رئيس التحرير
عصام كامل

العقيد نشوى وحقوق المتحرشين


ثارت بعض الآراء على العقيد نشوى، التي ظهرت على مواقع التواصل الاجتماعي، وهى تضبط أحد المتحرشين وتلقنه درسا في الأدب حيث قالوا إنها تخطت الحدود، وإن ذلك ضد حقوق الإنسان، وإنه لابد لها أن تتعامل بكل حنان ومراعاة شعور المتحرش؛ لأنه في النهاية إنسان وإن الشرطة كانت قاسية.


إلا أن الواقع يقول لو أن كل متكلم عن هذا الموقف وبهذه الكيفية كانت ابنته أو أخته أو زوجته، هي التي  تعرضت للتحرش لكان له تصرف آخر ولم يكن أبدا ينادي، بأن تأخذه الرأفة أو الحنان الذي ينادون به في تلقى المتحرش، وتهنئته والاهتمام به؛ لأنه في النهاية إنسان ولكنه للأسف لم يرق حتى لأن يكون إنسانا، فمن تحكمت فيه رغبته الحيوانية دون مراعاة الله في خلقه، لكان أفضل أن يبقى من فصيلة غير فصيلة الإنسان.

التحرش الذي تنامى في بلادنا لابد أن يقابل بكل حزم وقوة، لا يعرف الضعف وإلا لن نجد أمانا لبناتنا في المستقبل مع ما يعاني الأطفال منه الآن، حين يكبرون ويصبحون شبابا لا يجدون ما يقدرون به على الزواج.

في إحدى شوارع لندن وبالتحديد شارع أكسفورد النابض بالحياة، كما يسمونه وإذ بفتاة تسير في الشارع بملابس لو كانت هنا لا يمكن توقع ماذا كان سيحدث لها، وبالمختصر لم أكن أتوقع أن تخرج من الشارع التي كانت فيه سليمة، ولو أن الكثيرين كانوا سيقولون إن ملابسها هي التي دفعتهم لذل،ك أو أن مشيتها مثيره أو أنها هي التي تريد ذلك أو كل الكلام العاري من الصحة الذي يقوله المتحرشون دفاعا عن أنفسهم، وهم يريدون أن يعاقبوا الفتيات ويعطونهم درسا في التزام الأدب من وجهة نظرهم بعقاب كل فرد كما يرى من وجهة نظره.

وللأسف أيضا نظرت إلى الأجانب ولم أجد من ينظر إليها، ولو حتى بطريق الصدفة ولا بالنظرات المختلسة إذ اكتشفت أنني فقط الذي أبحث عن ردود أفعال الناس، كما أجد هذه الصورة في بلادنا بل يتباهى المتحرشون بتحرشهم تباهيا برجولتهم وإثباتا لذاتهم على التأثير في الجنس الآخر.

متى نصل إلى التفكير في أنفسنا وترك الآخرين إذ إننا لا نفكر في أنفسنا بقدر ما نفكر في الآخرين، ونضعهم نصب أعيننا أن نغيرهم، ولعل تغيير أنفسنا هو الأولى.. فقبل أن يفكر البعض في تغيير الآخر، وينشغل به وفي طريقه إلى هذا يعتدى على حريته وكرامته، والتحرش به بدعوى تعليمه الأدب.. نجد أنه لا يعرف الأدب في الواقع.
الجريدة الرسمية