رئيس التحرير
عصام كامل

الخيط الرفيع بين إرهابنا وإرهابهم


لازال الحديث عن مأساة قتل صحفيي ورسامي جريدة شارل إيبدو.. الجدل لا ينتهي.. راحت السكرة وجاءت الفكرة. 

كان المعارضون للعمل هم الأكبر، والمؤيدون على استحياء، أكثرهم يقول إنه لا يؤيد القتل ولا يؤيد إهانة المقدسات خلاصا من الأمر، وبعضهم صمت من الصدمة، وأقلهم أدان شارل إيبدو.. شيئا فشيئا بدأت الأصوات تعلو بأن إرهاب الغرب أكثر، فأمريكا فعلت كل ما يخرج على الإنسانية في العراق، وإنجلترا معها وفرنسا.

وامتد الحديث إلى الماضي ومذابح فعلوها في البلاد المستعمرة، وثروات نهبوها وتفرقة عنصرية مارسوها وهكذا.. وطبعا لا يختلف أحد على ماضي الدول الاستعمارية.

لكن نحن في الحاضر.. والفارق كبير.. ماضي المسلمين أيضا في البلاد التي فتحوها لم يكن أبيض كله.. يكفي الماضي القريب للخلافة العثمانية.. إذن نبتعد عن الماضي لأنه لا فائدة فيه للدفاع عن الحاضر.. أمريكا أكبر تاجر في العبيد، انتهى الأمر بوصول أوباما إلى الحكم، فرنسا تركت مستعمراتها العربية. وهكذا جرى مع إنجلترا. الخلافة العثمانية انتهت إلى زوال.. دعونا في الحاضر.

دون شك هناك إرهاب مارسته دولة مثل أمريكا في العراق مثلا.. لكنها لا تمارسه رافعة شعار الدين كما حدث قديما في تجارة العبيد.. تبرر له بشعارات سياسية.. وهذا حقيقي.. لا أحد يتحدث عن الإنجيل الآن وهو يمارس القتل.. هناك طمع في الشرق الأوسط صحيح، وبالذات من أمريكا صانعة الإرهاب أصلا.. لكن الأمر لا يبرر دينيا.. دائما هناك أسباب سياسية.. أو تعلن أنها سياسية وهي أطماع في المنطقة والاستيلاء على ثرواتها، وأن تعود شعوبها إلى الفقر.. هذا هو الفارق الدقيق بين إرهاب وإرهاب.

إرهاب الجماعات الإسلامية المسلحة يرفع شعارات دينية.. داعش في العراق مثلا لم تشأ إخراج الأمريكان لأنهم محتلون فقط بل لأنهم كفار أولا.. جبهة النصرة وداعش في سوريا ضد بشار ليس لأنه ديكتاتور لكن لأنه كافر.. وحين يسيطر هؤلاء على أي منطقة يقطعون الرءوس لمن يسمونهم بالكفار.. ويبيعون النساء ويقولون سبايا ويستخدمون اصطلاحات دينية انتهى عصرها.

يقومون بالرجم وقطع الأيدي وغير ذلك، معلنين سيادة الدين الذي في أحكامه أكثر من قول وليس بهذه السهولة يمكن أن تتم الأحكام.. ولا يتعظون مما حدث في تاريخ الإسلام نفسه من وقف الحدود في بعض الأحيان الطارئة.. ولا أن هذه الحدود كانت تليق بالبادية، والآن تغير الأمر إلى الحواضر والمدن ويكفي القانون المدني.. وتكتشف أن من يفعلون بهم ذلك أبرياء لكنها شهوة القتل.

في أي آية من القرآن الكريم يلقى بالمجرم من فوق السطح مثلا؟ وهكذا يشوهون الدين ومن ثم تبدو الأعمال الإرهابية ذات صبغة دينية، فينتفض ضدها العالم المتحضر رغم أن فيه من يفعل ذلك الإرهاب لكن بغطاء سياسي وليس غطاء دينيا.. هذه هي الشعرة بين الإرهابيين التي لا يفهمها أحد وهو يدافع عن إرهاب الجماعات التي تسمي نفسها إسلامية.

ibrahimabdelmeguid@hotmail.com
الجريدة الرسمية