رئيس التحرير
عصام كامل

أحزاب النفاق!


عقب تقديم أوراق ترشحه لانتخابات مجلس الشعب، التقى القيادي بحزب النور السلفي بأنصاره، مؤكدا لهم أنه لا يوجد خلاف بين حزبه وجماعة الإخوان، وما يجمع بينهما أكثر مما يفرق، ثم وضع الرجل يده فوق رأسه في مشهد تمثيلي قائلا «الإخوان فوق رأسي»، متجاهلا المعارك العنيفة التي نشبت بين الجماعتين.. التي وصلت إلى حد محاولة تصفية رموز حزب النور واتهامهم بالخيانة والكفر.


وعندما أشارت صحيفة، إلى أن الحزب السلفي رشح عشرات من جماعة الإخوان لخوض المعركة الانتخابية، نفى الحزب بشدة أن أعدادهم بالعشرات.. والحقيقة أن من تم ترشيحهم على قوائمه لا يتجاوزون عدد أصابع اليدين!

وكأن المشكلة تتعلق بأعداد المرشحين.. وليس مساندة جماعة طالما وصفتها بيانات حزب النور السلفي بأنها إرهابية، سرعان ما تخلى حزب النور عن مواقفه المعلنة.. من أجل أن يحقق الفوز لعدد من مرشحيه.. حتى لو تعاون مع الشيطان.

ولو تابعنا الخطاب الذي يوجهه الحزب للجماهير للفوز بتأييدها في الانتخابات القادمة، نجدها نفس الشعارات التي استخدمتها الجماعة من قبل في مختلف المعارك الانتخابية السابقة، وفي مقدمة تلك الشعارات الحفاظ على هوية مصر الإسلامية.. وتطبيق الشريعة الإسلامية، وإلغاء القوانين التي لا تتفق مع صحيح الإسلام.

إنها نفس الشعارات التي طالما خدعت بها الجماعة آلاف المصريين البسطاء.. بل الجماهير العربية أيضا.. التي كادت تصدق أن أنصار الإسلام السياسي يسعون لحماية الدين الإسلامي من التيار العلماني، الذي يسعى إلى هدم الدين وإقامة دول مدنية تتعارض قوانينها مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

أليست هي الشعارات التي استخدمتها الجماعة منذ نشأتها، وتستخدمها أحزاب الإسلام السياسي حاليا لمواصلة خداع المواطنين.. ما يؤكد ما سبق قوله من أن ما يجمع بين الأحزاب الدينية أقوى مما يفرق.. وأنهم جميعا يسعون لتحقيق هدف واحد معلن يتعلق بإقامة الخلافة الإسلامية.. التي نرى صورتها المصغرة في دولة «داعش» وما يجرى بها من ذبح و«شي» وقطع رقاب، وسبي نساء وتدمير آثار مواقع أثرية.. وهدم الكنائس.. وتحصيل الجزية من الأقباط.

تلك هي صورة الدولة التي تسعى الأحزاب الدينية إلى إقامتها، حتى لو أنكرت ذلك في بياناتها العملية، إلا أن تعاطف شباب تلك الأحزاب مع التجربة الداعشية وإعلانهم الانضمام إليها.. يدل على أنها أصبحت نموذجا لدولتهم القادمة.

قبول عدد من أعضاء الجماعة غير المعروفين لدى الأجهزة الأمنية، الترشح على قائمة حزب النور السلفي وغيره من الأحزاب الدينية، يؤكد أن الجماعة لن تقاطع الانتخابات وستؤيد مرشحي الأحزاب الدينية؛ للتدليل على أن التيار المدني ليس له قبول لدى المصريين، وأن الأحزاب الدينية لها وجود واسع في الشارع المصري.

ولم يتوقف تراجع الحزب السلفي عن مواقفه المعلنة، على مغازلة الجماعة، إنما شملت موقفه من إظهار صورة المرأة المرشحة على قوائمه، بعد أن كان يضع بديلا عنها صورة وردة، وصدرت الفتاوى التي تبيح ما كان حتى أسابيع محظورا! كما رضخت الأحزاب الدينية وفي مقدمتها حزب النور، لقبول ترشح الأقباط على قوائمها، بعد أن كانت تلك الأحزاب تعلن ألا ولاية لقبطي، أما حزب النور فكان لا يكتفي بتلك الفتوى، إنما أضاف إليها أنه لا يصح تهنئة القبطي المصري بالأعياد.

وشملت التراجعات تخلي قيادات الحزب عن «الجلباب» الذي كان يصنف على أنه من رموز الإسلام، ويفصل بينه وبين أصحاب الأديان الأخرى من الذين يرتدون الذي «الأفرنجي»، ومع اقتراب موعد إجراء الانتخابات، ارتدوا الزي الذي كان مكروها من قبل.. ولا غرابة في كل تلك التراجعات من أحزاب النفاق!
الجريدة الرسمية