رئيس التحرير
عصام كامل

دعوة للكسب غير المشروع!


لا خلاف على أن مصر في حاجة إلى كل مليم تم الاستيلاء عليه بطرق غير مشروعة، ولا خلاف على ضرورة وجود حل يعيد للوطن والشعب أمواله المسروقة سواء بطرق غير شرعية أو باستغلال ثغرات في القانون، دفعت البعض للاستيلاء على ثروات البلد بقوة قوانين تمت صياغتها في غفلة من الرقابة التشريعية، وتحت ضغوط نواب برلمان أنظمة حكم فاسدة في فترات سابقة، كانت تكفيهم الإشارة بسبابة اليد الواحدة أو برفعة حاجب أو نظرة عين وينتهي كل شيء إلى حيث يريد هؤلاء!


أظن أن هذا العهد قضى نحبه أو ربما ينتظر النهاية قريبا مع نظام حكم يبنى على أساس من العدل والشفافية التي نتمناها.

لكن عندما نقرأ عما يسمى تصالحا بين من تكسبوا كسبا غير مشروع وبين الدولة، فإن الموضوع يحتاج إلى وقفة أو تفسير أو إجابة عن بعض الأسئلة التي قد يطرحها القارئ المحترم أو أطرحها أنا بصفتي مواطنا مصريا تعرضت وغيري من المصريين لعملية سرقة بقوة القانون أو بقانون القوة!

الخبر كما نشرته الصحف، وكما جاء على لسان الحكومة، يقول: "أكد المستشار عادل السعيد، مساعد وزير العدل لجهاز الكسب غير المشروع، أن قبول طلبات التصالح واسترداد أموال الدولة، يترتب عليهما العديد من المزايا التي كفلها القانون للمبادرة بذلك، منها انقضاء الدعوى الجنائية وكل الإجراءات التحفظية "التحفظ على الأموال والمنع من السفر"، ووقف تنفيذ العقوبات المقيدة للحرية وامتداد أثر التصالح إلى جميع المتهمين، وإلى جرائم العدوان على المال العام وغسل الأموال المرتبطة بجريمة الكسب غير المشروع".

المعالجة بهذا الشكل تحقق الحماية الكاملة لكل من استولى على المال العام بغير حق أو تحت سمع وبصر القانون، ومساعدة أفراد ومؤسسات في الدولة عن طريق الرشوة أو المشاركة في المكسب أو فيما تم الاستيلاء عليه بحيث تنقضى عنه الدعوى الجنائية ويبرأ من أي ملاحقة قضائية، وترفع عنه كل الإجراءات الاحترازية وتتوقف العقوبة السالبة للحرية، ويزيد على ذلك امتداد أثر التصالح إلى جرائم العدوان على المال العام وعمليات غسل الأموال التي ارتبطت بجريمة الكسب غير المشروع..

يعني ببساطة شديدة يعود كما ولدته أمه ناصع البياض، خاليا من الذنوب ليبدأ حياة جديدة.. كل ذلك في مقابل رد أصل ما حصل عليه بشكل غير مشروع، يعني ببساطة أكبر اكسب بأي طريق غير مشروع وتاجر واربح واستثمر وفي النهاية اكتب طلبا للتصالح ورد ما أخذته فقط، ويا دار ما دخلك شر، وكمل حياتك ولا أروع، ولا أحسن من كده في الدنيا كلها!

الحكمة التي تقول (من أمن العقاب أساء الأدب) تنقلب بقدرة القانون والحكومة إلى (من أمن العقاب.. كسب كسبا غير مشروع ثم كتب طلبا للتصالح وانتهى الأمر)

أما الحديث عن عزوف المستثمرين وفزاعة الاستثمار، ولازم نخلق مناخا جاذبا للاستثمار ونتصالح والصلح خير فهذا كلام العاجزين عن خلق حلول وطرق تستعيد بها الدولة ما كسبه هؤلاء بطرق غير مشروعة، وتحاسبهم وتعاقبهم بالقانون أو نلغي القانون ونفض جهاز الكسب غير المشروع الذي يواجه الفساد، ويبقى منه كرسي واحد لمسئول وسطر واحد يقول يا أهلا بالتصالح.. رد ما أخذته وحلال عليك الأرباح والفوائد التي حققتها من وراء هذا الكسب!

القانون يفتح الطريق لكل من يريد أن يكسب كسبا غير مشروع، والنهاية معروفة.. هذه ليست مصر الجديدة، وهذه ليست دولة القانون.. هذه مصر القديمة وهذه دولة رجال المال والأعمال فقط ولا عزاء!!
M.ELAZIZI@HOTMAIL.COM
الجريدة الرسمية