رئيس التحرير
عصام كامل

نجحت زيارة ألمانيا.. ولكن!


لعل أهم المؤشرات الإيجابية التي يمكن رصدها من رحلة الرئيس المثمرة، تتمثل في قبول التحدي والموافقة على الذهاب إلى ألمانيا التي كانت من أشد الدول الأوربية اعتراضا على ثورة يونيو.. وتمثل معقل الجماعة الإرهابية..

كما تقيم على أراضيها أكبر جالية تركية، ما دفع العديد من المصريين للتعبير عن مخاوفهم المشروعة، ومطالبة الرئيس بأن يرفض الدعوة الألمانية، خاصة أن المقدمات لم تكن تنبئ بأن الرحلة ستكون ناجحة، بدءا من المؤتمر الصحفي للسفير الألماني في مصر الذي أبدي تعاطفا شديدا مع جماعة الإخوان الإرهابية، وإعلان رئيس البرلمان الألماني أنه لن يستقبل الرئيس.. ومعالجات الصحافة الألمانية التي لم تخف تعاطفها مع الجماعة، والاخطر الحشد الكبير الذي قامت به الجماعة لأعوانها على امتداد الدول الأوربية ودعوتهم إلى التظاهر لإفشال الزيارة، ولإثبات أن الرئيس لا يحظي بدعم كل المصريين، وان هناك قوي معارضة قوية للنظام داخل مصر.. ولم تكن كل من تركيا وقطر بعيدة عن هذا المخطط.

لم تستجب القيادة لتلك المخاوف المشروعة لقطاع من المصريين، واختارت طريق المواجهة وتوضيح وجهة النظر المصرية أمام الشعب الألماني، الذي خضع لتأثير الإعلام المؤيد للجماعة الإرهابية، وتمددها داخل المنظمات الرسمية والحقوقية، بينما المواقف المصرية تكاد تكون غائبة.. إما بسبب تقصير واضح من الجهات المعينة بالتخاطب مع الخارج، أو بالرشاوي التي تقدمها الجماعة للصحافة الغربية وشراء صفحات إعلانية بملايين الدولارات.

أثبت الرئيس بقبوله التحدي.. أن مصر تتغير بحق، وتسعي للحوار مع العالم باللغة التي يفهمها.. لغة المصالح، وحرص الرئيس على فتح كل الملفات التي تشغل الأوربيين، خاصة فيما يتعلق بالموقف من حقوق الإنسان.. واستقلالية القضاء.. وإصرار الشعب المصري على التخلص من النظام الإخواني الفاشي الذي كان يهدد الجميع لو تحقق له الاستمرار.

استقبل الألمان الرسائل التي وجهها الرئيس المصري بعقل مفتوح، وكان لها أبلغ الأثر في تغير المواقف الألمانية الرسمية من حدث ٣٠ يونيو.. واعتبارها ثورة شعبية بعد أن كانت تضعها في خانة الانقلابات العسكرية، وفشل المخطط الإخواني في إفشال الرحلة، التي لن يتوقف تأثيرها عند ألمانيا وحدها.. إنما ستمتد إلى باقي الدول الأوربية خاصة بريطانيا التي تعالت داخلها المطالبات بان تدعو حكومتها الرئيس المصري لزيارتها.

أما عن النتائج الاقتصادية لرحلة الرئيس الناجحة إلى ألمانيا.. فقد قامت أجهزة الإعلام بتغظية شاملة للاتفاقيات التي تم توقيعها، واعتقد أن الإنجاز الأبرز للرحلة يتمثل في النتائج السياسية التي تحققت.

ويبقي أن ما تحقق من إنجاز لا يغني عن مواصلة الجهود لتقريب وجهات النظر بين مصر وألمانيا.. مع الاعتراف بأن هناك خلافات مازالت قائمة تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد من الجانبين.
الجريدة الرسمية