رئيس التحرير
عصام كامل

ياعزيزي.. كلنا لصوص!


بعيدا عن الاتهامات الموجهة إلى حمدي الفخراني والتي تنظرها المحاكم وتقرر حظر النشر فيها، وعن تجديد حبسه ٤٥ يوما بعد قبول استئناف النيابة، أحاول قراءة الرسائل الإعلامية والسياسية التي صدرت عقب إعلان تقديمه للمحاكمة.


في البداية اعترف أنني لم أكن أشك لحظة واحدة في أن الرجل حارب الفساد في عهد مبارك وتصدي للفاسدين وقد رصدت أحكام القضاء التي صدرت لصالحه  في تلك المواقف...

وكنت واحدا من بين الملايين الذين لا يعرفون الرجل شخصيا ويعجبون بتشخيصه للمشاكل الناتجة عن تزاوج السلطة والمال.. ويحصل على أحكام قضائية ضد الذين اشتروا الأراضي بملاليم وباعوها بالملايين.

وتزايد إعجابي بالفخراني عندما تصدي بشجاعة لجماعة الإخوان الإرهابية، وهم في عز سيطرتهم على مقدرات الدولة وتعرض للضرب والإهانة من جانب بلطجية الجماعة.

ولكن كل ذلك لا يعطيني اليقين ببراءة الرجل وأنتظر صدور حكم القضاء العادل.. له.. أو عليه، ولا يفقدني الثقة في وجود آخرين غيره يقاومون..

وساستقبل هذا الحكم بوعي كامل.. فإذا صدر حكم القضاء بإدانة الرجل الذي كان يمثل بالنسبة لي ولغيري رمزا لمواجهة الفساد، فذلك لا يعني أن كل الذين يتصدون للفساد.. فاسدون.. كما تحاول بعض الرسائل الإعلامية والسياسية.. أن تشكك في الجميع.. بسبب سقطة إنسان يخطئ.. ويصيب.. وتذكرنا تلك الرسائل بعنوان اختاره الروائي الراحل إحسان عبدالقدوس عنوانا لإحدي قصصه «ياعزيزي.. كلنا لصوص».. وهو العنوان الذي اخترته للمقال لأنه يجسد الرسائل التي أراد البعض توجيهها للمواطنين.. استنادا إلى الاتهامات الموجهة لأحد الذين قاوموا الفساد.. وأصابهم الإرهاق وسقطوا في نهاية الطريق.

هذا إذا ما تمت إدانته بعد المحاكمة العادلة.. ويبقي أن غيره كثيرون يواصلون المقاومة والتصدي للفاسدين دون أن يسقطوا في وسط الطريق.

ولو أن الحكم صدر لصالح الرجل، فلن أندهش، لأنه وقع في فخ مدبر له من قبل.. وما أكثر الذين وقعوا في مثل تلك الأفخاخ وحصلوا على أحكام البراءة.. ولكن بعد تعرضهم للاغتيال المعنوي..

المقصود من تلك الرسائل القضاء على «النموذج» وليس الشخص وحده.. حتى لا يقاوم غيره الفساد دون أن تطارده الاتهامات التي طالت الفخراني.

ومن يتابع الجماعات التي بشرت بنهاية الحرب على الفساد، سيلاحظ أنها ضمت جماعات ما كان لها أن تتجمع.. رجال أعمال تحوم حولهم شبهات عديدة منذ عهد مبارك، وقنوات فضائية كانت تدعو لاعتبار مبارك بطلا قوميا، وجماعات الإسلام السياسي بمختلف أطيافه.. وفي مقدمتها جماعة الإخوان والفضائيات التي تمتلكها، وصفحات التواصل الاجتماعي المعادية لثورة ٢٥ يناير، ويعتبرونها سبب كل المشاكل التي يتعرض لها الوطن.. وتنتج أمثال الفخراني، والاشتراكيين الثوريين الذين يستخدمون نفس الألفاظ التي يستخدمها اليمين الرجعي «!» ويصدرون أحكاما على الرجل.. قبل أن يقول القضاء كلمته.

ويبقي أنه لو حصل الفخراني على حكم البراءة.. فذلك لن يعيده إلى الحياة السياسية من جديد.. ولن يوقف حملات التشكيك في نوايا كل من يتصدي للفاسدين.. والمعركة مستمرة.
الجريدة الرسمية