومن أسف أنه لا توجد آلية تضمن حسن الاختيار، الذي يتم في أغلب الأحوال اعتمادا على حسن سمعة المرشح لمنصب المحافظ في عمله السابق.. والتقارير الأمنية التي تشير إلى عدم تورطه في مخالفات أو أعمال غير مشروعة، وقد ثبت بالدليل القاطع أن تلك التقارير لا تصلح كمسوغ لتعيين المحافظين.. فالتقارير عن المسيري كانت تشير إلى أنه تولى مناصب دولية وكان ناجحا في إدارتها، وأن محافظ الفيوم كان ناجحا في عمله السابق، ولكنه أثبت فشله بجداره في إدارة المحافظة؛ لأن منصب المحافظ يحتاج إلى مواهب أخرى.
الجريدة الرسمية