رئيس التحرير
عصام كامل

أزمة بين مصلحة الطب الشرعي و«أطباء القاهرة».. كبير الأطباء الشرعيين يخاطب النقابة ويستنكر استدعاءها لطبيبة ارتكتب خطأ مهنيا لمحاسبتها.. والنقابة: لا أحد فوق القانون والمخطىء لابد من عقابه

فيتو

أزمة فجرتها قضية هبة العيوطي، المعروفة إعلاميا بقضية الفورمالين بين نقابة أطباء القاهرة، ومصلحة الطب الشرعي، بعد قرار النقابة بمعاقبة الطبيبة الشرعية التي تجاوزت القواعد العلمية في تقرير الطب الشرعي، رقم 1214 لسنة 2014؛ لارتكابها خطأ طبيا كان عليها تداركه قبل كتابة تقريرها الفني في القضية، وهو عدم تشريح الجثة والاستناد إلى الأقاويل غير الموثقة بالأدلة، ولادعائها بأن الضحية توفيت نتيجة حقن الفورمالين.


الأزمة تتمثل في تمسك نقابة الأطباء بالقانون الذي ينص على محاسبة أي طبيب يخطئ مهنيًا وفقا لقانون النقابة، والطب الشرعي يرى أنه يتمتع بحصانة وأنه فوق المساءلة.

أخطاء طبية فنية

رئيس قطاع الطب الشرعي وكبير الأطباء الشرعيين الدكتور محمود أحمد علي، أرسل خطابا إلى نقابة أطباء القاهرة يستنكرفيه قرار مجلس النقابة باستدعاء الطبيبة الشرعية؛ للتحقيق معها بتهمة ارتكاب أخطاء طبية فنية في كتابة تقرير طبي شرعي.

نقابة أطباء القاهرة بدورها أرسلت ردا على الخطاب المرسل إليها، تضمن أنه بناء على شكوى وصلت لنقابة أطباء القاهرة ضد الطبيبة الشرعية بأنها ارتكبت خطأ طبيا مهنيا لا يقع من طبيب يقظ، وقد قامت النقابة بالتحقق في الشكوى، وأرسلت استدعاء للطبيبة للاستماع لأقوالها.

وتضمن خطاب كبير الأطباء الشرعيين، والذي حصلت "فيتو" على نسخة منه، عرضا لمهام عمل الطبيب الشرعي حيث أشار إلى أنها تنقسم لشقين إجرائي، ويتضمن القيام بتشريح جثة أو بكشف طبي على مصاب أو مريض أو إجراء تحليل معملي، أو الاطلاع على مستندات وتقارير طبية متعلقة بمصاب ما، ويعتمد ذلك الجزء على الطبيب الشرعي وإلمامة بإجراءات عمله، ولا يعفي الطبيب الشرعي من المسئولية عن تقصيره وإهماله في القيام بكافة إجراءات الشق الإجرائي من عمله، ويتضمن الشق الثاني، وهو الرأي الفني والذي يعتمد على خبرة الطبيب الفنية.

مساءلة الطبيب الشرعي

ونص الخطاب على أنه لا يجوز مساءلة الطبيب الشرعي، وخبراء مصلحة الطب الشرعي تأديبيا عن أخطائهم التي قد تقع منهم بمناسبة تأدية عملهم إلا أمام مجلس تأديبي خاص، يعقد في وزارة العدل بقرار من وزير العدل طبقا لأحكام القانون رقم 96 لسنة 1952 .

وترد نقابة أطباء القاهرة على ذلك بأن فصل التأديب الخاص بمحاسبة العاملين بمصلحة الطب الشرعي، والمنصوص عليه في قانون خبراء وزارة العدل هو فصل موجود ومكرر في جميع القوانين الخاصة، مثل قانون الجامعات، وقانون المستشفيات التعليمية، وقوانين الشرطة والجيش، وأن المحاسبة وفقًا لأحكام تلك القوانين الخاصة هي محاسبة وظيفية تتم لجميع العاملين بتلك الهيئات الخاصة، سواء كانوا أطباء أم غير أطباء.

