رئيس التحرير
عصام كامل

إخلاء سبيل «المستريح».. «ريان الصعيد»!


بداية، أعترف بعدم تعاطفي مع ضحايا أحمد مصطفى إبراهيم محمد، الشهير بـ«المستريح».. حتى لو كانوا من البسطاء، والمطحونين، وجمعوا «تحويشة العمر» من عرقهم وشقاهم في الغربة.


وسبب عدم تعاطفي مع الضحايا أن «القانون لا يحمي المغفلين».. والحكمة العربية تقول: «من يطمع في كل شيء يخسر كل شيء»، هذا أولًا.

ثانيًا: «ريان الصعيد» لم يرتكب «جُرمًا»، وأدى دوره كـ«نصاب» بمنتهى الحرفية، والاقتدار.. وهنا لا يجب أن نسأل «النصاب» لماذا نصبت؟ بل علينا أن نسأل «المنصوب عليه» لماذا ذهبتَ إليه؟

ثالثًا: أن هذه الواقعة ليست الأولى، ولا الثانية، ولا حتى الثالثة من نوعها، حتى نلتمس العذر للضحايا.. الضحايا الذين أعماهم الطمع، فوجدوا «المِفَلِّسْ» بانتظارهم، كما يقول المأثور: «طمعنجى بناله بيت.. فلسنجى سكنله فيه».

رابعًا: الضحايا أنفسهم، وبينهم، كما يتردد، قضاة ومستشارون وضباط شرطة وأطباء ومنهدسون، كانوا «راضين» عن «المستريح»، ويعملون كـ«مندوبي تسويق له»، بطريقة غير مباشرة، بإدخال أقاربهم، ومعارفهم، في شبكة «المستريح»، الذي أغراهم بـ«مال ضحايا» آخرين.. فسكتوا، وباركوا، وهللوا؛ معتقدين أنهم في مأمن.. فـ«ما أسهل الدفع من جيب الغير»!

إن هذه الجريمة كشفت، بما لا يدع مجالًا للشك، العديد من الظواهر السلبية، على رأسها «تحقير» قيمة العمل، والبحث عن «الثراء» السريع، دون مجهود يذكر، أو حتى لو كان بطريقة غير مشروعة.. والخوف، كل الخوف، أن تتحول هذه الظواهر إلى «مبدأ» أو «عقيدة» لدى كثير من المصريين.

لو كنت من جهات التحقيق مع «المستريح» لـ«أخليت سبيله» على ذمة القضية؛ ليس تعاطفًا معه، بل «نكاية» في الضحايا، الذين حرموا الدولة من الاستفادة بأموالهم، وسحبوا ودائعهم من البنوك «القانونية»، ووضعوها تحت تصرف «محتال ونصاب».. وتركوا الاستثمار الآمن «الحلال»، ولجئوا إلى السكة «الشمال».

ولو كنت من جهات التحقيق أيضًا، لفتحت تحقيقًا موسعًا وجادًا مع الضحايا.. نعم الضحايا أنفسهم، خاصة الضباط والقضاة، الذين منحوا هذا النصاب أموالًا تجاوزت الأصفار الستة، ونشر أسمائهم، وفضحهم، وتجريسهم، وعزلهم من وظيفتهم، بعد التحقيق معهم، ومعرفة من أين جاءوا بهذه الأموال؟ وهل حصلوا عليها بطريقة مشروعة أم لا؟

ولو كنت من الجهات المسئولة، ونجحت في استعادة الأموال من «ريان الصعيد»، لقررت ضم هذه المبالغ إلى خزينة الدولة؛ للاستفادة منها، وإعطاء الضحايا، ومَنْ يسلك طريقهم، درسًا مدى الحياة.
الجريدة الرسمية