رئيس التحرير
عصام كامل

ليزا سعيد تكتب.. شيخ لـ«الحاجة صيصة»: هتدخلي النار!


في مجتمع ما زالت تتعامل فيه المرأة على أنها " آخر" كما وضحت لنا أم الفلسفة النسوية سيمون دي بوفوار وهي كاتبة ومفكرة فرنسية، في كتابها " الجنس الآخر" حيث عرضت لنا إشكالية تعامل المجتمع مع المرأة على أنها الجنس الثاني أو الجنس الآخر في محاولة للفهم لماذا هي الجنس الثاني؟! ولماذا الرجل الجنس الأول؟! من الذي صاغ التصنيف وعلى أي أساس؟!


الحاجة " صيصة" امرأة مصرية وأقول مصرية بكل ما تحمله الكلمة من معنى من صمود وصبر وقوة تحمل وجبروت في مواجهة الحياة القاسية، شاهدتها مصادفة في أحد البرامج ووجدتها تحدثت عن رحلة كفاحها منذ تركها زوجها وهى شابة في مقتبل العمر ذات 21 عاما وهى حامل في ابنتها هدي ستة شهور، تعيش في إحدى قرى محافظة الأقصر، لم يترك لها شيء ولم يساعدها أحد، وكان لها ستة إخوة أشقاء فابتعدوا عنها وتجاهلوها.

وجدت نفسها هي وجنينها في مواجهة ظروف عصيبة مع مجتمع تقيد فيه حرية المرأة خاصة في القرى والأرياف فالوضع صعب، وهذا بالطبع لا يمنع وجود بعض الحالات الفردية المخالفة لذلك لكن هي حالات فردية معدودة لا يمكن استخدامها كقاعدة.

ماذا تفعل؟ كيف تأكل وتربي ابنتها الصغيرة؟ كيف ستواجه أهل قريتها وتخرج للعمل دون أن تتعرض لمضايقات؟! الكثير من التساؤلات دارت بذهنها قبلا فالأمر حقا معقد.

فالمرأة المصرية طوال تاريخها وهي معروفه بالذكاء، وحسن التصرف في أوقات الصعاب، فكرت كيف تعمل دون أن يتم استغلال أنوثتها ونحن نعلم جيدا ونخجل من حوادث التحرش التي تذاع على مسامعنا من الحين إلى الآخر، والعنف والقتل والاغتصاب ومبررات المجتمع دائما لكل ما يحدث ويرجع السبب أولًا وأخيرا إلى المرأة نفسها وأن عدم تحشمها في ملابسها هو ما يدفع لحدوث كل هذا؟!

لم يكن أمامها إلا أن ترتدي ملابس الرجال حتى يتم الاعتراف بوجودها ككائن حي يعيش ويعمل مثلهم عملت الكثير من الأعمال المرهقة والشاقة مثلهم تمامًا، مثل أعمال البناء وحمل أدوات البناء الثقيلة وغيرها، تلك المرأة التي يتشدق المجتمع بضعف بنيتها ؟!
لكن لا يعرفون أن الأجسام تدار بالعقل وبالعقل وحده نستطيع أن نجعلها تفعل ما نريد.

الحاجة صيصة صعيدية وكما يقال " دماغها ناشفة" تحملت الكثير في مقابل أن تربي ابنتها ولا تنتظر مساعدة من أشخاص لم تتسول ولم تضعف ولم تستكن بل ظلت تحارب حتى زوجت ابنتها واطمأنت على مستقبلها واتخذت مهنة مريحة وهي ماسحة الأحذية بصندوق خشبي جميل عندما رأيتها صورته وعلى جانبيه رسم علم مصر فرحت كثيرًا وكأنها تعلن الوطن مناضلا إلى جوارها تحمل صندوقها في الصباح وترتدي الجلابية والعمة وتخرج للعمل ضاربة أكبر مثال للتحدي والقوة.

تم اختيارها في مسابقة الأم المثالية كما طلب سيادة الرئيس السيسي مقابلتها وهي لمسة رائعة من سيادته من أب يحنو على أبنائه فلن نشكره على فعله لأن الآباء لا ينتظرون شكرا من أبنائهم هم يعملون لصالحهم طوال الوقت ولا ينتظرون شكرًا أو تقديرًا.

40 سنة وهي متخفية في زي رجل 40 سنة وطفلتها تراها ترتدي لبس الرجال لم تتذمر ولم تتعجب وإنما أحبتها كما هي ويكفي إجابتها حين سئلت ماذا تشعرين وأنت ترين والدتك تلبس لبس الرجال وتحمل صندوقا لمسح الأحذية؟ أجابت ببساطة " هي أمي...هي أمي".

تتلخص في الحجة صيصة الكثير من سمات النساء في مجتمعنا فهي ورغم التراجيديا التي تحيا بها إلا أن لها حسا فكاهيا رائعا أضحك الجميع، فهي تقبل على الحياة برضا وسعادة وفرحة غير عادية ولأبسط الأشياء.

وقد أثارت قضية تستحق وقفة للتفكير مليًا " فقد قالت إنها سألت أحد الشيوخ بأنها تتشبه بالرجال لأنها تلبس ملابسهم فهل ستدخل النار؟" نعم هل حقا ستدخل النار لأنها تتشبه بالرجال في ملابسهم كما يتغنى بهذا الموضوع الكثيرين ؟! سؤال يستحق منا التفكير.

وأخيرا أقول أيتها المرأة المصرية كنت وما زلت وستظلين أنت المثال الذي يحتذى به رغم الصعاب....... وإلى مزيد من التحدي.
الجريدة الرسمية