رئيس التحرير
عصام كامل

مهزلة في حدائق الهرم


أحد المهازل الكثيرة التي تجرى في منطقة حدائق الهرم، هي تحويل المال العام إلى مجال للعبث والتلاعب من جانب أشخاص مختلفين ومتصارعين في غياب الدولة.


أتحدث عن فضيحة الاستيلاء على أرض موقف سيارات أعضاء نادي حدائق الهرم، على خلفية خلافات شخصية في غياب وزيرى الشباب والإسكان الجهتين المسئولتين عن طرفى الصراع.

الحكاية أن أعضاء نادي حدائق الهرم فوجئوا وبدون مقدمات منذ أسبوعين، وفى مشهد مستفز بمعدات من الشرطة تزيل مظلات وتندات وبوابات أرض موقف سيارات النادي المواجه للبوابة الأولى، والتي يبلغ مساحتها 7 الاف متر، وتمنع دخول سياراتهم بحجة أنها أرض خدمات تابعة للجمعية التعاونية لبناء المساكن بالأهرام.

المشهد كان مستفزا لأعضاء النادي، فقد كان أشبه بمن يمنعهم من دخول بيتهم، خصوصا أن عملية الإزالة تمت بطريقة صادمة وكأننا في معركة.

رئيس النادي قال إن صور أوراق ملكية النادي لأرض "الباركنج" تعرضت للسرقة، وأن الأصل موجود في وزارة الشباب والرياضة منذ عام 2009، بينما التزم رئيس الجمعية الصمت الرهيب، دون تبرير لهذا التصرف الهمجى، ودون تقديم أي دليل على ملكية الجمعية لهذه الأرض.

يحدث هذا الصراع على مساحة أرض يبلغ سعر المتر فيها 7 آلاف جنيه، وسعرها يلامس 50 مليون ملايين جنيه، بالتزامن مع إقدام أعضاء مجلس إدارة الجمعية على بيع قطعة أرض مجاورة وملاصقة للبارك لأحد رجال "المال" لإنشاء مول تجارى مقابل مبلغ فلكى، وأصاب البنية الأساسية بأضرار فادحة من شبكات الغاز والكهرباء والتليفونات دون أن تحاسبه الجمعية، ودون أن تعلن أين ذهب مبلغ البيع بسبب غياب الرقابة والشفافية! 

المثير للضحك أن "الإخوة المتصارعين" في الجمعية والنادي جلسوا سويا بطريقة استعراضية مستفزة لأعضاء النادي، وخرجوا بكلام كغثاء السيل ليس له معنى ولاطعم من نوعية الجو كان دافئا وحميميا، ونشكر الحاج أحمد والحاج إبراهيم على جهودهم العظيمة التي كللت بانعقاد الاجتماع، ثم –وهذه هي قمة السخرية– قرر أعضاء مجلس إدارة الجمعية عقد جمعية عمومية لاتخاذ قرار بشأن مصير الأرض، ما أعرفه أن الأصل في النزاع أن أرض البارك مملوكة للنادي وفى حيازته، وعلى المتضرر أن يلجأ إلى القضاء، وبالتالى على الجمعية ألاتتعامل مع تلك الأرض باعتبارها من ممتلكاتها لأن البينة على من ادعى.

سكان حدائق الهرم فاض بهم الكيل من ممارسات مايسمونها "الجمعية"، وهاهى الجمعية تستعدى بهذا التصرف المستفز 8 آلاف عضو عامل بالنادي، وهؤلاء سيشكلون قوة إضافية تنضم لعاصفة الغضب عليهم من جانب السكان الذين يرون أن وجودها مثل عدمه.

الغريب أن كبار المسئولين بالجمعية هم أنفسهم كبار المسئولين بالنادي، وهو مايعنى أن جميع أسرار وخفايا ومستندات النادي أصبحت مستباحة، وأظن أن هذه الازدواجية في المناصب كانت كلمة السر في انتهاك أرض البارك بهذا الشكل السافر.

كان من المفترض أن يدعو مجلس إدارة النادي إلى جمعية عمومية لاتخاذ قرارات مصيرية في مواجهة الاعتداء، لكنهم بكل أسف تعاملوا مع الأمر ببرود وفتور وكأن الأمر لايعنيهم.

من غير المقبول أن يدفع أعضاء النادي ثمن صراع غامض بين طرفين، كما أنهم دفعوا عشرات الآلاف من الجنيهات نظير الاستفادة بخدمة الباركنج المجانى، وعدم وجود أماكن أو مساحات خالية بديلة لركن سياراتهم، يمثل إخلالا بشروط التعاقد، وسيسبب مشكلة مزمنة قد تصل إلى تقديم بلاغ للنائب العام ضد الطرفين المتصارعين، بتهمة الفساد والاستيلاء على أرض موقف سيارات النادي بدون وجه حق، وسرقة أصول الأوراق التي تثبت الملكية.

وأظن أنه حان وقت عقد جمعية عمومية لسحب الثقة من أعضاء إدارة النادي لتقاعسهم وتواطؤهم مع مجلس إدارة الجمعية، على حساب إرادة الأعضاء الذين انتخبوهم للحفاظ على حقوق النادي وليس للتفريط فيها، أو لإعلاء مصالحهم الخاصة على مصالح النادي والأعضاء.

لايجب على الدولة أن تترك هذا العبث والتهريج، ولا أن تنفض يدها عن صراع على قطعة أرض بهذه المساحة هي في النهاية مال عام وملك لآلاف الأعضاء، وأطالب المهندس خالد عبد العزيز وزير الشباب والرياضة بالتحقيق في هذه القضية، وتمكين النادي منها إذا كان الأصل موجودا في الوزارة كما قال رئيسه، وإذا لم يكن أطالب محافظ الجيزة بتمكين النادي من البارك، باعتباره من صميم أرض الخدمات التي يتحجج مسئولو الجمعية بأنهم شنوا هجمتهم البربرية على أساسها.
الجريدة الرسمية