رئيس التحرير
عصام كامل

عزيز «الأليت» وهوانم منظمات المجتمع المدني


ابتكر الكبيران العظيمان أحمد رجب ومصطفى حسين شخصية "عزيز بيه الأليت" ذلك الرجل صاحب الثراء الفاحش سليل الطبقة الأرستقراطية الماستر، الذي لم يدرك تغيرات الحياة والواقع، فظل أسيرًا لتفاصيل حياة العز والوز والرحرحة، وعندما دلف إلى شوارع وحوارى المحروسة، بدا وكأنه سقط من كوكب آخر على قُفَف ومقاطف وزبالة وبالوعات مفتوحة، وحين قرر التعامل مع البشر، خاطبهم بمفرداته التي بدت كما لو كانت طلاسم، واعتبروها سبابًا، في حين أنه كان حسن النية.. إذ كانت لغته تبطن نصائح ترمى إلى تطوير حياتهم للأفضل، لكنه لم يتمكن من تمرير خطابه لأنه لم يدرك أن البسطاء ليس لديهم صورة ذهنية أولية عمَّا يحدثهم عنه أو يدعوهم إليه، فلم يجربوا الرفاهية ولم يسمح لهم باللهث خلف لقمة العيش بإدراك قطار التحضُّر.


ما زال في ذاكرتى كاريكاتير عزيز بيه الأليت وهو ينصح الرجل صاحب عربة البطاطا التقليدية وعليها الفرن الصاج الصدئ الذي يشوى فيه ألذ بطاطا على الخشب، وكان من الواضح أنه بالكاد يوفر لقمة العيش التي تبقيه على قيد الحياة، وإذا بالأليت يلومه وبين أصابعه السيجار الكوبى لأنه لا يستخدم جهاز ميكروويف بدلًا من الفرن الصاج ليشوى البطاطا ويحافظ على البيئة من التلوث، وكانت النتيجة علقة موت من نصيب عزيز بيه على يد بائع البطاطا لأسباب كثيرة منها أن الأليت عديم النظر، لأنه لم يكتشف أنه لا يمتلك ثمن جلباب جديد ونظيف ثم يطلب منه شراء ميكروويف وربما ظن أن ميكروويف كلمة "أبيحة".
الغريب أن قسمًا من منظمات المجتمع المدنى صورة طبق الأصل من الأليت، وتلك مصيبة كبرى.

على نهج عزيز بيه الأليت، هناك حملة لدعم المرأة عنوانها الرئيسى "إنتى الأهَم"..وانطلاقًا من النسق المصرى الأصيل المسمى "الانبثاق"..انبثقت عن الحملة المذكورة حملة متخصصة اسمها "ابدئيها صح"..واضح من اسم الحملة أنها موجهة للمرأة في بداية تجربة جديدة مثل الزواج أو العمل أو التجارة أو تربية الأطفال أو الأرانب..غير أن المقصود بالحملة لم يكن كل هذا، إذ كان هدفها توعية حريم مصر بدار الأوبرا(!).. ويا لها من واقعة سوداء من النوع الغَطيس..فمن الواضح أن القائمات على الحملة المذكورة غائبات عن الواقع بل وعن الوعى، فقد تصورن أن حريم مصر سليلات البيوتات الراقية والهاى كلاس، ونسين أن غالبيتهن من رعايا الوراق والبغالة وشق التعبان، وساكنات ريف بلا صرف صحى.. ويبقى السؤال.. هل يمكن أن تستوعب أم السعد وحسنية وعطيات باليه بحيرة البجع أو عزف صولوهات على الماريمبا؟!.. والله لو سألوا أم السعد ماذا تفعل عازفة الماريمبا؟ ستقول بتمص قصب.
الجريدة الرسمية