رئيس التحرير
عصام كامل

هاني ضاحي


هو جندى مقاتل يقف وراء شبكة الطرق التي يتم إنجازها في مصر الآن، إنه هاني ضاحي وزير النقل الذي أسند إليه مؤخرا مهام وزير البترول الذي يُعالج حاليا خارج مصر، أعاده الله سالما.


الغريب أن الرجل لا يقتنع حتى الآن أنه وزير للنقل، ولكنه يعرف أنه مهندس ألزمته حالته المرضية وقت أن كان رئيسا لشركة بتروجت بالتنقل بين المواقع وبمسافات لمئات الكيلو مترات تلازمه المحاليل التي تتصل بذراعه لساعات طويلة، لكنه مع ذلك لم يكن يهدأ.

كان هاني ضاحي قد تتلمذ على يد عملاق العمل المدني في مصر المهندس كمال مصطفى وهو من أشهر قيادات البترول والذي حرر الإدارة البحرية التابعة لشركة بتروجت من قبضة الأجانب وجعلها تعمل بأيد مصرية 100%، وعندما أتهم بانتزاع هذا العمل من قبضة الألمان قال إنه أمن قومي لأن الإدارة البحرية تعمل في تصنيع المنصات اللازمة لشركات البترول بالمياه الإقليمية. وقال مستعد للعزل من منصبي ولكن لن أستطيع الإبقاء على وجود خواجة - لا يعنيه سوي المكسب فقط - يسيطر على جزء من الأمن القومي متمثلا في المياه الإقليمية.

هذا هو المعلم الذي تتلمذ هاني ضاحي على يديه، وكان ضاحي قد تولي مسئولية الفرع الشمالي لشركة بتروجت ثم اكتشفه سامح فهمي وزير البترول الأسبق فأسند إليه مهمة إنقاذ شركة مصر للصيانة البترولية "صان مصر" والتي كان قد تآكل أكثر من 60% من رأسمالها لخسائرها المتتالية وبدأت إجراءات تصفيتها طبقا للقانون، ولكن كان ضاحي هو الأمل الوحيد الذي راهن عليه فهمي في هذا الوقت.

وفي خلال عام واحد كانت الشركة قد تحولت من الخسارة إلى المكسب ثم إلى عملاق انتقل من الاعتماد على صيانة المشروعات البترولية في مصر إلى العمل خارج مصر، وفي قفزات متتالية دون توقف أو تراجع، ومنها يأتي رئيسا لبتروجت التي كانت تمر ببعض العثرات، وبنفس الأداء والحماس تحولت الشركة العجوز إلى مارد ينفض عنه التراب وانتقل بها إلى أكثر من 13 دولة عربية وأجنبية وأصبحت الذراع القوى لقطاع البترول ولمصر في الخارج، وتركها بمعدات وآلات حديثة تفوق قيمتها ملياري جنيه مصري، وهو ما جعلها تتصدر قائمة الشركات التي أنجزت في حفر قناة السويس.

ومع ثورة 25 يناير كان قطاع البترول قد مر بأزمة حقيقية نتيجة لتوقف العديد من المشروعات مع المظاهرات الفئوية التي اجتاحت كل شيء في مصر، وتم عرض منصب الوزير عليه، وكان هو أحد القيادات الكبري بالقطاع مع محمد شعيب وعبد الله غراب ولكنه رفض هو وشعيب هذا المنصب، وفضل أن يقبل الموقع الأهم والذي يُعد الوزير الفعلي لقطاع البترول وهو موقع رئيس الهيئة العامة للبترول دعما لزميله عبد الله غراب، ونجح في إدارة شئون الهيئة بامتياز، رغم الأزمات التي كانت تلاحق القطاع وتوقف الإنتاج بالعديد من الحقول بسبب توقف الاستثمارات الأجنبية.

لكنه قبل المسئولية وظل يعمل دون توقف حتى أحيل للتقاعد وأتذكر عندما سألته هل تذهب إلى عمل آخر ؟. قال "لا لأنني منذ سنوات لم أر الشمس، فأدخل الهيئة قبل الشروق وأغادرها بعد الغروب لإدارة شئون الشركات والإنتاج والاستكشاف والتخطيط والمتابعة لحظة بلحظة وإدارة المناورات التي تتم على مدى الساعة لأن الهيئة أشبه بغرفة عمليات إدارة المعارك العسكرية فهي العقل الذي يخطط ويدبر ويعطي التوجيهات".

هذا هو الجندى المجهول في سيمفونية شبكة الطرق التي سوف تكون هي الأساس الذي يمكن أن تنطلق من خلالها مصر ولمئات السنين، ولكن أتمني أن يكون الإنجاز بإتقان يضاعف العمر الافتراضي لها.
الجريدة الرسمية