رئيس التحرير
عصام كامل

يا بختهم ماتوا بلا ثمن!


حادث التدافع الذي وقع في منى مؤخرا وراح ضحيته مئات القتلى والمصابين، يطرح سؤالا مهما جدا هو لماذا يفعل المسلمون في أنفسهم هكذا؟.. هل من المعقول والمنطقي أن يصل بنا الحال إلى درجة أن يقتل بعضنا بعضا حتى ونحن بين يدي الله أثناء قضاء فريضة الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام؟


لماذا لا نرحم بعض ونحافظ على بعض، وأن نتنازل عن حقوقنا للآخرين؟.. هل سمعنا عن أي شعوب أخرى فعلت الأمر نفسه، حتى الشعوب الأكثر منا تخلفا أو التي لا دين لها؟.. هل حدث في الصين مثلا أن مات فيها مئات البشر دهسا بالأقدام، وهي قارة كاملة مليار ونصف المليار نسمة، أضعاف عدد المسلمين جميعا في مشارق الأرض ومغاربها؟.. هل سمعنا أن حدث في مراعي سويسرا الشاسعة، التي تضم آلاف الأبقار، أن دهست الأبقار بعضها بعضا؟.. في هذه المراعي الشاسعة؛ حيث آلاف الأبقار ترعى دون حارس عليها من البشر، وحينما يأتي وقت الغروب تتقدمهم بقرة كبيرة في رقبتها جرس، تطلق إشارة التحرك فيسير خلفها آلاف القطعان في خطوط مستقيمة وبهدوء، لا يتزاحمون ولا يتدافعون ولا يتسابقون ولا يدهسون بعضهم بالأقدام.

العالم كله يضحك علينا ويسخر منا، ونحن سعداء لما حدث على اعتبار أنه موتة يتمناها كل مسلم، بل نحسد من نالها "يا بختهم"، أي بخت هذا الذي يؤدي إلى إزهاق الروح بلا ذنب أو ثمن؟.. من يقول ذلك لا يشعر بالنار التي في قلوب أهالي الضحايا والمصابين والمفقودين، هل سلوكيات بعض المسلمين التي تأتي في مرتبة أدنى من الحيوانات، هل من الممكن أن تشجع أصحاب الديانات الأخرى على اعتناق الإسلام؟.. ما هو الحافز لذلك؟.. لماذا التخلف كله في البلاد العربية والإسلامية؟.. لماذا القتل والخراب والدمار كله في بلادنا؟

لماذا يكره المسلمون بعضهم بعضا أصحاب المهن الواحدة، المسئولون في الوزارات والمصالح الحكومية، حتى الأشقاء من بطن واحدة يكرهون بعض، لماذا الفقر والجهل والمرض في بلادنا، رغم أنها من أغنى دول العالم، كل الأنبياء والمرسلين والكتب السماوية في منطقتنا، ومع ذلك نحن أبعد خلق الله عن الله، ماذا يفعل لنا المولى تبارك وتعالى أكثر من ذلك؟.. سلوكياتنا وأخلاقنا وتصرفاتنا أسوأ أنواع البشر.

وصل بنا الحال إلى التحذير من سرقة الأحذية في المساجد بيوت ربنا، أين يكمن الخلل؟.. هل في التعليم أم في فهمنا للدين وتطبيقه؟.. نحن نضحك على أنفسنا حينما نطالب بتجديد الخطاب الديني، فالمطلوب هو تجديد الإنسان نفسه، مطلوب بشر جديد؛ لأن سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نفسه لو كان موجودًا في منى كان سيلقى مصير آلاف الضحايا الذين لقوا ربهم بلا ذنب أو ثمن..

اللهم احفظ المسلمين، ونجي الإسلام من أفعالهم سلوكياتهم.

egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية