رئيس التحرير
عصام كامل

الإعلام المأجور لتسطح العقول



إذا أردت السيطرة على عقول شعب فلتصنع لهم إعلامًا غير هادف يسطح عقولهم فيجعلهم أشخاصًا ليس لهم هدف أو طموح وتتبلد جميع أحاسيسهم بالمجتمع والمشاركة به وتنصب جميع اهتماماتهم على ما نشأ عليه ليصبحوا بذلك فريسة سهلة الاصطياد والسيطرة عليها لتسلك الطريق الذي تريده.

هذا ما يفعله بنا بعض قنوات الإعلام المصرى والقائمون عليها، لا يهمهم الأجيال القادمة ولكن كل اهتماماتهم هو كيفية كسب الأموال الطائلة بأسرع وقت ممكن، فأقدموا على بيع ضمائرهم لمن يدفع أكثر في سبيل تسطيح عقول الأجيال القادمة، بهدف السيطرة عليهم فيما بعد، نرى في شوارع مصر العديد من الشباب من أول وهلة تدرك أنهم ليسوا مصريين وعند الاقتراب منهم تدرك أنهم نسخة مقلدة من نماذج أخرى غير مصرية ففى طريقة مشيتهم وكلامهم وإشاراتهم وكذلك ملابسهم عبارة عن تقليد أعمى لما تلتقطه أعينهم من خلال القنوات التليفزيونية أو مقاطع الإنترنت، وكذلك الفتيات لدينا الكثير منهن مقلدات لما يرونه سواء كان في الملابس أو السلوك أو عمليات التجميل، لقد أصبح الهم الأكبر لشباب بلادى هو تلوين أنفسهم وتزيينها لتكون نسخة كربونية من شعوب العالم الغربى.

هذا ما جعلنى أكتب مقالى فنحن نخسر أجيال المستقبل تحت مسمى الإعلام العربى ولكنه لم يكن عربيا في يوم من الأيام إنه الغزو الغربى تحت ستار مقدمين عرب وممثلين وممثلات انساق كل منهم وراء شهوات الدنيا فأقدم على تطبيع زهور المستقبل بألوان باهتة لتنصهر ألوانها الزهية فتصبح زهرة ماسخة ليس بها لون ولا رائحة.

لابد من اتخاذ إجراءات أكثر حسمًا لما يتم عرضه في جميع القنوات التليفزيونية سواء من أفلام أجنبية أو أغانى أو برامج توك شو فكل هذا يدمر الهوية المصرية بداخل أطفالنا ويخلق لنا جيلا لا يشبه المصريين بل مسخ ليس له روح.

أيها السادة منذ بداية ترعرع أطفالنا نرى في عالم الكرتون كم العنف غير مسبوق بداخله فينمى بداخل الطفل العنف وتخيل المعارك بالأسلحة الفتاكة، ثم نذهب لمرحلة المراهقة التي تحتلها جميع الأفلام التجارية ذات المناظر الخليعة والمثيرة، ثم نذهب لمرحلة الجامعة والشباب الذي من المفترض أن يكون قد نال قسطًا وافرا من الثقافة ولكن هنا نلاحظ أن معظهم لديهم نسبة تسطح عقلى تتفاوت من حيث درجات التعرض للإعلام المأجور الهابط فيبدأ في رحلة البحث عن الهوية وفهم ما يدور حوله من خلال برامج التوك شو السياسية التي تعتمد في مقامها الأول على الربح الإعلانى، الضيوف الذين يتبادلون الألفاظ ويتراشقون بالتهم ولا ننسى أن كل من ليس له أحقية في التكلم بالسياسة المصرية يتكلم بها ويقدم التحليلات والتصريحات الرنانة وبدلًا من أن يكون المذيع هو المرجع الأساسى لجميع المعلومات فيصحح منها الخطأ وينتقى ضيوف الحلقات والمواضيع المطروحة، يجلس هو الآخر منبهرا بما يقال فكل همه الأكبر هو النسبة التي سيحصل عليها من الإعلانات، لك أن تتخيل سيدى القارئ أن هذه هي المراحل التي يمر بها أطفالنا زهور المستقبل فيصبحوا متسطحي العقول، فعند أول نقاش تظهر علامات الفراغ الفكرى بداخلهم.

إن هذا الموضوع ليس مجرد عرض لمشكلة تؤرقنا جميعًا بقدر ما هو موضوع أمن قومى يمس مستقبل أطفالنا حماة مستقبل مصر، كيف سنترك بلادنا في أيادى شباب وفتيات يعرف معلومات عن هيفاء وهبى واليسا وعمليات التجميل ولاعبي كورة القدم في الأندية الغربية ومواعيد صدور أفلام السبكى ولا يعرف عن تاريخ بلاده ومسئوليته تجاهها، لقد تسطح نسبة كبيرة من شبابنا وبناتنا ولابد من إعادة تأهيلهم من جديد ومراعاة الصغار ليشبوا بشكل صحيح سوى يعكس لنا هويتنا المصرية وثقافتنا العربية الأصيلة.
الجريدة الرسمية