رئيس التحرير
عصام كامل

فرمانات الأوقاف «شو إعلامي».. السلفيون يسيطرون على المساجد وقوانين الخطابة «مجمدة»..إدريس: عدم تطبيق القانون ناتج عن تقصير كل مؤسسات الدولة بلا استثناء


بعد أن كانت المساجد منبرًا للدعوة والأخلاق تحولت في الآونة الأخيرة إلى سلاح يتم من خلاله محاربة البلاد، أزمة تسببت في هجر البعض لأماكن دور العبادة وتأثر البعض الآخر بالأفكار المتطرفة الهدامة، وهو ما دفع الدولة التي استشعرت خطورة الموقف لإصدار قانون تنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية.


وصدر القانون بقرار رقم 51 لسنة 2014 في 5 يونيو الماضى بأمر من الرئيس المؤقت السابق عدلي منصور وينص على تنظيم ممارسة الخطابة والدروس الدينية في المساجد وما في حكمها من الساحات والميادين العامة.
وبحسب القانون «لا يجوز لغير المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف المصرح لهم ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها».

وتم سن القانون وسط الظروف العصيبة التي مرت بها مصر في أعقاب ثورة 30 يونيو، حين بدأت جماعة الإخوان الإرهابية في اللعب على الوتر الحساس لدى الشعب المصرى وهو الدين، كونه شعبًا متدينًا بطبعه يحافظ على العادات والتقاليد. واتجهت الجماعة نحو تفريخ إرهابها داخل المساجد وإقحام الدين في معارك سياسية ضحلة من أجل التأثير على عقول الفئات المهمشة وركزوا نشاطاتهم بشكل أوسع في مساجد وزوايا القرى والنجوع وكذلك المناطق الشعبية بهدف نشر الفكر التكفيرى الذي يعد بمثابة زرع قنابل موقوتة في كل قرية ومدينة تنفجر في وجه النظام وتؤدى إلى سقوط البلاد.

وعلى الرغم من أن القانون المذكور جاء لتسهيل ضبط الخطاب الدينى بشكل عام وتطبيق منشورات وتعليمات الوزارة بكل دقة، إلا أن بحسب المراقبين لم يتم تطبيق القانون على كل أنحاء الجمهورية حيث توجد بعض المساجد والزوايا الصغيرة التي تخرج من تحت سيطرة الدولة ويتم من خلالها تفخيخ عقول البسطاء بالأفكار الملوثة.

خطايا الأوقاف
عبد الحميد الأطرش رئيس لجنة الفتوى الأسبق أرجع عدم دخول القانون حيز التنفيذ في كل المحافظات سلبية وزارة الأوقاف حيث إنها سمحت للمسلمين أن يغرسوا الأرض مساجد، وبدورها لم تتمكن من تغطية هذه المساجد بالأئمة وزوايا ومصليات صغيرة لهذه الأماكن، مشيرًا إلى أن المسجد دون إمام كالمدرسة دون مدرس وكالمستشفى دون طبيب.
وأضاف الأطرش أن وزارة الأوقاف ليس لديها الإمكانيات اللازمة لملء المساجد بالأئمة التابعين لها، موجهًا اللوم للوزارة كونها تترك خريجى الأزهر وكليات الأصول والدعوة والدراسات الإسلامية دون عمل.
وكشف أن الشوارع ممتلئة بهؤلاء الخريجين الذين لا يجدون مصدرًا للرزق، الأمر الذي يدفعهم للعمل في أي مهنة، مؤكدًا أن البعض منهم يعمل في مجال الخرسانة بعد أن تخرج في الجامعة ولم يجد ما يجعله يعيش حياة كريمة، مضيفًا: لو أن الدولة تنبهت لهؤلاء وملأت بهم المساجد التي غرسها المسلمون في الأرض لنجحت في درء الفتنة التي يعانى المجتمع منها في هذه الأيام.

دور الإمام
وتابع: الإمام في المسجد له دور مهم جدًا، وما أخذته الأوقاف من قرارات تنظم العمل الدعوى فهذا حقها، لكن ينبغى عليها أن تنظم العمل بالشكل الذي يخدم المسلمين، وعليها أن تغطى هذه المساجد بالدعاة الأكفاء لأن حينما يترك المسجد دون دعاة فهذا يفسح المجال لمن ليسوا مؤهلين لبث سمومهم المغرضة وبالتالى تعانى الدولة الإرهاب باسم الدين بسبب أولئك المتطرفين، وما اتخذته الوزارة من تدابير لمنع غير المؤهلين من التصدى للدعوة عمل كان من المفترض أن يتخذ هذا منذ أمد بعيد.