أما المساءلة الطبية المهنية فهي اختصاص أصيل لنقابة الأطباء؛ لمحاسبة الأطباء البشريين فقط المسجلين بالنقابة وذلك وفقًا لما جاء بالقانون 45 لسنة 1969، ولا تتعارض تلك المحاسبة المهنية مع أي محاسبة أخرى تتم للطبيب في جهة عمله طبقًا لأي قانون خاص بجهة العمل، وقد كان المشرع الذي صاغ قانون محاسبة الأطباء سابقًا للزمن حيث نص في المادة 67 من قانون نقابة الأطباء، على أنه لا تتعارض مساءلة الطبيب نقابيًا مع مساءلته وفقًا لأحكام أي قانون آخر بجهة عمله.

مذكرة كبير الأطباء الشرعيين تعتد بالمادة 182 من الدستور، والتي تنص على أن الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري، وخبراء الطب الشرعي يؤدون عملهم باستقلال، ويكفل لهم القانون الضمان والحماية اللازمة لهم.

رد نقابة الأطباء


وردت نقابة الأطباء بأن الاستقلال لا يعني أن تقدم أراء تخالف قواعد طبية أساسية على أنها آراء طبية، وتعتد أيضًا بما جاء بالمادة 77 من الدستور، والتي تنص على أستقلال النقابات المهنية وحقها في محاسبة أعضاءها وفقًا للقانون، ولا يسمح لأي جهه إدارية أيا كانت بالتدخل في شئونها.

كبير الأطباء الشرعيين يقول في مذكراته إنه ذا كان لدى الشاكي اعتراض على نتيجة التقرير الطبي الشرعي، فهناك إجراءات تقاضٍ متبعة تجيز له قانون الاعتراض فنيا عليه، وتعطي للشاكي حقه في إعادة مباشرة المأمورية مرة أخرى بطبيب شرعي آخر.

والنقابة ترد بأن الطعن على تقارير الطب الشرعي هي فعلًا إجراء منصوص عليه في قانون الإجراءات الجنائية، ولكن هذا الإجراء خاص بالمتنازعين في القضية الجنائية كحق من حقوق التقاضي كفلها المشرع للمتقاضين، ولا علاقة لهذا الطعن بوجود أخطاء مهنية بالتقرير الطبي أم لا.. ولكن الفرض الأساسي في أي تقرير طبي، هو أن يكون ذلك التقرير ملتزمًا بالقواعد الطبية العلمية، وإلا فإن محرره يقع في دائرة المحاسبة بتهمة الخطأ المهني الجسيم، فالمحاسبة الطبية بتهمة الخطأ المهني كما تشمل الخطأ في علاج المريض، فإنها تشمل أيضًا الخطأ في كتابة تقرير طبي يضيع الحقوق ويضع أبرياء في دائرة الاتهام.

خطاب كبير الأطباء الشرعيين يقول إنه قد تم مراجعة تقرير الطب الشرعي رقم 1214 لسنة 2014، وتبين له أنه قد استوفى إجرائيا كافة أركانه وكل مقوماته الفنية طبقا لأصول ممارسة الطب الشرعي السابق ذكرها، والتي هي تشرح جثة أو الاطلاع على تحاليل أومستندات أو تقارير طبية خاصة بالحالة.


والنقابة ترد بأن ذلك التقرير خال من كل تلك العناصر فتشريح الجثة لم يتم بناء على رأى الطبيبة الشرعية، والتقارير الطبية تؤكد جميعها على أن ماحدث للمريضة كان غرغرينا وريدية بالأمعاء الدقيقة؛ بسبب انسداد بالوريد المساريقي العلوي، وتقارير الباثولوجي تؤكد بالفحص المجهري كل ذلك وتشير أيضًا لوجود تجمعات من خلايا بطانة رحم مهاجرة على مساريقا الأمعاء (أندوميتريوزس)، ولكن تقرير الطب الشرعي قد أهدر كل ذلك وقرر دون مستندات، بأن كل ماحدث كان بسبب حقن الفورمالين، وذلك أيضًا بدون إثبات معملي لوجود مادة الفورمالين.

خطاب النقابة يؤكد على أن الطبيبة الشرعية هي في الأصل طبيبة مسجلة بنقابة الأطباء، وحاصلة بموجب ذلك التسجيل على ترخيص مزاولة مهنة الطب، ولو تم إيقاف قيدها بالنقابة فإنها لن تستطيع العمل كطبيبة في أي جهه كانت، ولا يمكنها الاستمرار في العمل كطبيبة شرعية وإلا وقعت تحت طائلة قانون العقوبات.
الجريدة الرسمية