رئيس التحرير
عصام كامل

العيال يئست

فيتو

يسعد صباحكو
الناس بتصحى كل يوم الصبح على زقزقة العصافير.. أما الناس فى شارعنا يا فتاح يا عليم يا رزاق يا كريم بتقوم على دوشة الواد (بودى) فى الشارع.. بودى ده ابن (هالة) جارتى، وحالى مع هالة زى حال غالبية الجيران فى مصر (صباح الخير يا جارى ـــ إنت فى حالك وأنا فى حالى) مفيش حد يعرف عن حد حاجة إلا فى حالتين ـــ يا إما (زغاريد) يبقى فيه حد نجح أو بيتجوز أو(صُويت) يبقى واحد بيضرب مراته أو حد مات..


من سنتين ونص تقريبا كان (الصُويت) بييجى من عند هالة (يوميا) وطبعا مش لأن فيه حد عندها بيموت كل يوم ..
لالالالا يا أصدقائى ومش علشان جوزها بيضربها كل يوم ـــ ده (أ.عماد) جوزها راجل طيب ومحترم ومالوش صوت خالص وبيشتغل موظف بس ما اعرفش وظيفته إيه؟؟ ربنا كرمه بشقة فى بيت أبوه (المِلك) يعنى ما بيدفعش إيجار ودى فى حد ذاتها نعمة كبييرة ـــ السبب كان مختلف تماما .. السبب كان (بودى)! لأنه كان بدأ "يِحبى" على الأرض ومجننها ومش سايب حاجة فى مكانها!!

ولما كبر وبدأ يمشى ( صويتها ) زاد قوى ولما بقى عنده حوالى 3 سنين ونص تقريبا ( زحلقته ) على الشارع و(زحلقت) أخته على مامتها ــ أصل الواد ( بودى) ( فص توم ) توأم يعنى ...
بس هو واد لذيذ بجد ودمه زى الشربات وبيلاغى كل الناس اللى ماشية فى الشارع سواء جيران أو عابرى سبيل ... (بودى ) واخد الشارع (ورديتين) ـــ واحدة الصبح لأنه ما بيروحش الحضانة والتانية آخر النهار... ولما ما تسمعش صوته تعرف إنه بياكل أو نايم أو رايح مشوار مع باباه ( على العجلة ... )

إمبارح سمعته بيلعب مع بنت عمه وبينده بصوت عالى (يوه عندنا الفول والطعمية ـــ طعمية سخنة وفول بدقة ــ تعالى ياعمو اشترى الطعمية ) .. اندهشت وقولت فى نفسى ( يخرب عقلك يا واد يا بودى ).. إحنا لما كنا فى سنك كده وبنلعب فى الشارع كان دايماه الولاد تقولك أنا هاعمل ظابط أو مهندس أو دكتور أو مدرس على بقية العيال لكن "فول وطعمية" ـــ الصراحة (جديدة ).. قعدت أكلم نفسى هى العيال حصلها إيه؟ ما عادتش بتحلم أحلام كبيرة ليه؟ على حد علمى إن (عماد وهالة) مثال عملى لطبقة (الكادحين) فى مصر إللى هى القاعدة العريضة من الشعب من حملة الدبلوم يعنى متعلمين !!!

ده زمان كان العامل أو الفلاح اللى مفيش معاه شهادة ولا بيعرف يقرا ويكتب كانت بتبقى أمنية حياته إن ولاده تتعلم تعليم عالى ... دلوقتى باشوف ناس تعليمها عالى ومش حريصة إن ولادها يكون معاهم ليسانس أو بكالوريوس ..

أنا شخصيا أعرف مدرسين ثانوى وأولادهم فى التعليم الفنى.. هو فى إيه ؟؟؟؟ هو العيب فى مين ؟؟؟ العيب فينا ولا فى المجتمع ولا فى التعليم ولا فى الأحلام ؟؟؟؟ ولا فى قاموس الكلام ؟؟؟ هى الناس مش قادرة تحلم ؟؟ ولا خايفة تحلم ؟؟ وانعكس ده على خيال الأطفال .. لأن الأطفال عادة فى سن (بودى ) بيكون خيالها ترجمة للجو العام فى الأسرة، ومفردات كلامها ترديد حرفى لمفردات الحديث بين الطفل من ناحية والأب والأم من ناحية تانية دون فهم حقيقى أو استيعاب لمضمون هذه المفردات...

زمان لما كانت الأطفال بتقول هابقى دكتور أو ظابط كنا بنقول العيال ( كِبرت ) دلوقتى لما تسمع كلامهم تقول العيال ( يئست ).. حقيقى تسمع كلامهم تستعجب ـــ تشوف زمانهم تشفق عليهم..
الجريدة الرسمية