رئيس التحرير
عصام كامل

أمريكا من الإبادة الجماعية إلى التخلف العقلي


لكل منا منظوره الخاص تجاه أمور الحياة الطبيعية، ولكن في بعض المواقف تكون حالة التوحد على رأي صائب لا يختلف فيه اثنان.

ومن هذه الأمور هي الجرائم التي يراها العالم أجمع فعلا غير سوي، يهدف لنشر الفوضى والدمار في بلاد كثر، يختلف المنظور في هذه النقطة بالتحديد لدى الإدارة الأمريكية، فهي ترى بعينين لمن يقدم على فعل الجريمة ذات أصول عربية عين، ولمن يقدم عليها ذات أصول أمريكية عين أخرى، تكاد تشبه عينا عمياء بإرادتها، عينا متصلبة الشرايين تحجرت بها الدماء، ترى ما تريده فقط لتزييف الحقائق للعالم أجمع.


إن الدولة حديثة العهد تكتب التاريخ المعاصر كيفما شاءت، لقد تركها العالم تعبث به وهي دولة بلا عمق تاريخي وبلا حضارة ضاربة جذورها في التاريخ، إنها حديثة الولادة ولكنها مولود أتى على ضريح آلاف الجثث المتراكمة لشعب الهنود الحمر في قاعه (السكان الأصليين للأمريكتين)، فتلون هذا المولود بلون دمائهم حتى صار الدم لذة الحياة بالنسبة له، فكانت عقيدته الوحيدة حق التضحية بالآخر الناتجة لعقدة الاضطهاد العرقي وتقمصه لدور المخلص الأوحد للعالم أجمع، فيبيد الشعوب الأخرى، ويعمل على استرقاقها وتخويفها وإرهابها واستعبادها، باعتباره "رجلا أبيض" المتفوق حضاريا على الآخرين.

إن ما حدث بجوار جامعة "تشابل هيل"، هو ملخص لكل ما سبق في رجل أمريكي ترعرع على نظرية الاضطهاد العرقي والطائفي، فتحول على مر عمره من بشر إلى حيوان طائفي، يفترس كل ما يخرج عن نطاق نظريته الأمريكية، تطل علينا إله التزييف الإعلامية الأمريكية بعناوين كثيرة تصرح بإصابة الرجل باختلال عقلي، وهنا نرى العين الأخرى للأم راعية الإرهاب تريد تسويق جريمة ابنها تحت غطاء التخلف العقلي؛ حتى يتسنى لرضيعها العيش فهو بنظرهم لم يخطئ، ولكنه قد نفذ وصيتهم الأمريكية بشكل علني، فتقوم الإدارة بتغطية ما حدث حتى لا يستفيق العالم أجمع من غيبوبته الأبدية.

لماذا كل إرهابي أمريكي مختل عقله وكل شخص ذات أصول عربية يقدم على جريمة داخل أراضيها لديه عقلية سليمة مائة في المائة بل هو عنصر خطر على أمنها القومي؟!

ألم يكن في المسموح لنا، أن نصرح مثلما تفعل هي ونقول إن لديهم تخلفا عقليا مزمنا يجعل الجريمة بنظرهم مسموحة حتى تتزن كفتا الميزان بيننا وبينهم، أو ترتفع أصوات إعلامنا الضئيل لتعلن أن قاتل الثلاثة المسلمين لديه عقلية سليمة ويدرك جميع أفعاله جيدًا، وقد قتل مع سبق الإصرار والترصد، وإنها جريمة عرقية طائقية متكاملة الأركان، حتى نستطيع القول لسنا وحدنا المصدرين للإرهاب، ولست وحدك بلد الحريات التي لا تشوبها شائبة فجسدك به أطراف خبيثة تتغذى على دماء الشعوب الأخرى.

لم أطلب في مقالي هذا، غير تصحيح المفاهيم واتزان كفتي الميزان بيننا وبينهم، فإن كنا نحن دول مصدرة للإرهاب فهم أصل الإرهاب، ومن يبحث في أصولهم يدرك كلماتي.. إن الدولة التي تقام على مذابح الأبرياء، هي دولة الظلم، ومن يغفل هذا عن قصد فهو مشارك فيه.
الجريدة الرسمية