تقصير مؤسسات الدولة
أما الدكتور عبد الفتاح إدريس رئيس قسم الفقه بجامعة الأزهر فقال إنه ينبغى على الدولة أن تلتزم بتطبيق هذا القانون وأن تكون هناك متابعات من الجهات المشرفة ومن يتولون أمور الدعوة والخطابة لتطبيقه، لافتًا إلى أن هناك تقصيرا في كل مؤسسات الدولة بلا استثناء بما فيها مؤسسة الإعلام والثقافة لذا من الضرورى على كل فرد أن يؤدى العمل المنوط به.

أزمة تنظيمية
رئيس قسم الفقه بجامعة الأزهر أوضح لـفيتو أنه ليست الدولة هي التي تطبق القانون، إلا أن كل مؤسسة من مؤسسات الدولة معنية بتطبيق اللوائح والقوانين المتعلقة بممارسة نشاطها في منظومة الدولة، وهناك مستهترون لا يؤدون عملهم على الوجه الأكمل.
وأردف: وزير الأوقاف لن يقوم بكل شيء بنفسه بل يوزع الأعباء على المرءوسين، فهناك أفراد يعملون مفتشين ومن فوقهم وكلاء وزارة فالجميع عليه أن يؤدى دوره، منوهًا أنه إذا كان هناك تقصير يجب على المجتمع أن يبلغ عنه حتى يحاسب المقصر وينال جزاءه، ولا بد أن يكون الجزاء رادعا لكل من يخالف القانون.
ولفت إلى أن استمرار ظاهرة تواجد غير المؤهلين في المساجد أو الزوايا يقود إلى تفريخ الإرهاب وزيادة نسبة الأعمال الإجرامية ضد أمن المجتمع وفكره واستقراره.

جدل حول القانون
في هذا الشأن تجدر الإشارة إلى أن القانون أثار عقب صدوره جدلًا واسعًا، باعتباره وفقًا للبعض تقييدا لسياسات حرية الدين، وتكريسًا للاحتكار القانونى للحق في التعبير عن آراء تنتمى إلى الدين الإسلامى بوصفه الدين الرسمى إلا وفق ما ترخص به المؤسسة الدينية الرسمية المندمجة في الدولة المصرية.
وأعطى القانون للأئمة بالأوقاف صفة مأمورى الضبط القضائى لتنفيذ أحكام القانون ونص في مواد عقوباته على عقاب من يمارس الخطابة دون ترخيص بالحبس ثلاثة أشهر وبعقوبات تصل إلى 50 ألف جنيه.
وفيما يلى نص القانون المكون من 6 مواد:

المادة (1)
تكون ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها من الساحات والميادين العامة وفقًا لأحكام هذا القانون.

المادة (2)
لا يجوز لغير المعينين المتخصصين بوزارة الأوقاف والوعاظ بالأزهر الشريف المصرح لهم ممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها.
ويصدر بالتصريح قرار من شيخ الأزهر أو وزير الأوقاف حسب الأحوال.
ويجوز الترخيص لغيرهم بممارسة الخطابة والدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها وفقًا للضوابط والشروط التي يصدر بها قرار من وزير الأوقاف أو من يفوضه في ذلك.

المادة (3)
لا يجوز لغير خريجى الأزهر الشريف، والعاملين في المجال العلمى أو الدعوى به، وطلابه في التعليم الجامعى وقبل الجامعي، والعاملين بوزارة الأوقاف في مجال الدعوة، والعاملين بدار الإفتاء في المجال العلمى والدعوى، والمصرح لهم بالخطابة من وزارة الأوقاف، ارتداء الزى الأزهري.
ويصدر بتحديد مواصفات هذا الزى قرار من شيخ الأزهر بناء على عرض وزير الأوقاف.

المادة (4)
يكون للعاملين المتخصصين بوزارة الأوقاف الذين يصدر بتحديدهم قرارا من وزير العدل بالاتفاق مع وزير الأوقاف، صفة مأمورى الضبط القضائى فيما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون.

المادة (5)
مع عدم الإخلال بأى عقوبة أشد ينص عليها أي قانون آخر، يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنة وبغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه ولا تجاوز خمسين ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من قام بممارسة الخطابة أو أداء الدروس الدينية بالمساجد وما في حكمها دون تصريح أو ترخيص بالمخالفة لحكم المادة ( 2) من هذا القانون، وتضاعف العقوبة في حالة العود.
كما يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف جنيه ولا تجاوز ثلاثين ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتدى الزى الأزهرى من غير الفئات المشار إليها بالمادة ( 3) من هذا القانون أو قام عمدًا بإهانة هذا الزى أو ازدرائه أو الاستهزاء به.

المادة (6)
ينشر هذا القرار بقانون في الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره، ويلغى كل حكم يخالف أحكامه. ورغم نشر والحديث عنه في وسائل الإعلام.. إلا أن الواقع يؤكد أنها مجرد شو إعلامي.. لا أكثر ولا أقل.
الجريدة الرسمية