رئيس التحرير
عصام كامل

الجمعية العربية الأفريقية لدعم الاحتياجات ومكافحة الحاجات!


لا يُمكن لنا كمواطنين، أو مسئولين حاليين، أو سابقين أو إعلاميين، أو شباب متعلم مثقف، أو شباب تاني واقف على النواصي في انتظار فُرصة عمل جيدة تنتشله من الضياع، أو مُزَّة جيدة برضو تنتشله من الفراغ وتشغله بمعاكستها أو التحرُّش بها ولو لفظيًا، أن ننكر دور برامج التوك شوك (بمناسبة فُرص العمل ومناهضتها للبطالة) في رفع نسبة العمل، وانتشال الكثيرين من براثن التجميد والاختفاء من على الساحة، والبُعد عن الأضواء!


وعلى الرغم من مُعاناة المُشاهد العادي كُل ليلة، وهو بيتعب صوابعه الغلبانة في البحث بين هذه البرامج عما يبتغيه، وصباعه طالع نازل دايس على الريموت كنترول بحثًا عما يُناسبه ليقضي معه الليل الطويل، قبل أن يُرهق صوابعه تاني في كثيرٍ من الأحيان للرد على ما يقوله بعض ضيوف ومُقدمي هذه البرامج من آراء وفتاوى وافتكاسات، إلا أن هذه المُعاناة تختلف تمامًا عن الانتصارات التي حققها المنتقلون من كنبة المُشاهد الوثيرة في بيته، إلى الكنبة المأنبة اللي من غير ضهر في برامج التوك شو، أو المقعد أبو عَجَل في بعض البرامج الأخرى؛ ليتحول من مُشاهد إلى ضيف بعد امتلاكه للمؤهلات اللازمة لذلك!

ومن ضمن هذه المؤهلات ـ وهذا هو لُب موضوعنا وأساسه ـ أن يبتكر هذا الضيف لنفسه مركزًا أو منصبًا من الفراغ، ولكنه في الوقت ذاته يحمل اسمًا برَّاقًا يشد انتباه المشاهدين، كالخبير الإستراتيجي، أو الخبير الأمني، أو الخبير الرياضي، أو الباحث في شئون الانزلاق الاجتماعي في عالم ما وراء الكينونة المتعاصة، أو رئيس جمعية التوفير في زمن التبذير، أو الجمعية ـ ها قد بدأنا في الدخول لأساس الموضوع أكثر وأكثر ـ العالمية لتربية دود القَزّ، وهي جمعيات غير مطلوبة في زماننا الثوري السياسي الحالي القائم على صراعات متعددة ومستمرة بين فصائل المُجتمع المتناحرة، فيكون لزامًا على مُعدي برامج التوك شو مُراعاة هذه النُقطة، وجلب أعضاء ورؤساء الجهات التالية: الجمعية الشرق أوسطية لبعث الروح الثورية الطليعية في المُجتمعات العُمرانية، والجمعية الأورمتوسطية لنبذ التنابُذ وروح الفُرقة المُجتمعية المصرية.

وعلى الجانب الآخر، خُد عندك: الجمعية الوطنية للتكفير، الجمعية العمومية لذوات الأربع، وجمعية مُساندة الشرعية باستخدام الساطور وميَّة النار والأسلحة الآلية، وخلافهم!

ويا سلام على المحظوظ مُقدم البرنامج لما يجمع في حلقة واحدة بين ضيف من جمعية الأورمتوسطية بتاعت نبذ التنابُذ، وقصاده ضيف تاني من جمعية مساندة الشرعية بالأسلحة الآلية، ويتحول الأمر لمناظرة نارية بين الاثنين بعد اختلافهما على طاولة الحوار الخاصة بالبرنامج، ويقوم واحد فيهم يضرب التاني أو يسب له هو وأهله، والمُذيع قال أيه بيحاول يهدي الجو وهو من جواه بيرقص طربًا لأنه قدَّم للمُشاهدين وجبة دسمة مشطشطة، هايقعدوا يحكوا ويتحاكوا عليها هُما والإعلام والجرايد والمواقع واليوتيوب والفيس بوك كام أسبوع، لحد ما تحصل حادثة إرهابية أو اقتحام بؤرة إجرامية جديدة!

