رئيس التحرير
عصام كامل

الخصخصة تضرب الاقتصاد المصري من جديد.."أسمنت السويس" تحت رحمة الإيطاليين.. والحكومة "مكتوفة الأيدي".. المستثمر الإيطالي أوقف المصانع ليتهم العمال بتعطيل الإنتاج.. وغلق "أسمنت طرة" بسبب اعتصام العاملين


في الوقت الذي بدأت فيه مصر عصر الانفتاح الاقتصادي ومعها الاتجاه نحو الخصخصة، حذر الكثيرون من انهيار العديد من شركات القطاع العام، وهو ما بدا واضحا من تشريد العمال عن طريق المعاش المبكر، وكذلك تغيير نشاط شركات أخرى لما يخدم مصالح صاحب العمل الجديد من رجال الأعمال.


أزمات الخصخصة

لم تنته أزمات الخصخصة وبيع القطاع العام بتشريد العمال أو انهيار الصناعة الوطنية في حينها، إنما عادت لتطل بوجهها الخبيث مرة أخرى في الوقت الحالي، وما زالت وستظل مصر تعاني من هذه الأزمة حتى الآن.

ففي الوقت الذي حكم فيه القضاء بعودة العديد من الشركات إلى حضن القطاع العام مرة أخرى لم تجد الدولة القدرة على إعادة الروح لهذه الشركات، بل "زاد الطين بلة" ما شهدته مصر من إغلاق آلاف المصانع عقب ثورة 25 يناير 2011.

شركات القطاع العام
وعلى الرغم من طرح العشرات من الخطط لإحياء شركات القطاع العام، إلا أن شيئا منها لم ينفذ، وخير شاهد على ذلك انهيار صناعة الغزل والنسيج التي باتت تنتظر رصاصة الرحمة.

وعودة شبح الخصخصة مرة أخرى يتمثل في شركتي "عمر أفندي" ومجموعة السويس للأسمنت، اللتين ما زال يعاني عمالهما ومعهم الاقتصاد الوطني من السياسات الخاطئة بالخصخصة.

شركة "عمر أفندي" على الرغم مما تمتلكه من أصول تحول معظمها إلى بيوت أشباح ولا تحقق أي أرباح فضلًا عن أن أغلب العاملين فيها تحولوا إلى "عواجيز" ولا تستطيع الدولة حتى هذه اللحظة إحياء الروح فيها مرة أخرى.

العديد من الخطابات والاستغاثات لرئيس الجمهورية ومجلس الوزراء والوزراء المعنيين، والأزمة لا تجد حلا، لتواصل بذلك استمرار نزيف الاقتصاد الذي كان مبنيا في يوم من الأيام على كاهل شركات القطاع العام.

مجموعة السويس

مجموعة السويس للأسمنت والتي تأسست في عام 1977 لتصبح واحدة من كبرى الشركات المصرية المنتجة للأسمنت الرمادي، حيث تبلغ سعتها الإنتاجية أربعة ملايين طن سنويا، وبدأت شركة السويس للأسمنت نشاطها من خلال إنشاء مصنعها الأول في مدينة السويس ثم تبعه مصنع القطامية بإجمالي استثمارات بلغت نحو 1.7 مليار جنيه مصري، ويعمل المصنعان باستخدام الطريقة الجافة مع التبييض والتسخين.

وفي أغسطس 2005، قامت شركة السويس للأسمنت بشراء نحو 99% من أسهم شركة أسيك للأسمنت والتي تحمل حاليًا اسم شركة "حلوان للأسمنت" بالتعاون مع شركاء دوليين ومحليين آخرين لتحقيق استثمار عالمي وصل لنحو 605 ملايين دولار.

الشركات الإيطالية
وتعد شركة "إيتالشمنتي" الإيطالية والتي تمتلك مجموعة السويس للأسمنت خامس أكبر منتجي الأسمنت في العالم، هي أكبر المساهمين بالمجموعة، وقامت باستكمال التوسعات الرأسية لأعمالها التجارية من خلال شراء الحصة الكبرى من أسهم شركة ريدي ميكس بيتون، التي تعد رائدة إنتاج الخرسانة الجاهز في مصر، لتنتج المجموعة في مصر ما يزيد عن 12 مليون طن في العام من "الكلنكر" حيث يتم إنتاج تلك الكمية بواسطة خمسة مصانع يعمل بها نحو 3500 عامل دائم.

خصخصة جزء كبير من المجموعة لم تنته باستفادة المستثمر الإيطالي بالعائد الاقتصادي منها على الأراضي المصرية، ولكن عادت لتطل بسلبياتها مرة أخرى هذه الأيام مع تصاعد الأزمة بين العمال وإدارة الشركة بسبب محاولات الشركة التنصل من حق العمال في صرف الأرباح.

ولعدم وجود ما يقف في وجه الشركة ضد ما تقوم به من تعسف تجاه العمال، قامت الشركة بإغلاق مصنع "أسمنت طرة" بسبب اعتصام العمال المطالبين بحقوقهم، وذلك على الرغم من تمسك العمال بسير العمل والإنتاج مع استمرار اعتصامهم للمطالبة بحقوقهم المشروعة.

الحكومة المصرية التي وعدت بإنعاش الاقتصاد المصري عن طريق إحياء الصناعة المصرية، تقف مكتوفة الأيدي أمام مشكلة قائمة، يمكنها التدخل لدى المستثمر الإيطالي وإنهاء الأزمة وعودة العمل والإنتاج مرة أخرى.
الجريدة الرسمية