رئيس التحرير
عصام كامل

السيسي لا يُحيي الموتى !


الرئيس عبد الفتاح السيسي التقى عددًا من رؤساء الأحزاب، على رأسهم «الوفد، النور، الحركة الوطنية، المحافظين، التجمع، والسادات»؛ لمناقشة ملف الانتخابات البرلمانية، ورؤيتهم في قانون تقسيم الدوائر والمشاركة السياسية، وكيفية مواجهة الإرهاب.


السؤال المهم الآن، هل لدينا بالفعل أحزاب سياسية بالمعنى الحقيقي؟ وإن وُجدتْ فما جدواها؟ وما تأثيرها الحقيقي على أرض الواقع؟ وما دورها في بناء مصر المستقبل؟ وهل الرئيس نفسه مقتنع بدور هذه الأحزاب، ذات المقرات «الوهمية»، والأيديولوجيا «الباتنجانية»؟!

المتابع للحياة الحزبية في مصر، منذ عقود، يدرك أن الأحزاب في بلادنا- إلا قليلًا- عبارة عن «جمعيات عائلية»، أو «دكاكين» و«أكشاك» يسترزق أصحابها من وراء تلك «السبوبة».. والتأثير الذي قد يحدثه صحفي مبتدئ، أو صفحة على «فيس بوك»، يفوق التأثير الذي قد تحدثه تلك الأحزاب «الميتة».. وهذه هي الحقيقة، وإن اختلف معها البعض!

والمهتمون بالشأن الحزبي يدركون أن الأحزاب تتطور إلى «زوال».. فهناك حالة عزوف عام عن الانضمام إلى الأحزاب السياسية المصرية، التي باتت برامجها «متشابهة» إلى حد كبير، بل إن بعضها يكاد يكون «كوبي بيست copy paste» من الآخر، والفارق الوحيد بينها ربما يكون في «الاسم»، أو في لون «الغلاف»..!

هناك إحصائية تؤكد أن عدد المهتمين بالنشاط الحزبي في بريطانيا لا يتجاوز 5% فقط.. فإذا كان الحال كذلك في بريطانيا، فما بالنا في مصر؟!

إذن.. على أي شيء يراهن الرئيس؟ وعلى أي أساس جاء لقاؤه بممثلي هذه الأحزاب؟ هل إيمانًا بدورها، أم أنه يريد إحياءها وبعثها من جديد إلى الحياة السياسية بعد موتها؟!

إن السيسي لا يستطيع إحياء الأحزاب «الميتة».. فالشعب هو مَنْ يستطيع ذلك؛ بمنحها «قُبلة الحياة» بالانضمام إليها والانخراط في أنشطتها- إن كان لها نشاط من الأساس.. وواقع الحال يؤكد «صعوبة» عودة الأحزاب بـ«بمفهومها ومعناها الحقيقي» إلى الحياة السياسية مرة أخرى؛ فهي «ماتت إكلينيكيًا»، وبانتظار التشييع إلى مثواها الأخير، غير مأسوفة عليها..

وإذا كان البعض يرى عكس ذلك، فمما لا شك فيه أن الناخب المصري يذهب إلى صناديق الاقتراع؛ لا ليعطي صوته للقائمة الحزبية، بل لشخص يعرفه، دون أن يشغل باله بمسألة انتمائه الحزبي..

والحقيقة التي يعلمها القاصي والداني أن الأحزاب لا تمتلك الكوادر المناسبة لخوض الانتخابات والوصول إلى الشارع.

إن البعض يفهم «التعددية الحزبية» بالخطأ، فيكتفون بـ«تعدد الأسماء»، لا تعدد «البرامج»، بدليل أن مصر لديها «84 حزبًا»- بحسب دليل الأحزاب المصرية، على الموقع الإلكتروني لبوابة معلومات مصر- لكني أتحدى أي «متخصص» يستطيع أن يذكر أسماء هذه الأحزاب، وليس «برامجها»!

وإذا كانت هناك أصوات تشترط أن يكون الترشح للبرلمان من خلال «الأحزاب» فقط، على غرار البرلمانات الغربية؛ فإن هذا الشرط غير قابل للتطبيق.. فإذا لم يكن «المرشح» من أصحاب «المال والنفوذ»، ومدعومًا بـ«آلة إعلامية، وماكينة انتخابية»؛ فإن حظوظه في الفوز في الانتخابات لن تتجاوز «الصفر المكعب»؛ حتى وإن كان هذا المرشح من أفضل الناس وأكفأ السياسيين.
الجريدة الرسمية