بُناءً على هذا، كنت أفكر في إنشاء جمعية جديدة بدوري؛ للبحث عن مكان لي في استوديو مُكيف في ليالي الشتاء القاسية بدلًا من سقعة كنبة البيت، وأهو الواحد ياخد له شوية شُهرة، على قرشين ينفعوه في الزمن الصعب البائر الحالي اللي كيلو البطاطس فيه عدى 2 جنيه، ما دفع وزارة التموين للتفكير في فرض تسعيرة جبرية على بتوع البطاطس، وبصراحة الوزارة معاها حق، وأرجو منها أنها بعد ما تنجح في فرض التسعيرة الجبرية على تُجار البطاطس، أنها تفرضها كمان على بطاطس الشيبسي والتروشيبس والتايجر؛ لأن هيبة الدولة بالتأكيد أهم بكتير من طَعم الجمبري أو الجبنة المتبلة!

وقررت أن أفتتح (الجمعية العربية الأفريقية لدعم الاحتياجات ومُكافحة الحاجات)، وبالتأكيد لا يغيب عن فطنة وإدراك القارئ المُحترم العزيز المغزى من النسب الجُغرافي للمنطقتين العربية والأفريقية، خاصةً أننا طوال حياتنا نتفوق دائمًا في هذا الملعب، فنمتلك دائمًا أفضل مستشفى عربي وأفريقي (وفي الشرق الأوسط كمان بس ماكانشي ينفع اسم الجمعية يطول عن كدة)، وأكبر استاد عربي وأفريقي، وأفضل جامعة عربية وأفريقية، وأوسع شارع عربي وأفريقي، وأطول خابور عربي وأفريقي، وأزحم إشارة مرور في الوطن العربي وأفريقيا، لدرجة أنها فضلت واقفة متعلقة، وكان فيها طفل رايح يدخل المدرسة الابتدائي في أول يوم دراسة، خرج من الإشارة على تالتة ثانوي أدبي على طول!

وتعتمد الجمعية بشكل أساسي وإستراتيجي على تقديم الدعم اللوجيستي ومد يد العون لأصحاب الاحتياجات (واخد بالك من الكلام المثقف اللي يزغلل عيون مُقدمي البرامج الفضائية والتوك شو؟) مع مكافحة الحاجات المترتب عليها آثار سلبية تؤثر في لبنة البنية الاجتماعية السليمة، وتُضر على المدى البعيد بمصالح اللُحمة الوطنية، وتماسُك الارتباط التاريخي والجغرافي بين أبناء الوطن الواحد!

وتسألني عن المزيد من التوضيح لأهداف وأغراض الجمعية، وتاريخ نشأتها، والسيرة الذاتية لممارساتها وتدخلاتها لتعديل مسار الوطن والمواطنين نحو الأفضل، أجيبك بكل أريحية أنك إنسان فاضي ودماغك رايقة؛ بسبب هذه الأسئلة، لسبب بسيط، هو أنهم في برامج التوك شو، عندما يستضيفونني بصفتي رئيسًا لمجلس إدارة هذه الجمعية، واضعين اسمي الثلاثي ولقبي على الشاشة في إطار شيك ظريف مُلوَّن، فلن يسألوا مثل أسئلتك هذه، وإنما سيمنحونني الفُرصة كاملة للحديث في العلوم السياسية، وأمور التربية والتعليم، وشئون الطب والهندسة، والنواحي الأمنية والاستخباراتية ومتطلبات الأمن القومي، وعلم النفس الاجتماعي، والأيديولوجيات المتسببة في قصور الأداء الوظيفي لكبار المسئولين، وفُرص مصر في التأهل لكأس العالم، وهاتك يا توك (يعني كلام بالعربي).. وهو يعني التوك عليه جُمرك؟! أكيد لأ.. وحتى لو كان عليه جُمرك، فممكن نكلم صديقنا بتاع جمعية أصدقاء ضد هيمنة الجمارك ودعم المتجمركين يخدمنا في هذا الموضوع، ده حتى الجمعيات لبعضيها، وعلى رأي المثل: المليان يتوك ع الفاضي لا مؤاخذة!
الجريدة الرسمية