رئيس التحرير
عصام كامل

حدث في مساجد الأوقاف


قررت وزارة الأوقاف، اختيار الموضوعات التي يتناولها الأئمة في خطب الجمعة؛ حتى لا يخرج بعضهم على الإطار العام الذي تحدده الوزارة، بعد أن تجاوز عدد من الأئمة حدود الالتزام بمبادئ الإسلام الصحيح، واختاروا موضوعات تدعو لاستخدام العنف -وفق مفهومهم الضيق عن الجهاد في الإسلام- وبعد أن احتل العديد من السلفيين منابر المساجد.. واستبعدوا الأئمة المعينين من الوزارة الذين تعلموا أصول الدين من الأزهر الشريف.


وبالرغم من نبل الهدف الذي تسعى إليه الوزارة، فإن التطبيق على أرض الواقع لم يختلف عن الممارسات السابقة، صحيح أن الأئمة التزموا بالعنوان الرئيسي الذي تحدده الوزارة، ولكنهم فسروه وفق قناعاتهم.

وعلى سبيل المثال.. اختارت الوزارة عنوان «منزلة الشهداء عند الله» ليكون موضوع خطبة الجمعة في مختلف المساجد، وذلك بمناسبة انتصار أكتوبر.. وكان من المفترض أن يتحدث الأئمة عن الدافع الوطني الذي قاد إلى تحقيق النصر، ولكن خطيب مسجد الحق وهو من أكبر المساجد في حي مدينة نصر، أرجع الانتصار إلى أن الحرب كانت دينية بين مسلمين وكفار، بينما الحقيقة أنها كانت معركة وطنية بين أبناء الوطن من مسلمين وأقباط، وبين عدو حقق انتصارًا لا يستحقه في يونيو ٦٧، واحتل مساحات من الأراضي المصرية.. التي حررها المصريون في أكتوبر ٧٣.

ولكن خطيب مسجد الحق حولها إلى حرب دينية بين المسلمين والكفار.. بدليل أن المقاتلين رفعوا شعار «الله أكبر»، وكأن الشعار خاص بالمسلمين وحدهم.

هذا التفسير يستبعد الأقباط من شرف الاشتراك في الحرب، وكأن الخطيب لا يعلم -وربما يتجاهل- أن العبور ما كان يمكن أن يتحقق لولا فكرة قدمها مقاتل مصري مسيحي؛ لاقتحام خط برليف المنيع، الذي كان خبراء العالم يجمعون على أن عبوره مستحيل، بل أسهم كتاب كبار في تبني هذا الرأي، وفي مقدمتهم الأستاذ محمد حسنين هيكل.

وربما لا يعلم الإمام -أو يتجاهل- أن الجيش الثاني الميداني كان يقوده قائد مصري مسيحي من القادة العظماء.

لم يكتف الإمام بتوصيف حرب أكتوبر على أنها حرب دينية.. ولكنه أعلن معتقداته بوضوح عندما قصر الشهادة على المسلمين وحدهم.. أما من يتبع ديانة أخرى فمن الخطأ أن يقال عنه إنه شهيد.. وكأن الله اختص هذا الرجل بمعرفة من هو الشهيد.. أو غير الشهيد.. وأن يوزع نيل الشهادة على أنصاره.. ويحرم منها من يختلف عنه في الدين.

المصيبة أن المسجد لديه خمسة ميكروفونات، تتيح إذاعة خطبة الإمام على الملأ، ما يزعج المسلمين قبل الأقباط.

وأذكر أن أحد خطباء نفس المسجد كان يتحدث عن الحملة الصليبية، ويتبع كل اسم قبطي بلفظ «هلك»؛ تعبيرًا عن وفاته، وفوجئ المصلون بأحد الشباب الأقباط يقتحم المسجد وهو يصرخ هل تريدوننا أن نترك وطننا؟ وقد اتخذ وزير الأوقاف وقتها، قرارًا باستبعاد الخطيب بعد أن أبلغته بما حدث، وتأكد من عامل المسجد عن حقيقة ما جرى.

وما يجرى من السلفيين داخل محافظات الوجه القبلي من دعاية لمرشحيهم داخل المساجد.. يدل على أن الوزارة لم تسيطر بعد على المساجد التابعة لها.
الجريدة الرسمية