رئيس التحرير
عصام كامل

ثقافة قضاء الإجازة


مما لا شك فيه، أن الأقصر نجحت خلال الأيام القليلة الماضية في الضغط على رئيس الوزراء، المهندس إبراهيم محلب، ومجموعة من الوزراء والصحفيين والإعلاميين لزيارتها وإقامة أكثر من مؤتمر وفعالية بها، رغم قسوة حرارة الجو، وتحذيرات هيئة الأرصاد الجوية، واعتراض بعض خبراء السياحة على توقيت فعاليات مبادرة «مصر في قلوبنا» التي كانت سببا رئيسا في الزيارة إلا أن البعض اعتبرها بارقة أمل من الدولة في التحرك تجاه مشكلات ومعضلات، يتعرض لها قطاع السياحة هناك، وإثبات حسن نواياها لتنشيط السياحة الداخلية.


بعيدا عن الخلافات في وجهات النظر، التي أصبحت سمة تَغلب على فصائل المجتمع المصري وطوائفه حول قضايا مطروحة بعد متغيرات سياسية واجتماعية أصابته بالدهشة، وخيبة الأمل والفرقة في قطاعات كثيرة منها السياحة إلا أن محمد بدر محافظ الأقصر، نجح في الحصول على دعم من المهندس خالد رامى وزير السياحة لتطوير وتجميل وإعادة إحياء شوارع الأقصر إلى ما كانت عليه في السابق، وهذا قد يؤكد قناعاته كمحافظ في استكمال ما تم إنجازه في فترة تولى لواء دكتور سمير فرج مقاليد الحكم بها.

حيث استطاع "فرج" أن يعيد بناء الأقصر من جديد، حسب وجهة نظر أهلها "بدر" يعطي مؤشرا ايجابيا أنها أصبحت مؤهلة لاستقبال السياحة الوافدة قبل أن تتزين للسياحة الداخلية، المصريون وحشتهم رحلاتهم إلى الأقصر، طلاب المدارس، الجامعات، يرغبون في عودتهم إلى الأقصر أي: زيارتها ومشاهدة عظمة تاريخ أجدادهم، استجابة وزارة السياحة دلالة واضحة على تنفيذ تعهداتها السابقة في تنشيط السياحة الداخلية، وأيضا في حل مشكلات كثيرة مثل: التراخيص، المراكب النيلية، الخراتية، الحناطير، نظافة الشوارع، "رامى" استمع جيدا للمشكلات مع رئيس الوزراء، وشاهد بنفسه ما تتعرض له الأقصر، ناقش بعض أصحاب الشركات والبازارات في حضرة المهندس إبراهيم محلب، الذي وافق على تقديم كل أنواع الدعم من أجل حل مشكلات السياحة في الأقصر.

"مصر في قلوبنا" مبادرة حسنة النية والعاملين على تنفيذها ولاد حلال، وقد تُؤتي نتائج إيجابية إن توافر لها عنصران أساسيان:

أولا:التسويق بطرق غير تقليدية، ويُسأل في هذا الشأن خبراء التسويق في قطاع السياحة، وكان يجب مراجعتهم قبل تنفيذها بدلا من الاعتماد على أهل الثقة، الذين يفتقرون إلى الخبرة ولا يملكون تجارب تؤهلهم لإدارة مثل هذه الملفات أو لإدارة مطعم، ثانيا: نشر ثقافة قضاء الإجازة، من خلال برامج محددة بين فئات عمرية أيضا محددة وداخل طبقة اجتماعية، تستطيع أن تتعامل مع أهمية المبادرة، وبمشاركة بعض مؤسسات الدولة مثل: الثقافة، والشباب، والنقابات المهنية، والأندية.

بعيدا عن السلبيات التي تصاحب تنفيذ بعض الأفكار التي تطرحها السياحة للترويج والتنشيط بسبب افتقاد بعض القيادات، وأصحاب القرار بوزارة السياحة الخبرة التسويقية، إلا أن مبادرة "مصر في قلوبنا" تستطيع أن تحقق نجاحات، وتؤثر بالإيجاب في ثقافة قضاء الإجازة أن توافر لها برنامجا توعويا وآخر تسويقيا، والفكرة بسيطة ربما...لكن كل الأشياء العظيمة بدأت هكذا.

استطاع شاب فرنسي عمره لا يتجاوز26 عاما أن يحقق طفرة في السياحة الداخلية في فرنسا، مضمونها كان في كيفية إقناع الفرنسيين قضاء إجازتهم السنوية داخل بلدهم، استجاب البعض، ورفض آخرون الفكرة لكن في النهاية حققت دخلا إضافيا تجاوز 3 مليار يورو لخزانة السياحة الفرنسية في عام 2003، اعتمد في الأساس على بث ثقافة قضاء الإجازة داخل الدواوين الحكومية والمؤسسات الخاصة والكافيهات والمطاعم، ولم يعقد مؤتمرا واحدا من أجل تنفيذ مبادراته، بل سعت إليه وسائل الإعلام ولم يسع إليها، طاردته منظمات المجتمع المدني للمشاركة في نشر ثقافة قضاء الإجازة خلافا لما يحدث في مصر حيث يتعامل بعض أنصاف الموظفين مع منظمات المجتمع المدني باعتبارها ابنا غير شرعي للسياحة.

مصر تحتاج إلى إيمان صانع القرار، وإصراره على تغيير سياسات ورؤى ترهق القطاع وتزيد أعباءه يوما بعد يوم، وأن يملك قناعات وثقافة المشاركة المجتمعية في التغيير؛ لأن السياحة تعتمد في الأساس على العنصر البشرى.
الجريدة الرسمية