رئيس التحرير
عصام كامل

قصة أشهر ضابط مخابرات أمريكي باع بلاده للروس.. عميل الـ «سي آي أيه» سلم «كي جي بي» ملفات التجسس على الكرملين


اشتعلت حرب الجواسيس بين الولايات المتحدة الأمريكية ونظيرتها الروسية، وقت اندلاع الحرب الباردة بينهما فعكفت كل منهما على تجنيد عملاء لها داخل أعتى أجهزة الدولة الأخرى من أجل تدميرها من الداخل.


روبرت هانسن كان أبرز علامات تلك الحرب الباردة التي استمرت لأعوام بين الطرفين عقب انهيار الاتحاد السوفيتي، حيث كانت فكرة تجنيد عملاء للروس داخل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي «إف بي آي» بعيدة كل البعد عن أذهان الجميع.

ولد الضابط الأمريكي عام 1944 لأب يعمل شرطيًا في مدينة شيكاغو، وعمل عميلًا لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي «إف. بي. آي» منذ عام 1976.

كان هانسن في الخامسة والثلاثين من عمره وقتما جندته روسيا للتجسس لصالحها من داخل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي ولمدة 15 عاما، حتى تم إلقاء القبض عليه في 18 فبراير عام 2001 أثناء قيامه بإلقاء حزمة أوراق تحمل معلومات سرية في حديقة عامة شمال فيرجينيا، وحكم عليه بالسجن مدى الحياة.

تطوع الضابط الأمريكي من نفسه لتقديم خدمات لجهاز المخابرات السوفيتي المعروف باسم KGB حينها، على الرغم من علمه بأن خدماته ربما تعتبرها دولته خيانة عظمى وقد تصل عقوبتها إلى الإعدام.

الغريب في الأمر أن هانسن كان يعمل ضابطا في مكافحة التجسس بينما كان هو نفسه جاسوسا، حيث استطاع مساعدة الروس في تجنب الوسائل الأمريكية التي كانت تتعقبهم للإمساك بهم فيما كانت مهمته الأساسية هي الكشف عن الجواسيس الأجانب بالولايات المتحدة الأمريكية.

بدأ عمل هانسن مع السوفييت عام 1980 حينما أرسل رسالة مكتوبة موقعة باسم كودي هو حرف B باللغة الإنجليزية، إلى كبير مسئولي المخابرات السوفيتية بالسفارة الروسية بواشنطن، ليعرض عليه استعداده لإمدادهم بوثائق غاية في السرية مقابل الحصول على أموال.

وعلى الفور قبل الروس عرض الضابط الأمريكي واستمر التعامل بينهما لأكثر من 15 عاما، حصل خلالها الروس على عشرات الألوف من الوثائق والمستندات السرية والخطط والنوايا الأمريكية، وعلى الرغم من بدء تجسس هانسن لصالح روسيا في ذروة الحرب الباردة بين موسكو وواشنطن، إلا أن تعاونه معهم لم يتوقف بعد انتهاء الحرب وإعلان الوفاق بين الطرفين.

الأمن المحكم في اتصالات هانسن مع الروس كان كلمة السر في استمرارها لأعوام طويلة، فكان يستخدم أسماء كودية في رسائله كما كان يرفض تمامًا مقابلة السوفييت وجهًا لوجه، بل اقتصر التعامل بينهم على ما يسمى النقط الميتة وهي عبارة عن عدد من المناطق أو النقاط المتفق عليها في حدائق ومنتزهات ولاية فيرجينيا القريبة من العاصمة واشنطن، يتم عبرها تسليم الملفات المسربة.

واتفق السوفييت مع الضابط الأمريكي على أسلوب لتحديد توقيتات وأزمنة شحن وتفريغ النقاط، فإذا ذكر هانسن تاريخًا وتوقيتًا يتم طرح رقم 6 منه لمعرفة التاريخ والتوقيت الفعلي، وإذا ذكر السوفييت تاريخًا وتوقيتًا تتم إضافة رقم 6 عليه، واتّهِم الضابط الأمريكى بتقديم معلومات لروسيا تساعدها في القبض على الجواسيس الأمريكيين، والكشف عن وسائل الرقابة الإلكترونية التي تستخدمها الاستخبارات الأمريكية.

ونتيجة لما قدمه هانسن من معلومات للروس، استطاعت الحكومة الروسية إعدام 10 جواسيس أمريكان في فترة الثمانينيات، وخيانة 3 عملاء مزدوجين روس يعملون لصالح الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث تم سجن أحدهم وإعدام الاثنين الآخرين.
الجريدة الرسمية