رئيس التحرير
عصام كامل

"حياة معلقة".. حكايا المخيم الفلسطيني من جنازة لأخرى


"حياة معلقة" هي الرواية الفلسطينية الوحيدة التي ترشحت، من بين 180 رواية من دول أخرى ضمن 16 رواية للقائمة القصيرة، والتي صدرت عن دار الأهلية في عمّان الصيف الماضي، للروائي الفلسطيني "عاطف أبو سيف"، والذي لم يحصل على نسخة مطبوعة من روايته بسبب الحرب والحصار المفروض على قطاع غزة.


وتتحدث الرواية، عن موت نعيم، صاحب المطبعة الوحيدة في مخيم قرب غزة، برصاصة-من الاحتلال الإسرائيلي- والذي اعتاد منذ سنوات، بل عقود على طباعة "بوسترات" وملصقات الشهداء في المخيم، ويأتي صراع ابنه المقيم في الخارج، والذي لا يمكن له أن يتخيل تحوّل والده إلى ملصق على حائط، ومن هنا يبدأ عملية رصد تختزل تحول الإنسان إلى رقم، أو مجرد كلمة أو شعار على جدار، أو صورة معلقة عليه، ومن هنا تنفتح الحارة داخل المخيم على أزماتها، وتظهر الشخصيات المختلفة، مستعرضة التطورات والتحولات الحاصلة في غزة في العقدين الأخيرين، على المستويات السياسية، والاجتماعية، والاقتصادية، والثقافية، وغيرها، وخاصة داخل المخيم بدفع من السلطة السياسية، بغض النظرعن ماهية هذه السلطة.

حيث يدور النقاش حول مفهوم البطولة والجدل حول الاشتباك مع الحياة أو نفيها. لكن هذا الموت العادي يغير الكثير من تفاصيل الحياة. والموت الذي يقلب حياة الناس وتفاصيلهم.

فالرواية ثلاثة أبطال، إن جاز التعبير، الأب الشهيد نعيم، والابن، والحاج المبروك، الذي كان أول من سكن التلة قرب المخيم، ولا أحد يعرف من أين جاء، وترتبط بشيء أسطوري ما له علاقة بالنكبة من جهة، والاجتياح من جهة أخرى، كما هو حال ساكنها، ومع وفاة الحاج تقرر السلطة السياسية بناء مسجد كبير في تلك التلة بعد السيطرة عليها، وهنا يبرز الصراع ما بين أهالي المخيم دفاعًا عن قداسة هذه التلة وما بين السلطة، خاصة بعد أن يتم اكتشاف أن المنوي بناؤه ليس مسجدًا فحسب، بل سوق تجارية ضخمة بالأساس تضم مجمعات ومباني عملاقة ومركز شرطة عملاقًا، في مشهد ينتهي بصراع ميداني على التلة، وكأنه يحاكي حالة الانقسام التي لا يزال يعيشها الكل الفلسطيني.

وتبدأ الرواية بجنازة وتنتهي بجنازة، ويلملم فيها أبو سيف حكايات سكان المخيم كصيّاد ماهر في لم شباكه بعد الانتهاء من الصيد، وعبر فصول متنوعة في مستويات السرد وتقنياته تنكشف امام القارئ الكثير من تفاصيل الحياة فيغزة كما نعرفها ويعرفها الكاتب، كما يتم استدعاء يافا موطن اللاجئين عبر استرجاعات زمنية ومفارقات سردية وحكايات متداخلة ترسم بصورة مفصلة عالمًا مدهشًا تتفاعل شخوصه وتتجادل وتصارع في إعادة تركيب لمفهوم الهوية، والبطلة والحياة.

يذكر أن عاطف أبو سيف ولد في مخيم جباليا عام 1973 لعائلة هاجرت من مدينة يافا. وحصل على بكالوريوس من جامعة بيرزيت وماجستير من جامعة 'برادفورد' بإنجلترا ودكتوراه من جامعة 'فلورنسا' بإيطاليا. يعمل أستاذًا للعلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة ويرأس تحرير مجلة سياسات الصادرة عن معهد السياسات العامة في رام الله.
الجريدة الرسمية