رئيس التحرير
عصام كامل

لماذا طلعت إسماعيل ؟


حتى لو لم يكن طلعت إسماعيل صديقى، وحتى لو كنت لا أعرفه قبل ترشحه في انتخابات التجديد النصفى لمجلس نقابة الصحفيين، كنت سأعطيه صوتى لعدة أسباب، منها أنه واحد من القلائل في هذا الزمن الذين يملكون ضميرا يقظًا يجعله يفعل كل شيء في حياته "زى ما الكتاب بيقول" وبما يرضى الله وليس بما يرضى الآخرين.


عبر سنوات ممتدة من الزمالة التي تحولت إلى صداقة وجيرة في نفس الحى، عرفت طلعت إسماعيل في "مصر الفتاة" ثم "العربى" الناصرى، إلى أن جمعتنا أيام الغربة بحلوها ومرها في "البيان" الإماراتية، لمست فيه شخصًا أبعد ما يكون عن الانتهازية لم يتلون أو يتغير أو ينافق، دفع كثيرًا من صحته وأعصابه ثمنًا لمبادئه وثبات مواقفه، وعندما طلب مشورتى في الإقدام على خوض الانتخابات من عدمه، أشفقت عليه من عواقب القرار الانتحاري لأنه سيأخذ منه أكثر مما يعطيه.

ولأن ضميره يقظ، لم يحاول أن يساير قواعد اللعبة الانتخابية التي تقول باستحالة إجراء الانتخابات كما هي العادة في المرحلة الأولى لعدم إمكانية اكتمال النصاب المطلوب، لم يوفر جهده لـ"الشوط الثانى" كما فعل غيره، بل أصر –رغم قلبه المنهك المريض- على أن يتكبد مشقة التجوال في المؤسسات الصحفية جميعها بلا استثناء في "الشوط الأول" عارضًا برنامجه الذي لا يتضمن نقودًا أو شققًا أو قروضًا أو أي امتيازات نقدية أو عينية ولا يتضمن وعودًا وأحلامًا وأوهامًا تتبخر بعد انتهاء "مولد" الانتخابات، وإنما تحدث عن برنامج واضح يستطيع أن ينجزه وفى حدود ما يستطيع، ويقوم على تسخير جهده لتدريب شباب الصحفيين وتعليمهم أصول وقواعد المهنة، خصوصًا بعد أن تراجعت للأسف مهارات اللغة العربية وقواعد وفن الصياغة الصحفية لدى كثير منهم هذه الأيام، وأصبحنا نرى أخطاءً يندى لها الجبين، ونرصد كوارث تدعو المرء للتعجب "كيف أصبح هؤلاء أعضاءً في نقابتنا؟"، وهو الدور الذي سيملأ الفراغ الناجم عن سفر الزميلة عبير السعدى خارج مصر.

طلعت إسماعيل ينتمى إلى التيار القومى الناصرى العروبى المعادى للتطبيع مع العدو الصهيونى، ودخل مهنة صاحبة الجلالة مع سبق الإصرار والنوايا، ولم يدخل مصادفة كغيره من الآلاف من أعضاء نقابتنا، وأنا شخصيًا أحترم وأنحاز للفريق الأول بحكم أننى واحد من أفراده، فقد درس وتفوق وتخرج في كلية الإعلام دفعة 85 السابقة لدفعتى، و"تمرمغ" في هموم المهنة طوال 30 عامًا، هو مناضل من طراز فريد، أو خٌلِقَ ليكافح، لم يترك مؤسسة صحفية إلا وكان حريصًا على أن يلتقى كل من فيها وجهًا لوجه، حتى لو كان عددهم لا يتجاوز أصابع اليد، هو نموذج للانضباط المهنى والأخلاقى والسلوكى والإنسانى، في كل المواعيد والمناسبات تراه أول الحاضرين مبكرًا لأنه يحترم نفسه قبل أن يحترم الآخرين.

أقول لكل الكادحين والغلابة من أبناء مهنتنا، تأكدوا أن تليفون طلعت -إذا وفقه الله- سيظل متاحًا ومفتوحًا طوال 24 ساعة، حتى لو كلفه ذلك حرمانه من النوم والأكل ورؤية أسرته، وسيكون مناضلا شريفًا ونموذجًا تتشرف به عضوية مجلس النقابة وليس العكس، فامنحوه صوتكم وثقوا أنه يستحقه عن جدارة.
الجريدة الرسمية