رئيس التحرير
عصام كامل

العزيز.. عبدالعزيز


قابلت الدكتور الراحل عبد العزيز حجازي لأول مرة في "بوسطن" بالولايات المتحدة الأمريكية عندما كان وزيرًا للمالية أو الخزانة أيام عبد الناصر وأثناء حرب الاستنزاف، كنا مجموعة صغيرة من الطلبة ندرس الدكتوراه وكانت حرب الاستنزاف وكنا نتهافت على الأخبار في أمريكا ساعة بساعة وكان كل شيء في صالح إسرائيل وطبعًا كنا في أشد الشوق لمقابلة أي مسئول لمعرفة الموقف.. ودخلت متأخرًا ووجدت إحدى الزميلات تبكي بشدة وعلمت أن الدكتور حجازي نهرها لأنها سلمت عليه وهي جالسة..


وانقسم الجمع على هذا الموقف.. فريق متفق مع الأستاذ وآخر لا يوافق.. وكان هناك شبه اتفاق على أن نشتد على الدكتور لأننا أحرار في بلاد الحرية وجاء أحد الزملاء الذي يدرس علومًا سياسية ووبخ الزميلة التي نهرها الدكتور وقال لها.. فاكرة نفسك هانم ياللي جاية من...... أنه أستاذ ووالد بالإضافة إلى أنه وزير ويمثل مصر يعني لا ينطبق عليه البروتوكول..

وهنا هدأت النفوس بعض الشيء وتكلم الدكتور عن مشاكل مصر عمومًا وتحدث عن مشروع خط أنابيب البترول من السويس إلى الإسكندرية وأن مصر تطلب بعض المساعدات التقنية وقام مهندس مهاجر وادعى أن مصر تملك الإمكانيات لتنفيذ هذا المشروع واحتد الدكتور وقال إننا لا نملك ونحتاج إلى عون ونصح المهندس أن يقرأ ويتعلم أيضًا.. وتكهرب الجو.. وتحول الأمر إلى أن الدكتور أهاننا وكفانا إهانات وقمت لاعبر عن موقفي وأزيد النار اشتعالا.

ولكن سبحان الله غيرت رأيي في لحظة وسألته عن الــInfilation في مصر لأن كان هناك كلام في الإعلام الأمريكي عن الاقتصاد وانفرجت أسارير الأستاذ وامتدحني وألقى محاضرة مختصرة عن حالة الاقتصاد في مصر وأنهاها بأن هذا هو الطريق للتعلم والمعرفة التي يفتقدها الكثيرون وطلب معرفة اسمي ومؤهلاتي ولكن المسئول عن الندوة "طنش" وسافر الدكتور.

وشاء المولى أن أقابله في صلاة الجمعة في لندن مع الشيخ عبد المنعم النمر -رحمهما الله- وبدأت صداقتنا في منتصف الثمانينيات واستمرت خصوصًا مع الراحل أحمد فراج وأذكر أن الدكتور حجازي حضر أول احتفال للملتقى الثقافي المصري العربي في لندن الذي أتشرف برئاسته في ٢٠٠٢ وكان هذا تشريفًا لنا جميعًا.

رحم الله الفقيد العزيز وكم نحن في أشد الحاجة إلى رجال مثله.
الجريدة الرسمية